تم، ليلة أول من أمس، بباريس عرض فيلم وثائقي بعنوان "مسجد باريس... مقاومة منسية 1940 1944" لمخرجه دري بركاني بالمركز الثقافي الجزائري بباريس تناول الدور الفعال الذي لعبه مسجد باريس وعميده سي قدور بن غبريت في انقاذ عديد اليهود من قمع القوات النازية خلال الحرب العالمية الثانية. ويكشف الفيلم الوثائقي الذي تدور أحداثه على مدار 26 دقيقة للمشاهد صفحة تاريخية غير معروفة ومجهولة لدى الجمهور الواسع والمتمثلة في التضامن الذي أبداه المسلمون تجاه اليهود والمقاومين من خلال إيوائهم في أماكن سرية بمسجد باريس. في سنة 1940 انهزم الجيش الفرنسي امام ألمانيا النازية، حيث يعتبر هذا التاريخ بداية لسياسة القمع التي اشتدت خلال السنوات الأربع من الاحتلال. كما يكتشف المشاهد من خلال شهادة إحدى السيدات التي كانت تبحث عن قبر جدها الذي قتل بالقرب من بوابة مسجد باريس خلال الاحتلال الألماني تاريخا آخر للمسجد، سيما الدور الإنساني لسي قدور بن غبريت الذي جعل من هذا الصرح الإسلامي في فرنسا مأوى لعديد الأشخاص المطاردين من قبل القوات النازية. وجاء في ذات التقرير أن عميد المسجد كان يسلم شهادات غير صحيحة لاعتناق الديانة الإسلامية ليهود من اجل حمايتهم من البطش النازي من بين هؤلاء سليم هيلالي المغني المختص في الموسيقي العربية الأندلسية الذي أنقذه عميد مسجد باريس من المعتقل، حيث سلمه شهادة اعتناق الدين الإسلامي باسم والده. ومن أجل تأكيد ذلك، قام بكتابة اسم أبيه على قبر مجهول بالمقبرة الإسلامية ببونيي. وتظهر قوة شخصية عميد المسجد وسماحته من خلال الشهادات التي جاءت في الفيلم الوثائقي، والتي اكدت بان سي قدور بن غبريت كان دافعه الوحيد في ذلك كله إيمانه بالقيم الإسلامية المشبعة بالتضامن والإنسانية والتسامح وكذا احترامه للروح البشرية. في هذا الصدد، أكد مخرج الفيلم لدى تدخله أن الأشخاص الذين كانوا يلجؤون غالى مسجد باريس يتم تحويلهم فيما بعد من قبل شبكات المقاومة نحوكل من اسبانيا وشمال افريقيا التي دخلها الحلفاء. ويشكل فيلم "مسجد باريس مقاومة منسية 1940 1944" مصدر الهام لفيلم "الرجال الأحرار" للمغربي إسماعيل فروخي الذي عرض في قاعات السينما الباريسية خلال شهر سبتمبر، والذي يعد امتدادا للبحث عن الحقيقة حول دور المسلمين في إنقاذ اليهود من قمع النازيين.