لا يمر يوم من تربص المنتخب الوطني أو لقاء ودي للخضر إلا و نكتشف منتخبا جديدا، منتخب ببصمة حليلوزيتشية، هذا الرجل الذي كان قدومه ضربة موجعة للأنصار، حيث كان الجميع يمني النفس باسم ثقيل، بعد تصريحات رئيس الاتحادية، لكن يوما بعد يوم، يؤكد الفرنكو بوسني أحقيته بالمنصب ويكسب المزيد من النقاط وينصب نفسه النجم الأول للمنتخب وشوشو المناصرين. مجيء حليلوزيتش جلب معه أشياء جديدة لم نعهدها من قبل في المنتخب الوطني، فحليلو كما يحلو للجماهير تسميته، غير عديد الأمور في أقل من سنة من توليه العارضة الفنية للأفناك، وهي الأمور التي جعلته يعيد القطار إلى السكة الصحيحة، ويقود المجموعة بثقة كبيرة، ليكون الجنرال الحقيقي لكتيبة محاربي الصحراء. الانضباط ميزته الأولى هو المشكل الذي كان ينخر جسم المنتخب، أو بالأحرى هو المشكل الذي حطم المنتخب الوطني بعد فرحة أم درمان ومشاركة مونديالية، وجد الخضر نفسهم بعده يهزمون من منتخبات لا تملك من التاريخ ولا من المستوى ما يؤهلها للتعادل مع منتخب اسمه الجزائر، وحيد نجح في إمساك العصا من فوق وفرض سيطرة تامة على المجموعة، لكن نجاح وحيد لم يكن صدفة لأنه جعل نفسه قدوة للاعبيه، فلم نر منه تأخرا ولا تضييعا لوقت في غير التخطيط لبناء منتخب قوي، كما أن عدم اعتراف وحيد بالأسماء والنجوم جعل الجميع يحسون أنفسهم سواسية، الأمر الذي سهل عليه المهمة. الصرامة وعدم التسامح مع المتقاعسين هي أحد مميزات وحيد حليلوزيتش، فلا يوجد في قاموسه التغاضي عن الأخطاء ولو كانت بسيطة، فهو يعلم أن فتح باب التسامح في المجموعة سيجعل الجرأة سمة تصرفات اللاعبين، فقد سقطت أسماء لاعبين تمردوا على أوامره كعبد القادر غزال أو حسين مترف أو ربيع مفتاح، ومنها من أضاعت لقاء وفُرض عليها الجلوس في البيت أو المدرجات كحال بودبوز، بوعزة وجبور، صرامة حليلوزيتش قسمت مجموعة الخضر إلى مجموعتين، الأولى منصاعة تحظى بثقته والثانية مغضوب عليها وانتهى حلم حملها القميص الوطني مادام هو على رأس الخضر. أنهى دلال اللاعبين وجديته أقلقت الكثيرين منذ قدوم مدرب كوت ديفوار السابق، لم يبق للدلال مكان في تربص الخضر، فحصص المنتخب تنوعت بين التحضير البدني، العمل التكتيكي، القذفات على المرمى أو الاسترجاع، أي لم يبق للهو مكان، جدية حليلوزيتش جعلت بعض اللاعبين يفرون من المنتخب لأنهم كانوا يرون في التربصات سابقا مجرد أوقات للمرح، فحتى الانترنت منعت من غرف اللاعبين ولم نعد نسمع عن بطولات البلايستايشن التي كانت تنظم كل مرة. لا وجود لفريق أساسي مع قدوم وحيد حليلوزيتش لم يعد هناك لاعب أساسي ولا لاعب احتياطي، فهو كل مرة يصرح أنه لا يعترف بالفريق الأول والثاني، فهناك لاعبون لم يكن لهم مكانة في القائمة المستدعاة أصبحوا أساسين في العهد الحالي، وهناك من كانوا أساسيين فوق العادة، أصبحوا خارج أسوار المنتخب لأسباب يعلمها الجميع، وحيد من أكثر المدربين الذين منحوا الفرصة للاعب المحلي، فقد منح الفرصة لحشود، الذي كان في أوج عطائه مع البرج خارج قائمة الخضر رغم النقص الفادح في منصبه، وحاول مرارا أن يقضي على العائق النفسي عند جابو حتى يدمجه مع المجموعة لأنه يعرف القيمة الكبيرة للاعب، هذا دون أن ننسى اكتشافه لبوشوك حين كان يحمل ألوان شباب باتنة، قبل أن يلتحق بالسعودية أين كانت له تجربة فاشلة هناك. يشارك اللاعبين في التمارين ويعتبر مستشارهم الأول لم يترك الناخب الوطني أي مكان للصدفة، فهو يحاول أن يكون قريبا من لاعبيه حتى لا يترك الهوة تكبر بينهم، الأمر الذي لن يصعب عليه لغة الحوار معهم مستقبلا، فأصبح مستشارهم الرياضي فيما يخص انتقالاتهم، فكان أول من اتصل به عنتر بعد إمضائه لكايزرسلاوتن، ولم يمض بوزيد على عقد بني ياس حتى أعلم وحيد، وتغيرت وجه دوخة من الاتحاد إلى سطيف بقرار حليلوزيتشي لمصلحة عرين الخضر، وحيد ومن أجل التقرب من لاعبيه يشاركهم التدريبات، والجري معهم حتى يحسوه واحدا منهم ليس آمرا ناهيا من على خط التماس.
التكتيك وشخصية الفريق هي نقطة قوة حليلوزيتش التي جلبها معه للخضر، فمنذ قدومه لم يعد المنتخب الوطني يلعب بطريقة عشوائية،ولا تمنح الحرية للاعبين فوق أرضية الميدان على طريقة متع وإستمتع بل أصبح لكل لاعب دور منوط به، وكل واحد يدخل أرضية الميدان وهو يعلم تماما ما الذي يقوم به، قوة حليلوزيتش التكتيكية جعلت للمنتخب شخصية، فلم نعد نلعب على أخطاء الآخرين بل يُفرض على الخصم اللعب على أخطاء الخضر، حتى وإن كان المنتخب لم يلاعب أي من الفرق الكبيرة، لكن ما قد نساه البعض أن مشكلة الخضر سابقا كانت في الفرق الضعيفة لا القوية. زرع عقلية الفوز في اللاعبين هو الأمر الذي كان ينقص الخضر، فدخول اللقاء بعقلية الهزيمة وتقبلها والتحضير لها حتى قبل بداية اللقاء يقتل طموح اللاعبين، فالمدرب هو وحده قادر على إعطاء الروح للاعبين إضافة للجماهير، رغبة حليلوزيتش القوية في الفوز أو حتى ملأ تاريخه التدريبي بالأرقام التي لا تمر فرصة إلا وذكرها، جعله مصرا على اللعب من أجل النقاط الثلاث لا غير. قد يكون ما ذكرناه إيجابي للمنتخب، لكن النتائج وحدها من تقرر مدى نجاح عقلية وحيد مع الخضر، فلا يجب تناسي العقلية الجزائرية عند اللاعبين، وهي الحكم في مدى تجاوبهم مع الصرامة، أم أن الضغط سيولد الانفجار كما حدث مع من سبقه، كما أن هناك أمرا آخرا لا يجب التغافل عنه، وهو مدى نجاح وحيد في العمل البدني الذي كان يوما سببا في فوز الخضر عليه في كابيندا.