شكلت مسألة الحفاظ على الاستقرار و تسليم المشعل للشباب بعد أن "أضحى مهيأ لهذه المهمة" الوتر الحساس الذي ضرب عليه عبد المالك سلال مدير الحملة الانتخابية للمترشح الحر لرئاسيات 17 أفريل المقبل عبد العزيز بوتفليقة في الخطابات التي ألقاها خلال ال29 تجمعا شعبيا التي عقدها عبر مختلف الولايات. و كان سلال قد استهل الحملة الانتخابية التي قادها لصالح المترشح بوتفليقة من أقصى الجنوب و تحديدا أدرار و تمنراست حيث أكد أن هذه المنطقة من الوطن تشكل "العمق الاستراتيجي للجزائر" باعتبار أن الدفاع عن البلاد يمر في المقام الأول عبر الجنوب مبرزا عبر كل محطات الحملة أهمية الحفاظ على استقرار البلاد الذي يعد "قضية وطنية". و جعل سلال مسألة إعادة انتخاب المترشح الذي يمثله أحد أطراف معادلة الحفاظ على أمن و استقرار البلاد حيث قال "أنتم و بتصويتكم عليه (بوتفليقة) إنما تصوتون على جزائر قوية و عصرية و آمنة". و في كل مرة كان سلال يدعو الحضور إلى إجراء مقارنة بين الوضع الذي كانت الجزائر تعيشه في نهاية التسعينات مع مجيئ بوتفليقة إلى سدة الحكم حيث وجدت نفسها في "نفق مظلم" و هو الوضع الذي تمكنت من تجاوزه بفضل سياسة المصالحة الوطنية التي بادر بها بوتفليقة و التي "سمحت للجزائريين من التصالح مع أنفسهم و بلادهم و دينهم". كما لم تخل خطابات مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة عبر كامل الولايات التي مر بها من التركيز على ضرورة الإبقاء على الوحدة الوطنية بمنأى عن كل خطر و الدفاع عنها "حتى آخر قطرة دم". و قال بهذا الخصوص "كلنا جزائريون و ليس هناك في الجزائر طائفية أو جهوية أو تفرقة من أي نوع" مؤكدا بأن السياسة التي انتهجها بوتفليقة منذ مجيئه إلى سدة الحكم قد اعتمدت على "نبذ و مكافحة كل أشكال الإقصاء". و شدد سلال بهذا الخصوص على ضرورة اعتماد الحوار من أجل تسوية كل المشاكل و الحفاظ على الاستقرار الذي اعتبره "مفتاح الأمان" متعهدا بأن بوتفليقة سيواصل --في حال فوزه في الانتخابات المقبلة-- في اعتماد السياسة التي انتهجها منذ اعتلائه رئاسة الجمهورية "والقائمة على الانفتاح والتشاور". كما تعهد بأن الحكومة التي سيعينها بوتفليقة في هذه الحالة "ستقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه استغلال إحدى مقومات وثوابت الأمة الجزائرية الأساسية (الإسلام والعروبة و الأمازيغية) أو التلاعب بها". جيل الإستقلال مدعو لتسلم المشعل بعد انتهاء بوتفليقة من مسار الإصلاحات حرص المترشح بوتفليقة على التوضيح -على لسان مدير حملته الانتخابية- بأن ترشحه لعهدة جديدة إنما الهدف منه هو "استكمال مسار الإصلاحات" الذي كان قد شرع فيه و ذلك تحضيرا لتسليم المشعل لجيل الإستقلال لقيادة البلاد. و أكد سلال بأن البرنامج الانتخابي الذي يعرضه المترشح بوتفليقة على الشعب الجزائري و الذي يطمح من خلاله إلى نيل ثقته يرمي في الأساس إلى "بناء جزائر جديدة و قوية يضطلع فيها الشباب بدور هام و ريادي". و حول السبب وراء تأجيل هذه الخطوة إلى اليوم أوضح المسؤول الأول عن الحملة الانتخابية لبوتفليقة بأن الهدف الأسمى الذي سعى هذا الأخير إلى تحقيقه طوال العهدات السابقة هو استرجاع الأمن و المكانة التي تليق بالجزائر و كذا تحضير الشباب لتولي المسؤولية و هو الأمر الذي يرى بأنه تحقق اليوم حيث "أضحى شبابنا مؤهلا للإضطلاع بهذه المهمة" يقول سلال. مشروع التجديد الوطني : استراتيجية بوتفليقة لبناء جمهورية جديدة تسودها العدالة و احترام الحريات و حقوق الإنسان لقد كان مشروع "التجديد الوطني" من أولى النقاط التي تناولها سلال في خطاباته حيث كشف عن نية بوتفليقة في بناء "جمهورية جديدة و متجددة تكون في مستوى تطلعات الشعب الجزائري" و تقوم على "احترام الحريات الفردية و الجماعية و تكرس فيها حقوق الإنسان أكثر فأكثر". و التزم بوتفليقة ببناء دولة ديمقراطية "تصون الحريات وتحفظ حقوق كافة المواطنين" و هو الهدف الذي تعهد بتجسيده من خلال "القضاء على كل أشكال الظلم و التهميش و "الحقرة" مؤكدا بأن الجزائر "لها الإمكانيات لحماية كل أبنائها". و ترتكز رؤية بوتفليقة بهذا الخصوص على إرساء "ديموقراطية تشاركية" تسمح بإعطاء الفرصة للجميع للمساهمة في التشييد الوطني على كل المستويات. و في سياق ذي صلة قدم بوتفليقة وعدا -نقله سلال- بوضع حد للبيروقراطية التي تؤرق يوميات المواطنين و تقريب الإدارة من المواطن و هو الإطار الذي يندرج ضمنه مشروع التقسيم الإداري الجديد الذي يعتزم المترشح المذكور تطبيقه "خلال الثلاث سنوات المقبلة". و ستسمح هذه المراجعة بترقية عدة دوائر الى ولايات على غرار المنيعة و بوسعادة و عين صالح و العلمة و غيرها و هذا بغية "إرساء نظرة جديدة في علاقة الإدارة مع المواطن من خلال مواصلة تحسين أداء التسيير المحلي ". بجاية و غرداية... احداث مؤسفة عكرت صفو الحملة الانتخابية للمترشح بوتفليقة و شكلت ولاية بجاية و بصورة أقل ولاية غرداية محطتين مؤسفتين في الحملة الإنتخابية التي قادها سلال عبر مختلف مناطق الوطن حيث شهدت بجاية قيام بضع مئات من المحتجين المناوئين لعهدة رابعة لبوتفليقة بتطويق دار الثقافة لمدينة بجاية التي كان من المقرر أن تحتضن التجمع الشعبي لسلال لتتطور الأمور بعد محاولة هؤلاء اقتحام القاعة. و قد تسببت هذه الأحداث التي اتسمت بالعنف في إلغاء التجمع "من أجل الحفاظ على الأمن" مثلما أوضحه سلال في لقاء مع الصحفيين الذين تم نقلهم خارج المنطقة في سيارات تابعة للشرطة من أجل الحفاظ على سلامتهم. و بتلمليلي (غرداية) اندلعت عقب التجمع الشعبي الذي عقده سلال مناوشات من طرف متظاهرين محتجين من أبناء المنطقة حيث قامت قوات مكافحة الشغب بمنع هؤلاء المتظاهرين -المحتجين على "عدم وفاء الحكومة بالوعود" التي كانت قد قطعتها خاصة فيما يتعلق بالتشغيل- من رشق موكب سلال بالحجارة ومحاولة إيقافه بالقوة.