كشفت وثائق بريطانية من أرشيف القنصلية البريطانية في الجزائر المستعمرة، عن "استعداد نفسي للجنود الفرنسيين" من أجل ارتكاب المجازر البشعة بحق الجزائريين يوم 8 ماي 1945. وفي نسخ من التقرير الذي أعده اريك جون ماكلين كارفيل، القنصل العام البريطاني في الجزائر آنذاك، ووجه للسفير البريطاني بباريس داف كوبر بتاريخ 23 ماي، أي بعد أسبوعين من المجزرة البشعة، هذا التقرير الذي نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية النسخ المصورة والأصلية منه، كشف عن النوايا المبيتة للجيش الفرنسي، لارتكاب مجازر سطيف وخراطة، وقال القنصل البريطاني العام في التقرير الذي أرسله لسفارة بلاده بفرنسا، أن الفرنسيين لو لم يكونوا حريصين على ارتكاب تلك المجازر، لما سالت كل تلك الدماء، مشيرا إلى أن الاستعمار الفرنسي، حشد قواته عند المسرح الأوربي، في دلالة على تلك النوايا المبيتة، أو الحرص الذي ذكره أريك جون ماكلين في تقريره. المذكرة التي خطها القنصل بيده، تُلخّص أسباب الأحداث التي أطلقها جنون جندي فرنسي فقد عقله يقول القنصل، الذي أشار إلى عدم قدرة الإدارة الفرنسية على معالجة واحتواء الانتفاضة بطرق أخرى. و تكشف الوثائق التي تنشر لأول مرة، رفض القيادة البريطانية والأمريكية توجيه مساعدات عسكرية لحليفتهما فرنسا إلى منطقة سطيف وخراطة والشمال القسنطيني، للمشاركة في قمع الجزائريين الذين ثاروا على سياسة الكذب الفرنسي والتسويف، التي لجأت إليها، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وانتصار الحلفاء على الألمان، حيث سبق لفرنسا أن وعدت بالانسحاب في حالة ما إذا تم تحرير التراب الفرنسي من التواجد الألماني، و الانتصار على النازية، لكن سقوط النازية أظهر نوعا آخر أكثر قابلية للإجرام وأكثر نازية من الجيش الألماني. ظهور هذه النسخ من المذكرة الرسمية الصادرة عن قنصلية بريطانيا، يفتح باب البحث عن الأرشيف الجزائري، أو أجزاء منه في مناطق ظل أخرى غير الأرشيف الفرنسي، حيث تشكل الممثليات الأجنبية مصدرا هاما لجمع الأرشيف، بينما تعتبر مذكرة القنصلية البريطانية إدانة ديبلوماسية رسمية لبلد بحجم بريطانيا لهمجية الاستعمار الفرنسي، وفترة تواجده بالجزائر، في وقت أعادت فيه بعض الأعمال الفنية حول الاستعمار الفرنسي بالجزائر، حرارة الحديث عن الجرائم الفرنسية، كفيلم "الخارجون عن القانون" لصاحبه رشيد بوشارب، وقبل ذلك فيلم الأهالي الذي أثار جدلا فرنسيا واسعا.