كتيب جديد أصدرته مديرية الثقافة لولاية قسنطينة مؤخرا تحت عنوان: "قسنطينة ذاكرة مدينة" عن مؤسسة " أوريكا" للطبع، وهو عبارة عن مرشد سياحي للولاية، يمكن للزائر التعرف على طبيعة المدينة ومكوناتها أي ما تتوفر عليه من مرافق وهياكل ثقافية ومواقع أثرية، والتعرف كذلك على جسورها و أبوابها السبعة، وكذلك المدينة العتيقة ( السويقة) التي تعتبر القلب النابض بالحياة و الذاكرة التي لا تموت. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في كلمته التي ألقاها غداة زيارته الأخيرة إلى عاصمة الشرق قال فيها: "إن لمدينة قسنطينة جاذبية لا تقاوم، فما يزال زائرها حين يفارقها في حنين و شوق إليها حتى يعود"، وقال إنه لا شك أن الاهتمام بالماضي قريبه وبعيده وبمآثر رجالاته وما فيها من تجارب وعبر يمكننا من التغلب على مشاكل اليوم واستشفاف الغد على بينة وبصيرة، إذ التراث الحضاري للأمم يضيف المجاهد عبد العزيز بوتفليقة ليس سوى رصيدا يترسب عبر حقب التاريخ ويتراكم شيئا فشيئا إلى أن يصبح إطارات مرجعيا أصيلا وذاكرة جماعية تتزود منها الأمم في مواجهة ما يعترضها، وتضيف إليه الأجيال اللاحقة بحسب ما يلائم مقتضيات زمانها، إلى ان يقول أن الماضي هو النبع الذي تفجر منه نهر ثقافتنا، و لكي يظل جاريا متدفقا علينا أن نرفقه بروافد من ثقافات عصرنا و علومه و تكنولوجياته لنساهم في محيط العولمة و إبداعاته أخذا و عطاءً، لأن العالمية الحقة كما قال هي تلك التي تصوغها الشعوب بالتعمق في خصوصياتها، و الإبداع الحقيقي هو ذلك الناتج من تلاحم و تلاقي الخصوصيات في توفيق أصيل يزيده التنوع ثراءً ويُضفِي عليه تماسكًا. وقد أضفت وزارة الثقافة العناية بالآثار والاهتمام بها و نفض الغبار عنها، وإعداد سياسة متكاملة، وهذا ليس دليل على العناية بالماضي فحسب، بالحاضر و المستقبل أيضا، لأن أمة بلا ماضي هي حتما امة بلا مستقبل و حاضرها مشكوك فيه، ولا يمكن لأي كان أن يتجاهل أن تاريخ الجزائر وحارتها ضاربة في أعماق التاريخ بكل أبعاده ( الأمازيغية، العربية والإسلامية) التي انصهرت جميعها في بوتقة واحدة. الكتاب طبع بمؤسسة "أوريكا" إثر تظاهرة المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية لسنة 2011، يؤرخ لمدينة قسنطينة من خلال النبذة التاريخية للمدينة و المراحل التي مرت بها من المرحلة النوميدية، الرومانية، إلى أيام الوندال، ودور أهالي قسنطينة في مقاومة الوجود الروماني، إلى غاية 427 م، ثم المرحلة البيزنطية التي شهدت فيها مدينة قسنطينة ثورات القبائل المورية البربرية حتى الفتوحات العربية الإسلامية، وبمجيء العهد الإسلامي أصبحت قسنطينة ولاية إسلامية بعد 70 سنة من محاولات الفتح الإسلامي لمنطقة بلاد المغرب، وقد ظلت قسنطينة محافظة على إسلامها منذ عهد أبي المهاجر دينار، وفي عهده أصبحت مدينة قسنطينة تابعة إداريا وسياسيا للقيروان دينار، كما يعرض الكتاب ظروف دخول مدينة قسنطينة طوعا في حكم الأتراك و الازدهار الذي شهده سكانها أيام صالح باي، إلى أن سقطت تحت حكم الاحتلال الفرنسي في 21 نوفمبر 1836 م بقيادة كلوزال الذي تمركزت قواته بسطح المنصورة. وقد زود الكتاب بصور لهم المواقع الأثرية التي تزخر بها مدينة قسنطينة ( قصر احمد باي، الأقواس الرومانية، نصب الأموات LE MONUMENT، ضريح سيدي محمد الغراب، المدينة الأثرية تيديس، وضريح ماسينيسا وجسور المدينة السبعة، ومساجدها، و أشهر الزوايا الموجودة بها، منها (زاوية الرحمانية، الطيبية، سيدي راشدو غيرها..)، مع تقديم بطاقة فنية لكل موقع من هذه المواقع، علما أن هذه المواقع تم التطرق إليها من قبل المجلس الشعبي الولائي مؤخرا في دورته العادية الثانية لسنة 2011. إضافة الى ذلك، يعرف الكتيب أو المرشد السياحي لمدينة قسنطينة إن صح القول بأهم ما تزخر به عاصمة الشرق من تراث غير مادي، مثل: النحاس، الألبسة التقليدية ( قندورة القطيفة أو كما تسمى بالمجبود، كذلك الحلويات القسنطينية، ثم أنواع الموسيقى التي تشتهر بها المدينة (المالوف، العيساوة، الشعبانية، الوصفان والفقيرات والبنوتات)، مع ذكر ما قيل عن قسنطينة و هي شهادات قالها أوكتبها أشهر الكتاب والمثقفين والشعراء مثل (مفدي زكريا ومحمد العيد آل خليفة، الطاهر وطار، مالك حداد، والأديب جمال فوغالي، ومن العنصر النسوي احلام مستغانتمي والأديبة زهور ونيسي، وشخصيات أجنبية منهم (أحمد اللنبيري، الفيروزبادي في قاموسه المحيط، غوستلف فلوبير).