يواصل شقيق الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" في الحلقة الأخيرة من هذا الملف شهادته عن ظروف وملابسات وفاة شقيه، ويفجر مفاجآت تنشر لأول مرة، ومن جانبنا نعرض عدة وثائق هامة تكشف عن مؤامرة اغتيال عبد الناصر التي نسجتها للأسف أياد عربية تدعي الإسلام . في البداية يتحدث الدكتور عادل عبد الناصر عن الساعات السوداء التي مرت على مصر والأمة العربية عقب وفاة الزعيم، فيقول : كان علم رئيس الجمهورية فوق الباب الرئيسي منكسا، وهو العلم الذي لا يتم تنكيسه إلا عند وفاة رئيس الجمهورية، وأقلعت الطائرة الهيلوكبتر رقم 1029 تحمل جثمان جمال عبد الناصر في رحلته الأخيرة، وخلفها أقلعت طائرتان أخريان، وبدأ مشهد حديقة قصر القبة كأن سرادق مأتم، فقد بدأ جنود الحرس الجمهوري يتساقطون علي أرض الحديقة وعيونهم معلقة علي الهيلوكبتر التي تحمل جثمان الرئيس، وأغمي علي عدد كبير منهم، ثم شهدت السماء مشهدا أكثر حزنا، فقد حلقت الطائرة التي تحمل جثمان الرئيس في دورتين فوق منزل الرئيس وقصر القبة، ثم أخذت طريقها نحو أرض الجزيرة، وهناك أخذت تحلق علي ارتفاع منخفض يتصاعد إليها صراخ الجماهير ونحيبها الهادر، تلوح بالمناديل البيضاء للطائرة التي تحمل جثمان حبيب الملايين، وكان هتاف الملايين: ناصر.. ناصر، وهبطت الطائرة.. وكان في انتظارها سيارات إسعاف وست سيارات جيب، وحمل الجثمان إلي عربة الإسعاف الأولي .. وفي العاشرة تماما بدأ الموكب يتحرك تتقدمه الدراجات البخارية مخترقا شارع النيل وميدان سعد زغلول إلي مبني مجلس قيادة الثورة، وفي تلك اللحظة حلقت ثلاثة أسراب جوية في تشكيل رباعي علي ارتفاع منخفض، وكانت الجماهير لا تزال تصرخ في هدير حزين: ناصر.. ناصر. وكانت منطقة الجزيرة منذ الصباح الباكر، من مدخل كوبري قصر النيل حتى مبني قيادة الثورة قد امتلأت بمئات الآلاف من المصريين والآلاف من باقات الزهور تلفها الشرائط السوداء. وينتقل الدكتور عبد الناصر للحديث عن سرادق العزاء، وفي تلك اللحظة لم يتمالك نفسه وتساقطت دموعه وكأنه رجع أربعة عقود للوراء ليعيش اللحظات الأليمة من جديد، ثم يقول :عبر مكبرات الصوت ارتفعت أصوات المقرئين مصطفي إسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد وغيرهما وهم يتلون آيات القرآن الكريم.. كان المشهد شديد الرهبة والجلال.. وعلي الناحية الأخرى من ضفة النيل لم يكن في الاستطاعة رؤية شبر واحد من الأرض خاليا، وكأن مصر كلها قد احتشدت لتوديع ابنها العظيم، وفوجىء رجال الأمن في مجلس قيادة الثورة بحوالي مائة شاب أمام المبني .. وعندما سألوا كيف استطاعوا تخطي الحواجز والموانع، قالوا إنهم باتوا ليلتهم فوق رؤوس أشجار حديقة الحرية.. ليكونوا في انتظار جثمان عبد الناصر، وفي الساحة الداخلية لمجلس قيادة الثورة كانت الورود الحزينة في كل مكان، يطل عليها مكتب عبد الناصر الذي قضي فيه السنوات الأولى للثورة، وهناك كان محمد حسين هيكل واقفا يمسح دموعه التي لا تريد التوقف، وأخيرا وصلت سيارة الإسعاف التي تحمل الجثمان، وعندما فتحت أبوابها وتقدم رجال الحرس الجمهوري لحمل النعش، امتدت نحوه