"مظاهر الاحتلال الصهيوني لفلسطين هي نفسها التي عاشتها الجزائر خلال الثورة" " 11 ديسمبر 1960 غيّر مجرى التاريخ وأعطى القوة للمُستعمرات لتقرير مصيرها" نظمت أمس بقاعة السينما ببلدية قديل، فعاليات الندوة التاريخية المخلدة لمظاهرات 11 ديسمبر 1690 والتي أشرف على تنظيمها الدكتورة السيدة وهراني إلهام الأمينة الولائية المُكلفة بالهجرة والجالية لأبناء المجاهدين، وسط حضور مكثف للأسرة الثورية من مجاهدي المنطقة الخامسة، إلى جانب تسجيل حضور السلطات المحلية مُمثلة برئيس البلدية وأحد الأعضاء، والتي أشرف على إحياءها أيضا كلّ من الأساتذة منور صم، والحاج بالمهدي عضو بالأمانة الوطنية لأبناء المجاهدين، فضلا ًعن المجاهدة، التي كانت شاهد عيان على وقائع مظاهرات 11 ديسمبر المجاهدة والسيدة وهراني فاطمة الزهراء. إحياء للذكرى الخمسين لمظاهرات 11 ديسمبر، انطلقت فعاليات هاته الذكرى التارخية أوّل أمس، بإطلاق دورة رياضية في لعبة "الكرة الحديدية" على مستوى ذات البلدية من تنظيم جمعية "الأمل" التي تنشط تحت لواء إتحاد الجمعيات لولاية وهران الذي يرأسه السيد "قدّار نساخ"، حيث استهل البرنامج العام بإلقاء كلمة من طرف الدكتورة "وهراني إلهام" التي قدمت إطلالة وجيزة عن فحوى المناسبة التاريخية وألقت بكلمة شكر للحضور، لتحيل الكلمة للأستاذ الجامعي "منور صم" الذي لمح إلى أهمية الحدث، "فالشعب عبّر من خلال خروجه إلى شوارع المدن الكبرى سنة 1960 عن إرادته ورغبته في نيل الاستقلال..." مشيراً إلى أنّ الانطلاقة الفعلية للمظاهرات الحاشدة كانت من عين تموشنت وتواصلت إلى باقي ولايات الوطن، لتنفجر بالعاصمة التي كانت تعتبر آنذاك عاصمة سياسية للعدو ومركز تنظيم الاستراتيجيات، في حين نوّه ذات الأستاذ إلى الفوارق التي صنعت الفارق بين فرنسا كرابع قوة عسكرية واقتصادية خلال القرن الماضي بعد كلّ من الولاياتالمتحدة الأمريكيّة، بريطانيا وروسيا وبين الجزائر الّتي كان مواطنوها محرومين من كلّ أشكال التطوّر، مُؤكداً أنّ "ديغول" اعتمد على عامل التفرقة في أوساط فئات الشعب، سيّما وأنّ، حسبه، فرنسا اعتمدت على ترويج إشاعة، مفادها أنّ حزب الثورة جبهة التحرير الوطني تعرض للتشتت والاضمحلال، الأمر الذي دفع بخروج آلاف الجزائريين إلى الشوارع لتكذيب هاته الاشاعات، مشيراً أنّ فرنسا بعد أن علمت أنّ القرار بيد الشعب حاولت إقناع أعضاء الجبهة بالتنازل عن جزء من صحراء الجزائر، وحينها استشهد العقيد لطفي هناك، وبالموازاة مع ذلك، اعتبر ذات المتحدث أنّ تواجد الإعلاميين والصحفيين الأجانب بالجزائر العاصمة أسهم في تدويل القضية، التمهيد لاستقلال الجزائر برمتها. وفي ذات السياق، ألقت المجاهدة السيدة وهراني فاطمة الزهراء الملقبة ب" لبؤة" المنطقة الخامسة، محاضرة مستفيضة سلّطت من خلالها الضوء على نداء الجزائريين خلال مظاهرات 11 ديسمبر 1690 كان " لا للاستغلال نعم للاستقلال"، ما دفع بالجنرال "ديغول" إلى الرّد بمقولته الشهيرة "فهمتكم"، الذي حاول بعد أن فقد السيطرة على الوضع العام الذي طبع شوارع المدن الجزائرية، الدخول في مفاوضات سرية مع أعضاء حزب جبهة التحرير داخل الجزائر وخارجها، وقدّمت المجاهدة معلومات هامة، كان المستفيد الأكبر منها تلاميذ المؤسسات التربوية لقديل، منها أنّ اختيار تاريخ 5 جويلية يوما للاستقلال لم يكن محل صدفة، وإنّما هو يوم مصادف لدخول المستعمر الفرنسي أرض "الأحرار" الذي كان نفس التاريخ من عام 1830، ولعلّ أهم ما تطرقت إليه الأخيرة يتمثل في نية فرنسا في استغلال بعض الدول الإفريقية الفقيرة على غرار "كوت ديفوار" و"السودان" التي تحتوي على ثروات هامّة، حيث عبّرت أنّ نوايا فرنسا واضحة في هذا الشأن، حاليا، في بسط هيمنتها على هذه الدول في شكل استعمار غير مباشر. مقابل ذلك، حُوّلت الكلمة لأستاذ علم النفس الدكتور طيبي الذي قدّم محاضرة ثرية بالحقائق والتحاليل، معرجا أكثر على الجانب الأكاديمي وأبعاد الرسالة التي أراد الشعب توجيهها للعالم قاطبة، والتي قال بشأنها إنّها أبعادٌ ذي قيم عالية، معتبراً أنّ التاريخ هو وقائع ما يعني أنّ تحليل المفاهيم من حيث تسلسل الأحداث الوطنية يعدّ فيض من الوقائع والمستجدات التي لا تزال تستهوي أبحاث المنظرين والباحثين إلى حد الآن، وفي معرض حديثه، أكّد البروفيسيرطيبي، أنّ جبهة التحرير تبلورت عن الحركة الوطنية. هذا وأهم نقطة أشار إليها الأستاذ الباحث تتمثل في دور القرى والمداشر في تفعيل دور الثورة في جلب الاستقلال للشعب، على خلاف المدن الكبرى التي كانت النواة الحقيقية للمستعمر ومركز نشر مخابراته، وبعملية مقاربة واضحة، قال المتحدث إنّ انتقال المظاهرات الشعبية إلى المدن التي تُعتبر مواقع إستراتيجية للعدو، كان بمثابة إبطال عدد من المفاهيم التي كانت تعتقدُها فرنسا من أنّها فرضت منطقها على ذهنية عامة المعمرين من الجزائريين. هذا واختُتمت المحاضرات بفتح باب النقاش أمام الحضور من المتمدرسين والطلبة وكذا شخصيات من الأسرة الثورية التي تقاسمت كلّ آرائهم حول أهمية موعد 11 ديسمبر في التمهيد لنيل استقلال شعب أبى إلاّ أن يتحرر ويكون مثالاً لبقية شعوب العالم المُضطهدة.