المخرج "زيزي جومباوى" يقدم "بطل" الحرب الأهلية حياة "فيتيريو" وعلاقته بالآخرين، ستكون هو الموضوع الرئيسي في الفيلم، وإلى جانبه ستتفرع مواضيع اجتماعية متداخلة تصب كلها في النتائج الكارثية للحرب على حياة الناس الاجتماعية، والنفسية. ورصد الفيلم الاجتماعي على مدى 97 دقيقة، الحياة الاجتماعية للأفراد بعد الحرب، دون الغوص في تفاصيل الأزمة السياسية ومشاكل البيروقراطية، وإنما عرض حالة الشغف التي يعيشها الناس، لكل ما هو إنساني، ولكل شيء يحمل الأمل في غد آمن دون حروب ومجازر، وبالتالي تتقاطع حياة الأفراد فيما بينها لتعبّر عن معاناة جماعية لضحايا الحرب. أولها قصة المحارب "فيتيريو" الذي جنّد عنوة في الحرب الأهلية، وكان عمره لا يتجاوز ال 15 سنة. وبعد 20 سنة من مشاركته في الحرب، فقد ساقه على إثر انفجار لغم. وبعد أشهر من الانتظار أمام مستشفى لواندا، يحصل على ساق اصطناعية، لكن يتعرض لعملية سرقة، فيفقد هذه الساق. وقصة بائعة الهوى"ماريا بربرا"، التي تفقد ابنها وتمتهن الدعارة حتى تعيل نفسها، وتنسى ما عانته في الحرب. وحكاية "مانو" الطفل الذي ينتظر عودة والده من الحرب، وهو المفتون بكل الأشياء التي لها علاقة بالحرب، من سلاح وأجهزة الاتصال، لأنها تذكّره بوالده الذي لم يره قط، لذلك يضطر "مانو" للسرقة حتى يستبدل ما يسرقه بأي شيء يعود إلى مخلفات الحرب، وكان آخر ما اشتراه ساقا اصطناعية، خبأها لوالده، حتى يستعملها لو عاد دون ساقه. أما المعلمة "جوليانا"، فقد جعل منها المخرج ضمير المجتمع الذي يسرع لمساعدة البطل، وتجد صعوبة التفاهم مع "بيدرو" صديقها العائد من أمريكا، بسبب اختلاف الرؤى بين الاثنين، فهي متعاطفة مع أبناء بلدها، بينما لا يكترث الآخر لما حل بمدينته، لأن نفوذه في السلطة مكّنه من إيجاد عمل في الحكومة. و لمح الفيلم الذي أنجز في 2004، إلى مشاكل التمييز والتفرقة التي يعيشها الشعب، مقارنة بالامتيازات التي يحصل عليها السكان من أصل برتغالي، وهي أحد الآثار السلبية للاحتلال البرتغالي للبلاد، التي لم تستطع بسياستها وإداراتها دون الاعتماد على البرتغال، على الرغم من نيل استقلالها منذ نوفمبر 1975. وتطرق العمل لانحراف الطفولة وتشردها، خاصة الأطفال الذين تاهوا في الحرب ولم يجدوا أثرا لأهاليهم. ركز المخرج على الصورة المقربة التي تعطي أهمية للشخصيات وتبرز ملامحها، وكذلك اعتمد على اللقطة القصيرة في نقل الحوار الذي تشكّل على الإنسانية لم يدخل إلى النقاش السياسي، ومتاهات الجدال والصراع على السلطة، الذي أدخل البلد في عتمة الحرب لمدة 27 سنة. كما استعمل زيزي الحركة الموازية لتحرك الشخصيات، وانتهى العمل بنفس اللقطة الفوقية التي بدأ بها، والتي ترصد لواندا من فوق، وهو أسلوب الأفلام الوثائقية والواقعية التي تنقل صورة حقيقية عن الأماكن.