رغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة للنهوض بقطاع الصحة، من خلال تسخير كل الإمكانيات وتخصيص ملايير السنتيمات لتحسين الخدمات الصحية بالمؤسسات الإستشفائية، إلا أن مسألة التحكم في الأمراض والأوبئة تبقى نسبية مقارنة بالارتفاع المذهل لعدة المصابين بمختلف الأمراض المنتشرة بولاية المسيلة، لا سيما التي تحمل العدوى مثل داء السل الذي تجاوز في العديد من المرات المؤشرات المعقولة بسبب نقص الوقاية. وما ساعد في انتشاره في السنوات الأخيرة هو ما يحاط بهذا المرض من الكثير من السرية وعدم الكشف عن العدد الحقيقي لحاملي الفيروس أو المتوفين وبهدف تسليط الضوء أكثر على هذا الداء. قامت "الأمة العربية" باستطلاع آراء المختصين بالمصالح الإستشفائية بالمسيلة، حيث كشفت آخر الإحصائيات المسجلة لدى مديرية الصحة عن إصابة 18 شخصا مستوى عاصمة الحضنة، وبالرغم من أن هذا الرقم بعيد عن المعدل الوطني المقدر حاليا ب61 حالة في 100 ألف نسمة، إلا أن وباء السل المعدي لا يزال يهدد صحة المواطنين الذين يتواجدون بالمداشر والقرى والبلديات النائية بولاية المسيلة، وبدرجة متفاوتة الخطورة. وحسب مصدر من مصلحة الوقاية بمديرية الصحة بالمسيلة، فإن جميع البلديات المتواجدة عبر تراب الولاية سجلت فيها إصابات وليس فقط بلديات "بوسعادة، الحوامد، بئر هني، المعذر، سيدي عامر" بإعتبار أن الداء يتنقل عن طريق العدوى بالنسبة للسل الرئوي. كما أضافت مصادرنا أن الوحدات المتواجدة بالمسيلة ساهمت وبشكل كبير في الكشف المبكر عن الداء عن طريق عمليات التشخيص، التي تتكفل بها ذات الوحدات المتخصصة في وقاية الأمراض التنفسية. وأظهرت الأرقام المسجلة في مطلع السنة الجارية تسجيل 400 حالة جديدة بمختلف المصالح الإستشفائية، والتي يتم التكفل بها إما بتوجيهها للعلاج بالمصحات العمومية أو المتابعة بالأدوية لمدة 6 أشهر، عدا سل الجهاز العصبي والسحايا. وبحسب الأرقام المدّونة في الثلاثي الأول من هذه السنة. فإن عدد الحالات المكتشفة يوميا قد تصل إلى 2 و4 مصابين جدد بالداء، مما يستدعي نقل المرضى المتواجدين في وضع حرج إلى مصلحة الأمراض الصدرية بالمستشفى للتكفل بالحالات المستعصية. وفي ذات السياق، أكد أحد الأطباء ل "الأمة العربية"، وهو مختص في البيولوجيا، ويملك مخبر للتحاليل الطبية، أن مرض السل يزحف من الرئتين إلى العظام والكلى ثم الأمعاء والجلد، وهو مسبب لكثير من الوفيات؛ كما أن الشخص المصاب يجهل حمله للمرض دون أن يدري لمدة أقصاها سنتين، أما التحاليل الطبية التي يتوجب على الشخص المصاب القيام بها تخص السائل المخاطي للكشف عن المرض، وفي أغلب الأحيان فإن الشخص الذي تتأكد إصابته يعزل عن العالم الخارجي ويتم تطعيمه بمضادين حيويين (ستريكتو ميزين) وإيزوليازيد ويواصل العلاج إلى غاية شفائه نهائيا من المرض.