مع دخول الحرب الدائرة في ليبيا شهرها الثالث، إلتهبت المنتديات ومواقع النقاش في العالم الإسلامي، بالحدث الذي طغت عليه "الثورة" في بدايتها، عندما كانت الأنظار مبهورة بما يجري في ليبيا بشكل غير مسبوق واستثنائي، والقضية تخص التطبيع السياسي بين المجلس الوطني الإنتقالي، برئاسة وزير العدل السابق مصطفى عبد الجليل، والمفكر والفيلسوف الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي، الذي سافر إلى مدن الشرق الليبي وإلتقى المعارضة وبارك "الثورة"، وهو منظر دولة إسرائيل والمدافع عن جرائمها في لبنان، ومؤيد الصرب في حربهم لإبادة المسلمين في البوسنة، وهو الذي وقف يتابع مجازر الإحتلال الأمريكي في ساحة وسط ببغداد، ومعروف عنه أنه يتنقل شخصيا إلى مواقع الحروب، حيث كان من المدافعين عن انفصال الجنوب في السودان، ويطالب بانفصال دارفور، وهو يحيي اليوم "الثورة" في ليبيا. عندما سأله أحد الصحفيين كيف يؤيد هؤلاء وهم يرفعون شعارات معادية لإسرائيل، أجاب ببرودة أعصاب "إنهم تركة القذافي وستختفي هذه الشعارات مع بداية الديموقراطية". لم يعد خفيا، حجم الدعم الأجنبي الذي تباركه القوى الصهيونية المعادية للعالمين العربي والإسلامي، لفائدة ما يسمى اليوم بالثوار في بنغازي، وتحت غطاء دعم الثورة يعمل المفكر والفيلسوف برنار هنري ليفي، الذي ينظر للفكر الصهيوني، ولتفكيك الدول العربية إلى تجمعات إثنية وقبلية، لدرجة أنه ألف كتابا سماه "دوار المواشي"، في إشارة إلى الذين يعادون السياسة الأمريكية، تحت هذا الغطاء يعمل برنار ليفي، على دعم إنفصال بنغازي وقيام ليبيا الشرقية مع ثروات النفط ودعم حكم موال للغرب، يقيم علاقات مباشرة مع إسرائيل، برنار ليفي، من مواليد مدينة بني صاف بولاية عين تموشنت ، غرب الجزائر، سنة 1948 يهودي وصهيوني متشدد بامتياز كما يوصف، إلتقى بيغين وقيادات الحركة الصهيونية، بعد النكسة أيد قيام دولة النهرين الصهيونية، ويوصف بأنه مهندس فكرة الحظر الجوي وتدخل الناتو لحماية المدنيين، وهو الوصف الذي قدّم به في قناة فرانس 2 بعد الزيارة التي قام لبنغازي، وتحدث مع رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل، وأشرف بنفسه على نزع العلم الليبي من إحدى المؤسسات الليبية في بنغازي، ووقف في وسط الساحة أمام المتظاهرين في بنغازي، عندما كانت قناة الجزيرة القطرية تبث نقلا مباشرا لمظاهرة "الحرية". مسيرة التطبيع تواصلت مع برنار ليفي هنري، حيث إلتقى مع ممثلين عن المجلس الإنتقالي وعناصر من المعارضة الليبية في العاصمة الفرنسية باريس، وقدم لهم وجهة نظره في الأحداث، وأيد تطلعاتهم للإطاحة بنظام العقيد القذافي، وما خفي كان أعظم، فهذا الشخص يوصف بأنه خطير جدا على العالم الإسلامي، إذ يصر على ضرورة تفكيك أجزائه، وقيام دويلات يمكن أن تكون لها علاقات جيدة مع إسرائيل، فقد سافر إليها لعشرات المرات، وإلتقى مع الرئيس الإسرائيلي لأكثر من مرة، ومع رئيس الوزراء بن يامين نتانياهو، كتب بعد عودته من إسرائيل خلال عدوانها على لبنان في صيف 2006 عن معاناة الشعب اليهودي المسكين، مع الإرهاب اللبناني وصواريخ حزب الله، في مقال مطول بجريدة لوموند الفرنسية .. هذا هو الوجه الحقيقي لأصدقاء الثوار في ليبيا، وما خفي كان أعظم، ويواصل برنار ليفي حملته لتأييد "الثوار"، على أمل أن تتحول الحرب إلى الشق البري، وهو ما يدفع باتجاهه. وهذا وجه آخر من حقيقة المجلس الإنتقالي الذي يبرر فشله اليوم ، بمزاعم باطلة، يقول أن الجزائر تدعم نظام القذافي، وبرغم النفي الجزائري والدعوة للتعقل التي أطلقتها الجزائر، فان هذا المجلس ومن ورائه اللوبي الفرنسي الصهيوني، يسعى إلى محاولة جرّ الجزائر إلى معركة هي ليست من أولوياتها، لأن قاموس السياسة الخارجية في الجزائر، يحمل عنوانا كبيرا اسمه عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وعدم السماح لأي كان أن يقحم أنفه في الشؤون الدّاخلية للجزائر. والجزائر التي تعي حجم المؤامرة الفرنسية الصهيونية في ليبيا، وتعرف بدقة هويات من يحرّكون بيادق المجلس الإنتقالي لكيل الإتهامات لها، يحزّ في نفس كل فرد من شعبها، ما يحدث بين الليبيين من قتال، الرابح فيه لن يكون سوى خاسرا، لأن المعركة الدائرة بليبيا، القاتل والمقتول فيها ليبي وكفى..