بعد 31 عاماً منع خلالها من الإمامة وخطبة الجمعة والعيد في مصر، أمّ الفقيه البارز الدكتور يوسف القرضاوي، صلاة الجمعة في ميدان التحرير أكبر ميادين وسط القاهرة وأشهرها عالمياً بعد أن كان مركزاً للثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، جميع المصريين إلى تأييد الثورة عن طريق الإخلاص في العمل والصبر قليلاً، مشدداً على أن الشعب المصري الذي نزع الخوف من نفسه، سيصر على مواصلة الطريق حتى النصر، وأشار إلى أن الشعب انتصر على الفرعون وأنصار النظام وأمن الدولة والبغال والخيول والقناصة، وحقق إرادة الله. وفي خطبة الجمعة التي ألقاها أمس أمام أكثر من مليوني مصري احتشدوا في ميدان "التحرير" في القاهرة، في جمعة " النصر"، دعا الشيخ القرضاوي ثوار مصر إلى المحافظة على ثورتهم، والتنبه إلى عدم سرقتها من المنافقين والمتخاذلين الذين هم مستعدون لانتزاعها في أي وقت، مهنئاً الشعب والجيش بالنصر العظيم الذي نالته مصر العربية، ولفت إلى أن مصر اليوم أمام فجر عربي جديد من الحرية والكرامة، حيث أن أبناءها أشعلوا روح الثورة في المنطقة ورفعوا رؤوسنا عالياً. وأكد الشيخ القرضاوي أن انتصار الثورة اليوم هو لكل المصريين وليس فقط للمسلمين، موضحاً أن مصر انتصرت في ثورتها على ما كان يسمى بالطائفية، لاسيما بعد وقوف شبابها المسلم والمسيحي إلى جانب بعضهم البعض، ودعا إلى التمسك بوحدة الصف بين المسلمين والمسيحيين. وأضاف " كلنا مصريون، كلنا ثائرون على الباطل، كلنا مدعوون إلى التحرير والتغيير، لذلك يجب أن تظل هذه الروح مستمرة"، داعياً الأقباط في مصر إلى حراسة إخوانهم المسلمين من الفتنة والخراب. وفي سياق متصل، قال الشيخ القرضاوي إن " الجيش المصري لن يكون أقل وطنية من جيش تونس وهو دخل في أربعة حروب، من أجل مصر وفلسطين"، وأضاف "هذا الجيش أعقل واشرف من يقف في وجه شعبه لقتاله من أجل شخص ظالم، وأنا كنت على يقين أنه سيقف إلى جانب وطنه وأبنائه"، مثنياً على دوره المميز في تفهم مطالب شعبه وحقوقهم في العيش بعزة وكرامة. ولفت إلى أن "الجيش المصري لن يكون بديلاً عن الشرعية التي يريدها شباب الثورة، خصوصاً بعد إعلانه عن تمسكه بالديمقراطية والتغيير"، مطالباً الجيش "بضرورة تحريره من الحكومة الظالمة التي شكّلها الرئيس المخلوع حسني مبارك، والإسراع في تأليف حكومة جديدة تضم أبناء مصر الشرفاء والعظماء والشجعان"، كما طالبه بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، بعد سنوات من الظلم والقمع والقهر. وفي الختام، توجه الشيخ القرضاوي إلى الحكام العرب بالقول "عليكم محاورة شعوبكم واحترام إرادتهم في التغيير والإصلاح"، داعياً من جهة ثانية المجلس العسكري المصري إلى فتح المعابر مع الحدود الفلسطينية ولاسيما معبر رفح لمناصرة أهلنا في فلسطين والقدس، وقال " عندي أمل أن الله كما أقر عيني برؤية مصر محررة أن يقر عيني بفتح المسجد الأقصى الشريف". وكانت آخر خطبة لصلاة جامعة ألقاها القرضاوي المقيم حاليا في قطر ويحمل جنسيتها، قبل اعتقالات سبتمبر 1981، وهي خطبة العيد في ميدان عابدين بالقرب من القصر الرئاسي.