كشف، أمس، المفوض العام لجمعية البنوك والمؤسسات المالية عبد الرحمان بن خالفة أن البرنامج الجديد الذي اعتمدته الحكومة والمتمثل في الصناديق الاستثمارية لتمويل مشاريع استحداث المؤسسات سيكون بمثابة "طفرة نوعية" و"انطلاقة حقيقية" لقطاع الاستثمارات المحلية، وهي صيغة تدعم باقي الصيغ الأخرى المعمول بها من طرف أجهزة التشغيل الوطنية، وأيضا تكشف اهتمام أعلى السلطات في البلاد بانشغالات الشباب البطّال الراغب في استحداث مؤسسات مصغرة وذلك بحرصها على تنويع مصادر التمويل واعتماد اللامركزية في التسيير. وأضاف بن حالفة في تصريحات أدلى بها للقناة الإذاعية الأولى، أمس الأحد، أن الخزينة العمومية تضع حاليا آخر اللمسات التقنية لتمويل الصناديق الولائية للاستثمار وعددها 48 صندوق، حيث ستضخ 1 مليار دينار في كل صندوق والتي ستتولى البنوك مهمة تسييرها طبقا لقانون المالية التكميلي 2009، حيث ستساهم في رساميل المؤسسات المستحدثة بنسبة 49 بالمائة، مؤكدا أن كل المؤشرات تدل على أن هذه الصيغة ستكون ذات مردود عال مقارنة بصيغ التمويل عن طريق القروض المباشرة وصيغة الإيجار المالي لتمويل الاستثمارات، وهي الصيغتان اللتان ما يزال العمل جار بهما رغم التحفظات التي أبداها بن خالفة في شأنها في نواح عديدة، حيث أوضح ذات المسؤول أن صيغة منح القروض وصلت إلى مستوى لا يمكن الاستمرار فيه، والشركات المتواجدة الآن أو الناشئة بحاجة إلى رؤوس أموال أساسية. "المناجمنت" والتأهيل.. الحلقة المحورية في مشاريع الصناديق الاستثمارية وردا على سؤال حول استحسان المستثمرين فيما يخص نسبة المشاركة 49 بالمائة مقابل 51 بالمائة، فقال بن خالفة إن النسبة العالية تكون عند المستثمر، لأنه صاحب المشروع. كما أن 49 بالمائة هي أقصى حد، ولكن عند التفاوض ستدرس حالة بحالة. ودخول المشارك في المؤسسة الصغيرة أو المتوسطة، لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل بالمعرفة و"المناجمنت" والكفاءات الفنية، لأنها تكون مرافقة في المجال المالي والتسييري لهذه المؤسسات. وأفاد بن خالفة أن رأس المال الاستثماري المشترك تدخل الدولة فيه كطرف وتتطلب تأقلما مع الإجراءات الجديدة وانفتاحا في مناهج التسيير. ومهما كان رأس مال الشركة المتواجدة، فيمكن لها طواعية أن تكمل القرض في التمويل أو بدخول مساهم مباشر. البنوك العمومية مطالبة بلعب دور كامل وشدد بن خالفة على دور البنوك العمومية في مرافقة المشاريع الاستثمارية للشباب للتقليص من نسبة المخاطر، مؤكدا أن البنوك هي أدوات عمل مكمل، على اعتبار أن الخزينة العمومية هي التي تبتدئ المسار، ولكنها لا تبقى لوحدها لاحقا، حيث يرتقب أن يدخل فاعلون جدد العملية مستثمرون آخرون محليون وأجانب إلى جانب البنوك، هذا التدخل والتكامل سيكون له أثر في تثبيت الرساميل الأساسية، لأنه بدون الرساميل الخاصة لا يمكن للمؤسسات أن تستمر في العمل. لقاءات ومنتديات مبرمجة لشرح تفاصيل عمل الصناديق الاستثمارية على صعيد آخر، ثمّن بن خالفة أداء النظام المصرفي المحلي، حيث قال إنه أصبح أكثر مرونة وتطورا بعد اعتماد هذا الأخير المناهج الجديدة في التسيير التي تعتمد على الرقمنة وتأهيل الكفاءات البشرية. وعن الإجراءات التمويلية المرافقة لمؤسسات تشغيل الشباب، أكد بن خالفة أن التمويل لا يحل محل التنافسية، فلابد من عمل في المجال الاقتصادي والتحكم في الكلفة، وكذا في المجال التقني، خصوصا برنامج إعادة التأهيل، فالتمويل جزء من هذه الديناميكية الكلية. فحسبه، الإجراءات الجديدة سترفع من أداء القطاع، شريطة أن يكون المستثمر ذا مسؤولية اقتصادية ويتعاطى مع محيط الأعمال بشكل إيجابي. ومعلوم أن الصناديق الاستثمارية ستدخل حيز التنفيذ أفريل الداخل، والمؤسسات المالية بحاجة إلى تأهيل مواردها البشرية وأدوات تدخلها وتسييرها، فالشركات حسب بن خالفة شرعت مؤخرا في عملية التواصل مع المؤسسات، كما ضبطت برنامج ملتقيات وندوات في وقت لاحق من الشهر الجاري.