مئات الأيدي، وكانت لحظة بكي فيها الجميع، ضباط الحرس.. أعضاء الوفود العربية.. مدير مكتب الرئيس حارسه الخاص.. عشرات غيرهم، وتدافع الجميع فاقدين سيطرتهم علي أنفسهم فألقوا بأنفسهم علي المنصة التي وضع النعش عليها، وعلا النحيب والصراخ والبكاء واللوعة والأسى . ويضيف الدكتور عادل : في نفس اللحظة كان أنور السادات وعلي صبري وزكريا محيي الدين يجاهدون لاختراق كتل البشر المتلاطمة التي ملأت الساحة فجأة حتى يصلوا إلي مكان النعش .. وكذلك فعل الرئيس جعفر النميري ومعمر القذافي والأسقف مكاروس وكوسيجني رئيس الوزراء السوفيتي وياسر عرفات، ثم بدأت محاولات مضنية لإفساح الطريق أمام عربة المدفع لتصل إلى مكان النعش، لكن العربة لم تستطع سوي الوصول إلى مكان يبعد ثلاثة أمتار عن مكان النعش، فاندفع ضباط الحرس الجمهوري يحملون النعش ويضعونه علي عربة المدفع، التي اصطف علي جانبيها حرس شرف من أربعين ضابطا برتبة لواء، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتثبيت النعش فوق العربة احتياطا، وسط محاولات الملايين حمل النعش فوق أكتافها، وفي خارج مبنى مجلس قيادة الثورة اصطف الملوك والرؤساء الذين حضروا للمشاركة في وداع عبد الناصر الوداع الأخير، ثم أعطي الفريق سعد الدين متولي كبير الياوران إشارة بدء تحرك الجنازة، وكانت قد أعطيت أوامر لجميع مواقع السلام في أنحاء مصر بأن تطلق في نفس هذه اللحظة 21 طلقة.. ما عدا مدفعية السلام في القلعة التي أطلقت 101 طلقة ومثلها مدفعية السلام الخاص بالأسطول البحري في الإسكندرية، وتحركت عربة المدفع التي تحمل نعش الرئيس جمال عبد الناصر، وخرجت من بوابة مبني مجلس قيادة الثورة، وتوقفت أمام الرؤساء والملوك الذين كانوا في انتظارها، وأمامهم كان يقف أبناء الرئيس وإخوته خلف عربة المدفع، فبدأ الموكب المهيب.. ويواصل الدكتور عبد الناصر قائلا : تحركت العربة لتخوض في بحر متلاطم من مئات الآلاف من المصريين، وعلت الأصوات الحزينة الباكية: الله أكبر.. الله أكبر.. وتزايد تدافع المشيعين في الطريق الضيق، وكان واضحا استحالة أية إمكانية لتحرك الجنازة الرسمية رغم كل الترتيبات، وكان لابد من صدور قرار بأن تتوقف الجنازة عند ميدان سعد زغلول، وأن يكون العزاء عند نهاية سور مبني مجلس قيادة الثورة، ولم تقطع الجنازة سوي عشرة أمتار فقط، وكان الإرهاق قد تغلب علي أنور السادات، وبدأ العرق يتصبب بغزارة علي وجهه، فطلب من مرافقيه العودة إلى مبني مجلس الثورة، وسار بضع خطوات ثم شعر بهبوط فحمله أحد المرافقين قبل أن يحضر أحدهم مقعدا ليجلس عليه، وأعطي السادات قرصا منشطا للقلب والشرايين، ثم نقل بمقعده إلى مكتب أركان حرب مبني مجلس قيادة الثورة، ورافقه جعفر النميري وطبيبه الخاص الذي فحصه وتبين أنه يعاني من هبوط، وتقدم جعفر النميري ليقدم كوب ماء لأنور السادات، وأسرع إلى المكان محمد حسنين هيكل وعلي صبري للاطمئنان علي أنور السادات، ثم وصل فريق من الأطباء لإسعافه وإسعاف علي صبري أيضا بعد أن أجرى رسم قلب لكل منهما، وقرر الأطباء نقلهما إلى قصر القبة للاستراحة، لكن تم نقلهما إلى منزليهما. أما حسين