أجمع مجموعة من المهتمين بالتاريخ الجزائري والثوري أن فرنسا لن تقوم بتسليم الجزائر الأرشيف التاريخي الذي يكشف جرائمها الاستعمارية البشعة، داعين السلطات إلى الضغط من خلال قطاعات أخرى لإجبار باريس على تسليم الأرشيف. وفي هذا الشأن، صرح أول وزير للتربية المجاهد عبد الرحمان بن حميدة ل '' الحوار '' - في اتصال هاتفي معه - أن فرنسا لن تقوم بتمكين الجزائريين من الحصول على أرشيفهم التاريخي. كون باريس لم تبدل إلى اليوم أفكارها الاستعمارية التي مازالت منتشرة وسط الحكومة الفرنسية، ولذلك -حسبه- فإنها لن تقدم دليلا تاريخيا يدين جرائمها ويعطي حقائق عنها، مستدلا في ذلك بالقول إنها لم تسلم الجزائر أي وثيقة تدينها، وإنما قامت بإعطائها أرشيفا لا قيمة له، بل يخدمها هي على حساب المعطيات الحقيقية للتاريخ، وداعيا في الوقت ذاته الحكومة إلى إرغام فرنسا على تقديم هذا الأرشيف من خلال عدم تمكين فرنسا من الحصول على صفقات اقتصادية، أو تسهيلات تجارية ببلادنا. ومن جانبه، قال رئيس جمعية 08 ماي 1945 خير الدين بوخريصة أن فرنسا ليست مستعدة اليوم لتقدم للجزائر أرشيفا يدينها، معتبرا ذلك أمرا عاديا، خاصة وأن فرنسا تتحجج في ذلك بأن العملية تحتاج إلى توقيع معاهدات واتفاقيات على مستوى منظمة اليونسكو، إضافة إلى أنها تعتبر الأرشيف من حقها لأنها حصلت عليه في فترة حرب كل شيء فيها مسموح، كما أبدى بوخريصة معاتبته للطرف الجزائري الذي لا يزال -حسبه- لم يبد موقفا واضحا وطلبا رسميا للدخول في مفاوضات مع فرنسا بشأن تسليم الأرشيف، داعيا إلى أن تتم المفاوضات بين الجزائروفرنسا وفق جانب تقني، وبعيدا عن أي إطار سياسي، كون هذا الأخير يفرغ القضية من محتواها ويدخلها في خندق لايمكن الطرف الجزائري من تحقيق مبتغاه. وفي السياق ذاته، ذهب تصريح المؤرخ والكاتب الصحفي المجاهد الطاهر بن عائشة وفق منحى الرأيين السابقين، حيث اعتبر أن مسالة الأرشيف معقدة، كونها تقف وراءها حسبه - أطراف داخلية لازالت تخدم فرنسا وتحاول أن تزور التاريخ الثوري للجزائريين، ولذلك فهي تقف حاجزا أمام تمكن الجيل الجديد من معرفة تاريخه الحقيقي الذي لا يزال لم يكتب كما يجب بسبب أفعال هذه الأطراف، ويضيف المتحدث ذاته قائلا إن هذه الفئة تحاول أن ترجع الجزائريين فرنسيين، مؤكدا على أنه علينا أن نفهم دائما أن وطنيتنا ليست وطنية الفرنسيين. وللتذكير فإن مسألة الأرشيف تبقى من أهم القضايا التي تعكر العلاقات الجزائرية الفرنسية نظرا لإصرار فرنسا على عدم تقديم الأرشيف الحقيقي للجزائر، مكتفية في ذلك بتقديم أرشيف مزور يخدم تاريخها الاستعماري، مثلما فعلت حينما سلمت مؤسسة التلفزيون أرشيفا لا علاقة له بحقيقة الثورة، والأمر نفسه بالنسبة لخرائط الألغام التي قدمتها العام الماضي، وكل هذا يثبت أن لا نية لباريس في أن تعرف قضية الأرشيف أي تقدم. فتصريح رئيس وزرائها فرنسوا فيون خلال زيارته للجزائر مؤخرا يثبت ذلك، حيث قال '' سنسمح للباحثين الجزائريين بالاطلاع على الأرشيف الموجود بفرنسا '' وهذا دون التحدث عن عملية تسليم للأرشيف. وما يؤكد الطرح السابق أن البرلمان الفرنسي صادق قبل ساعات من الآن على مشروع قانون يمدد الاطلاع على الأرشيف إلى 50 سنة، واقترح بعض النواب تمديد المدة إلى 75 سنة لعلاقة الكثير منه حسب وسائل الإعلام الفرنسية بالحياة الخاصة لكثير من السياسيين، فضلا عن علاقة جزء هام منه بالثورة الجزائرية. وبعد هذه المصادقة من الهيئة التشريعية الفرنسية على مشروع هذا القانون، فعلى الجميع تأجيل الاطلاع على الأرشيف إلى ما بعد سنة .2037