الهواية، أو هذه الهبة الربانية التي أودعها الله عباده، تختلف بين البشر وتختلف من مجتمع إلى آخر، حسب إمكانيات كل فرد وقدرات كل مجتمع على الإبداع والابتكار. وتبقى الهواية عالما آخر نهرب إليه لنقضي فيه على هموم تجثم على صدورنا، وعلى أحزان تغلف الروح وتحيط بالنفس. ورغم أن الهواية كما سبق وأشرنا هبة ونعمة من رب العزة للبشر، إلا أن بعضا منهم ابتكروا هوايات شاذة وغريبة عن المنطق وخارجة عن المألوف، كأن تجد هواية تجارة السياسة والاستثمار سياسيا في الدين التي يتفنن فيها الكثير عندنا بتقنية عالية الجودة، وتجد عند بعض المتخمين من أصحاب البطون التي تمتد أمامهم، هوايات أشد غرابة، كأن يربوا في قصورهم الضواري من الوحوش من تماسيح وسباع ونمور وقردة، وحيوانات أخرى، ربما نعتقد نحن البسطاء أنها انقرضت وأصبحت من المتحجرات. وغير بعيد عن قصر هذا "الهاوي"، توجد هوايات أخرى لبسطاء وفقراء من بني جلدتنا، وهي التنقيب في القمامة التي أمام القصور عن بعض فضلات كلاب الأسياد. ورغم ذلك، توجد هوايات ليست سوى تقليدا للغرب، كهواية شراء ساعة كل شهر من سويسرا، ولست أعرف بالضبط إن كان بعضنا مقتنعا بالهوايات التي يقلّدها، أم هي مجرد تقليد لملأ الفراغ لا غير. وكما للأفراد هوايات فردية خاصة بهم، فللجماعات هوايات مشتركة أيضا، فمثلا تشترك جماعة أو شلة في هواية الأخذ في أعراض الناس، وكما توجد هوايات جميلة توجد هوايات غريبة وهوايات أغرب. لكن ماذا عن هوايات الأنظمة العربية؟ فالأنظمة العربية تهوى اقتناء أحدث الهراوات التي ابتكرها الغرب، من الهراوات المكهربة، إلى الهراوات المطاطية التي تترك أشكالا وألوانا قوس قزحية على مؤخراتنا تسر الناظرين، لتكتمل هذه الهواية أمام عدسات الكاميرات حينما تفسر الأنظمة هواية استرجاع النظام والسير الحسن لمؤسساتها على طريقتها الخاصة، عفوا بل على هوايتها الخاصة، مع العلم أن لا مؤسسة عربية واحدة تسير سيرا حسنا، لأن ذلك هواية من هويات زمن الهوان العربي... والآن: ما هي هوايتك المفضلة...؟