اجتمع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بأهم مسؤولي الدولة المدنيين منهم و العسكريين حتى يقرروا معا ما يجب فعله امام الانهيار الحالي لاسعار النفط الذي يعد المصدر الرئيسي للمداخيل الخارجية للجزائر و "افاقها التي لا يمكن توقعها" على التوازنات الاقتصادية و الاجتماعية و الامنية للبلاد. و اكد رئيس الدولة في تدخل له خلال "مجلس مصغر" خصص لهذا الموضوع على الامكانيات التي تتوفر عليها البلاد لمواصلة العمل رغم الازمة "الحادة" و "المثيرة للانشغال" الا انه شدد في كلامه مذكرا الجميع بتحمل مسؤولياتهم لمواجهة الوضع. و نظرا لصعوبة المهمة اشار الرئيس بوتفليقة بهذه المناسبة الى استبعاد فكرة التخلي عن الاهداف الرئيسية للتنمية التي تم تسطيرها من قبل و انه سيسهر شخصيا على تطبيق التدابير الضرورية العاجلة و عمليات التكييف الواجب اجراؤها. و قد اعطى تعليمات للحكومة "للمتابعة الدائمة" و االقيام بالتكييف الضروري في تسيير الاقتصاد و الميزانية اما الهدف الاسمى فيتمثل -كما امر به الرئيس- في استبعاد اي تخلي عن سياسة الاستثمارات العمومية الجارية سيما في القطاعات التي تعني بشكل المواطنين بشكل مباشر. وبالتالي فان الرئيس بوتفليقة يرى بانه لا يمكن التخلي عن البرنامج الخماسي للاستثمارات العمومية حتى و ان اقتضى الامر تكييف الاولويات و التكاليف و كذلك الامر بالنسبة "للعدالة الاجتماعية و التضامن الوطني حيث سيظلان محور الخيارات الوطنية الاساسية". ان رسالة الرئيس واضحة و مباشرة بالقدر الكافي و لتجسيد سياستها فان الحكومة مطالبة بتوخي المزيد من الحذر و المنهجية حيث يتعين عليها اولا العمل من الآن فصاعدا كما قال الرئيس على ترشيد النفقات العمومية من خلال إن اقتضى الأمر اقتطاعات خاصة في ميزانية التسيير. كما تم حث الحكومة على جعل مؤسسات القطاعين العام و الخاص تستثمر أكثر في المشاريع العمومية الكبرى (إلى جانب المؤسسات الأجنبية) من أجل تسريع الوتيرة و تقليص التكاليف. و حذر الرئيس بوتفليقة من كون الأزمة النفطية التي أدت إلى انخفاض الأسعار إلى النصف في ظرف بضعة أشهر تستدعي ترشيد الواردات من السلع و الخدمات و مكافحة أكبر لتهريب رؤوس الأموال من أجل الحفاظ على توازن ميزان المدفوعات. فبفعل سعر برميل يفوق 100 دولار الى حد كبير (مقابل أقل من 60 دولار حاليا) و فائض تجاري قياسي و مديونية خارجية شبه منعدمة سجل ميزان المدفوعات الخارجية للجزائر خلال السنوات الاخيرة فائضا معتبرا مون احتياطي صرف يقارب 200 مليار دولار أي سنوات عديدة من الاستيراد. غير أن الحصيلة الايجابية للاقتصاد الكلي لا ينبغي أن تنسينا بأن التبعية الكبيرة للمحروقات تعد خطرا كبيرا لا يمكن احتواؤه إلا من خلال تنويع الاقتصاد: تلك هي الرسالة الأخرى التي أراد الرئيس تذكيرها للحكومة التي أمرها باطلاعه في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة حول الإجراءات الواجب اتخاذها لانعاش القطاعات التي يمكنها التأثير على بقية الجهاز الإقتصادي. كما ينبغي على قطاعات الصناعة و البيتروكيمياء و الفلاحة و السياحة و المالية و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال الحديثة التي ذكرها رئيس الجمهوية أن تلعب دور المحرك في مرحلة التحضير الفعال للبناء الضروري لاقتصاد مرحلة ما بعد البترول. و دعا السيد بوتفليقة الحكومة إلى بذل جهد خاص في مجال الاتصال تجاه الشعب في مرحلة "أزمة البترول" من أجل "طمأنته" و "تجنيده" في مصلحته و مصلحة البلاد .