الشافعي فقد لازم الجنازة، وسار خلف نعش ناصر يردد عبارة "الله أكبر"، بعد أن رفض اقتراحا بأن يركب سيارة مصفحة.. وعلى مقربة منه سقط الدكتور عزيز صدقي وزير الصناعة مغشيا عليه، فقد كان يوم السقوط . ومن اللحظات الحزينة إلى الوثائق الهامة يبحر بي الدكتور عادل عبد الناصر في مجموعة جديدة من الوثائق التي احتفظ بها، والتي تكشف بعض من أسرار وفاة شقيه المفاجئة، أول هذه الوثائق التي نعرضها في هذه الحلقة عبارة عن تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية تم إعداده أواخر عام 1956 بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر، وهذا التقرير يتناول احتمالات نهاية نظام حكم ناصر في مصر ويحدد السبيل في خيارين : الأول هزيمة عسكرية ساحقة، والثاني اغتيال جمال عبد الناصر، أما الوثيقة الثانية فهي عبارة عن محضر الجلسة الأولى من محاضر اجتماع حلف شمال الأطلنطي في شتاء عام 1964م والتي عقدت لمناقشة ورقة العمل التركية التي أعدها وزير الخارجية التركي وتحمل عنوان "تصفية عبد الناصر"، ويضيف الدكتور عادل وهو يعرض علي هذه الوثيقة: أما محاضر الجلستين الثانية والثالثة لهذا الاجتماع، فما زالت محظورة ولن يسمح بالإطلاع عليها قبل عام 2014م، ومحضر هذه الجلسة الذي يناقش ورقة العمل التركية يتحدث عن الدور المشاكس والمضاد لمصالح الغرب الذي تلعبه مصر بزعامة عبد الناصر عبر العديد من المشكلات التي تسبب فيها عبد الناصر من إنجاح الثوار الجزائريين في تطهير بلادهم من الوجود الفرنسي، إلى إفشال فكرة الأحلاف العسكرية - شراء الأسلحة من الكتلة الشرقية – تأميم القناة - تمصير وتأميم المصالح الأجنبية في مصر – الوحدة مع سوريا .. ثم ثورة اليمن وهى الطامة الكبرى بالنسبة لمصالح الغرب .. فوجود الجيش المصري في اليمن لمساندة الثوار أدى إلى نشوء وضع خطير، وهو تحكم مصر في طريق المواصلات بالبحر الأحمر من الشمال عبر قناة السويس، ومن الجنوب عبر مضيق باب المندب، كما أن هذا الوجود يهدد بزوال العرش الملكي السعودي الذي يحارب الثورة اليمنية وهو العرش الذي يضمن تدفق البترول إلى الغرب بكل يسر . وتعرض الوثيقة إلى الأطراف العربية التي تعادى طموحات جمال عبد الناصر وسياساته وتحددها في المملكة العربية السعودية والأردن وليبيا تحت حكم الملك السنوسى، كما تلفت النظر لسوء العلاقات المصرية السورية والمصرية العراقية كما تتحدث عن النفوذ المصري في إفريقيا المعادى لمصالح الغرب، وتدعو لدراسة الاقتراح بتوجيه ضربة عسكرية موجعة إلى عبد الناصر، كما تطالب بتحويل اليمن إلى مستنقع يغوص فيه الجيش المصري مما يساعد على إنجاح الضربة العسكرية الموجهة إلى مصر، مع التنبيه على أنه إذا استمر الوضع الحالي في اليمن فإن العرش السعودي مهدد بالزوال عام 1970م ، وللمفارقة العجيبة أن هذا العام هو الذي شهد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، بدلا من تحقيق الاحتمال الأول، وهو ما يفتح الباب حول التساؤل عن الدور السعودي في وفاة عبد الناصر، خاصة وأن عديد الوثائق تحدثت وكشفت عن مؤامرة سعودية – صهيونية عام 1967 قام فيها العرش السعودي بدفع الكيان الصهيوني بضرب مصر على نفقة الرياض، وسيأتي وقت آخر لنعرض فيه هذه الوثائق بالتفصيل، حيث يضيق الوقت هنا يضيق لسردها، فمؤامرات العرش السعودي على العروبة والإسلام منذ بداية حكمهم الشيطاني وحتى اليوم لم ولن تتوقف، المهم أنني أعد قارئي الكريم أنني على وشك استكمال بحثي في سلسلة كبيرة أفضح بها بمشيئة الله جرائم العرش السعودي ضد العرب والمسلمين وتواطئهم مع الأعداء للقضاء على الأمة، وفي هذه السطور سأتعرض لجزء ضئيل من تلك المؤامرات . ونصل الآن إلى الوثيقة الثالثة في موضوعنا وهى من أخطر ما يكون، وتاريخ الوثيقة 27 ديسمبر 1966م، وتحمل الوثيقة رقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودي، وهى مرسلة من الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، وقد سبق لي أن اطلعت على هذه الوثيقة في كتاب "عقود من الخيبات" للكاتب حمدان حمدان طبعة دار بيسان صفحتي 489-490 ، وفيها يقول الملك العربي المسلم مخاطبا الرئيس الأمريكي : "من كل ما تقدم يا سيادة الرئيس ومما عرضناه وبإيجاز يتبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعا، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا، فلن يأتي عام 1970م كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت وعرشنا ومصالحنا في الوجود، ولذلك فإني أبارك ما سبق للخبراء الأمريكان في مملكتنا أن اقترحوه لأتقدم إليكم بالاقتراحات التالية : - أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل لتقوم بهجوم خاطف على مصر، تستولي به على أهم الأماكن حيوية في مصر لتضطر مصر بعدها لا إلى سحب جيشها من اليمن صاغرة، بل إشغال مصر بإسرائيل عنا لمدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه خلف القناة ليحاول إعادة مطامع محمد على وعبد الناصر في وحدة عربية" . إلى هنا ينتهي الجزء الخاص بمصر في الوثيقة، وإن كانت الوثيقة تشمل أيضا خطط للملك السعودي ضد سوريا وفلسطين، وهذا الملك للأسف كان من أفضل حكام آل سعود عند الشعوب العربية، وهو ذاته الذي صدرت منه تلك المؤامرات، فما البال بما من هو أسوأ منه مما سبقه وخلفه؟، ومن هذه الوثيقة نلاحظ الآتي :- - السيد (كيرميت روزفلت) المذكور في رسالة الملك السعودي هو رجل المخابرات الأمريكية الشهير المسؤول عن الانقلابات العسكرية في سوريا أواخر الأربعينيات، وهو المسئول أيضا عن مخطط الانفصال بين مصر وسوريا عام 1961 . - زوال العرش السعودي عام 1970م إذا استمرت خطط جمال عبد الناصر واستمرت قواته في اليمن .. وهنا نتذكر ورقة العمل التركية في محضر حلف شمال الأطلسي عن زوال العرش السعودي عام 1970م . - الخطة التي اقترحها الملك السعودي للعمل ضد مصر هي ذاتها خطة العدوان الصهيوني في جوان 1967، وبالربط بين ضرب مصر عسكريا ومستقبل العرش السعودي عام 1970م، نعود للوثيقة الأولى للمخابرات المركزية الأمريكية التي ترى أن الحل بالنسبة "لمشكلة عبد الناصر" هو الهزيمة العسكرية الساحقة أو اغتياله، والجدير بالملاحظة أن عبد الناصر هزم عسكريا عام 1967م وتوفى عام 1970م . ونصل الآن إلى آخر وثيقة عن موضوعنا وهى الوثيقة رقم 28 بملحق وثائق كتاب "بين الصحافة والسياسة" للأستاذ محمد حسنين هيكل طبعة دار المطبوعات للنشر والتوزيع – لبنان عام 1984 ، وهذه الوثيقة عبارة عن مذكرة بخط الوزير سامي شرف مرفوعة للرئيس جمال عبد الناصر بتاريخ 03 جوان 1970 ، وهى ترصد مجموعة من التحركات التي تتم ضد مصر على الصعيدين الداخلي والخارجي، وقد قام الأستاذ هيكل بالشطب على كلام الوزير سامي شرف الذي يرصد هذه التحركات لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي وقت صدور الكتاب، ولكن ما يتعلق بموضوعنا هو تأشيرة بخط يد الرئيس عبد الناصر على الطرف الأيسر أعلى الصفحة كتب فيها : "لقد تقابل على أمين في روما مع أحد المصريين المقيمين في ليبيا، وقال له أن الوضع في مصر سينتهي آخر سنة 1970، مرة أخرى عام 1970 التاريخ الذي يتكرر في كل الوثائق كحل لمشكلة جمال عبد الناصر، لقد كان على أمين هاربا من مصر بعد اتهام أخيه مصطفى أمين بالتجسس على مصر لمصلحة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكانت الشبهات تحيط بعلي أمين أيضا لذا فضل أن يظل خارج مصر، ولكن كيف علم على أمين أن الوضع في مصر سينتهي آخر 1970 ؟، لقد توفى الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970م، أي قرب نهاية العام، وبوفاته انقلبت أوضاع كثيرة سواء في مصر أو في الوطن العربي كله، والآن بتجميع كل هذه الوثائق معا وبالمعاني الواضحة التي نستشفها منها يمكن أن التأكد بأن وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في هذا التاريخ تمت بفعل فاعل . ومن ضمن الأقاويل التي أثيرت حول وفاة عبد الناصر، تلك المتعلقة باتهام إحدى بنات ناصر للسادات بالضلوع في قتل أبيها، ونعود هنا إلى الدعوة القضائية التي رفعتها السيدة رقية أنور السادات ضد الدكتورة هدي عبد الناصر منذ سنوات قليلة، حيث طالبتها بتعويض قدره مليوني دولار عن الضرر الذي لحق بها من جراء ما صرحت به الدكتورة هدي عبد الناصر من أن والدها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مات مقتولا وأن السادات قتل عبد الناصر لحساب المخابرات الأمريكية . وجاء آنذاك في تلك الدعوى التي أقامتها السيدة رقية السادات وقدمها إلى المحكمة محاميها : "أن للرئيس أنور السادات حيا أو ميتا حضوره القوي المتوسع في مجمل الحياة المصرية منذ بداية السبعينيات. وقد تكون سياسات السادات وأفكاره وسماته الشخصية مثار نزاع وجدال لا ينتهي، لكن الأمر الذي لا يحتمل الخلاف هو ذلك الأثر المدوي الذي تركه السادات محليا وعربيا ودوليا خلال سنوات حكمه، التي امتدت منذ رحيل جمال عبد الناصر المفاجىء في 1970 إلى النهاية المأساوية الدامية في حادث المنصة الشهير في أكتوبر 1981 ، لكن الحقيقة أن كفة العداء للسادات هي الراجحة وأن رفضوا السادات في الواقع المعاش أكثر من مؤيديه ومحبيه". وأضاف محامى رقية أنور السادات في عريضة دعواه أن القصة بدأت بمكالمة هاتفية بين هدي عبد الناصر والإعلامي عمرو الليثي، الذي سألها: كيف تفسرين وجود أربعة روايات مختلفة لهيكل عن وفاة عبد الناصر، وروي لها الروايات الأربع، ثم سألها: أنتي شايفة عبد الناصر مات ازاي؟، فقالت له: عندي إحساس أن عبد الناصر مات مقتولا! فقال لها: طيب ما رأيك أن نسجل هذا الكلام في برنامج اختراق! ,كانت هدي عبد الناصر في الساحل الشمالي واتفقت مع عمرو الليثي علي التسجيل، وحضرت لمدة 24 ساعة فقط لتسجيل الحوار، وبدأ عمرو الليثي باستعراض روايات هيكل والتي كان منها أن عبد الناصر أصيب بأزمة قلبية بعد أن سمع نشرة أخبار الخامسة وكان في البيت، لكن الدكتور أحمد ثروت رفض أن يوقع علي تقرير الوفاة الذي يقول أن ناصر مات بأزمة قلبية، وانتهي عمرو الليثي إلى أن ذلك يشير إلى وجود شبهة جنائية في وفاة عبد الناصر . يذكر أن عمرو الليثي ذهب إلى منزل هدي عبد الناصر بالزمالك حيث تعيش في الطابق 28 وداخل المنزل وجد صور عبد الناصر تملأ الجدران وهناك صورة كبيرة للسيدة تحية عبد الناصر مع أولادها. وسألها: هل مات عبد الناصر مديونا؟، فقالت له هدي عبد الناصر: نعم مات مديونا وكانت عليه فلوس البيت الذي بناه لمني لكي تتزوج فيه وترك فقط بوليصة تأمين بمبلغ 2500 جنيه "ما يعادل 500 دولار حاليا"، وكان في حصالته 275 جنيها فقط " 50 دولار تقريبا". وسألها عمرو الليثي بشكل مباشر: هل مات عبد الناصر مقتولا؟ وكانت إجابة هدى عبد الناصر المباشرة: أظن أنه مات مقتولا.. ليست لدي معلومات أو أدلة قوية لكن هناك عدة شواهد تشير إلى ذلك! فسألها عمرو الليثي: ولماذا سكتي طوال هذه المدة؟ فقالت له: لم أتحدث لأن لدي مجرد إحساس والفترة السابقة لوفاته لم يكن يقيم في البيت وكان يقيم بشكل شبه دائم في فندق هيلتون، حيث عقد مؤتمر القمة العربية ووقتها لم تكن نعرف كيف يأكل وكيف يشرب. فقال لها عمرو الليثي: إذا كان عبد الناصر مات مقتولا.. فمن قتله؟ فردت عليه هدى عبد الناصر بمنتهي البساطة: أنور السادات! لذلك يقول محامي رقية السادات في دعواها: كانت الإجابة مذهلة، فقد اختار عبد الناصر بنفسه السادات نائبا لرئيس الجمهورية .. فلماذا يقتله السادات؟، قالت له هدي عبد الناصر: لقد عرفت أن السادات كان يقيم في الغرفة المجاورة لعبد الناصر في فندق هيلتون! فرد عليها عمرو الليثي: لكن هذا ليس مبررا كافيا لهذا الاتهام الخطير؟ فقالت له هدى عبد الناصر: بعد مرور خمسين سنة علي الثورة تم الإفراج عن الوثائق الأمريكية الخاصة بثورة جويلية 52 وأشارت الوثائق إلى أن السادات كان عميلا للمخابرات الأمريكية، وإذا كانت المخابرات الأمريكية تستهدف القضاء على عبد الناصر واغتياله فان السادات نفذ هذه المهمة لحسابها، واستنكر عمرو الليثي هذا الاتهام .. ففي لقاء سابق له مع جيهان السادات سألها عما يردده حسين الشافعي عن أن السادات كان عميلا للمخابرات الأمريكية وكان يتقاضى مقابل ذلك 05 آلاف دولار شهريا، فقالت له: هذا الكلام كذب وافتراء وغير صحيح! فقال لها: إذا كان هذا غير صحيح فلماذا لم تقاض جريدة الواشنطن بوست الأمريكية التي قالت هذا الكلام؟، فقالت له جيهان السادات: لم نر هذه الجريدة!، وعاد عمرو الليثي ليقول لهدى عبد الناصر : هل أنت متأكدة من هذا الاتهام؟، فردت عليه قائلة: ليس لدي دليل.. لكنها شكوك قوية!