تابعت، أمس، محكمة الشراڤة في العاصمة بموجب أمر إحالة من قاضي التحقيق، رئيسي المجلس الشعبي البلدي لبلدية بواسماعيل السابق والذي قبله، ويتعلق الأمر بكل من «غبريني» و«عبادي»، بتهمة تبديد أموال عمومية وإبرام صفقات مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية وإساءة استغلال الوظيفة، فيما وجّهت ل 11 شخصا آخرا، منهم صاحب مكتب دراسات المكلف بإنجاز مقر البلدية الجديد ومستفيدين من الدفاتر العقارية وحرفي والمقاول المكلف بإنجاز السوق البلدي، تهمة المشاركة في التبديد والحصول على امتيازات غير مبررة، على خلفية الاتهامات الخطيرة التي وجهها لهم الوالي.`تفجير ملف قضية الحال، انطلق بناء على شكوى قضائية قيدها والي تيبازة ضد المتهمين أمام النائب العام لدى مجلس قضاء البليدة في شهر أفريل من سنة 2013، مفادها تسجيل مصالحه لعدة تجاوزات للقوانين والتنظيمات المعمول بها على مستوى بلدية بواسماعيل، وهذا من خلال عملية تفتيش ومراقبة التسيير المالي والإداري لهذه الأخيرة في العهدة السابقة، مضيفا أن مصالحه وقفت على عدة تجاوزات وخروقات في مجال إبرام الصفقات العمومية والاتفاقيات وتبديد أموال عمومية وكذا منح عدة امتيازات من دون وجه حق وعدم السعي لتحصيل مداخيل البلدية وعدم اتخاذ المسؤولين لقرارات الهدم وتنفيذها. وعلى هذا الأساس، تم فتح تحقيق في القضية توصل من خلاله المحققون إلى وجود اتفاقيات مبرمة مع مكتب الدراسات «جرجار» بتاريخ 15 مارس 2008، حيث أوكلت إليه مهمة إنجاز مقر بلدية بواسماعيل الجديد المتكون من عمارتين واحدة للإدارة والأخرى للمواطنين، بميزانية قدرت ب 8.9 مليار سنتيم، إلا أن تكلفة المشروع ارتفعت إلى 10.6 مليار سنتيم، ليتضح في الأخير أن تكلفته الحقيقية هي 20 مليار سنتيم، أما بخصوص الاتفاقية الخاصة بإنجاز الشطر الأول من السوق البلدي المبرمة في عهدة «المير» «غ»، فإن المقاول «أوشان» صرح أنه بعد سماعه بالمناقصة عن طريق الإعلان، تقدم إلى البلدية وقدم ملفه مع مؤسسات ومنافسين آخرين، وبعد فوزه بها، شرع في العمل وأنجز هذا المشروع بمبلغ 700 مليون دج بدلا من قيمته المقدرة من قبل البلدية ب 980 مليون سنتيم. في نفس السياق، توصل المحققون إلى وجود صفقة متعلقة بإصلاح العتاد مشبوهة بسبب إبرامها مع المتهم «م» الذي لا يملك سجلا تجاريا بذلك، كما بينت التحريات أن المتهمين الرئيسيين في القضية، ويتعلق الأمر بكل من «ع» و«غ»، لم يسعيا لتحصيل واسترجاع مداخيل البلدية المنتجة من خلال المحلات المقدر عددها 18 محلا والمساكن ومحطات نقل المسافرين المستأجرة، إضافة إلى سماحهما باستحواذ شركة «تونيك» على القطعة الأرضية الكائنة بالمنطقة الصناعية بواسماعيل، والتي بلغت قيمتها الإجمالية -حسب تقرير الخبرة- ب 47.775.000.00 دج، وبخصوص الحرفي الذي أوكلت إليه مهمة نحت وتزيين جبس مقر البلدية الجديد بالطراز الإسلامي العربي والمغربي، وهذا بغلاف مالي تجاوزت قيمته 540 مليون سنتيم، تبين أنه لم يحترم بنود الاتفاقية بسبب تزيينه مقر البلدية بمربعات أو مستطيلات من الجبس المصنعة مسبقا، بدلا من نحتها ونقشها باليد، كما بينت الخبرة أن هذا الأخير قام بتضخيم الفاتورة إلى ما يفوق 900 مليون سنتيم. وخلال مثول المتهمين أمام القاضي الجزائي، أمس، أنكروا جميعا الجرم المنسوب إليهم جملة وتفصيلا، حيث أكد «المير» السابق لبلدية بواسماعيل ويتعلق الأمر ب«غبريني»، أنه شغل منصب رئيس المجلس الشعبي البلدي لعهدتين من 1997 إلى 2002 ثم من 2007 إلى 2012، مؤكدا أنه عند ترأسه للبلدية في سنة 2012، كانت نسبة إنجاز مشروع مقر البلدية الجديد 40 من المائة ولا علاقة له بإبرام صفقتها مع مكتب الدراسات «جرجار»، كما أكد أنه طالب بلجنة تحقيق للنظر في المشروع وإعادة تقييمه، لأن التقييم الأولي والمبدأي الذي أقيم في عهدة «المير» الأسبق للمشروع لا يتماشى والمجسد على أرض الواقع، لكن لا حياة لمن تنادي، ونظرا لعدم إمكانية إتمام المشروع من ميزانية البلدية، قام برفع الانشغال للوالي الذي أوقف المشروع لمدة 8 أشهر لتقييمه من جديد، حيث تم منحهم الموافقة لمواصلة إنجاز أشغاله عن طريق ميزانية البلدية بالوصاية، أما بخصوص قضية الدفاتر العقارية وعدم تحصيله لمداخيل البلدية من العقارات المستأجرة، فقد أكد أنه البلدية تتحصل شهريا على مداخيلها، مشيرا إلى أن المتهم الذي استأجر محطة نقل المسافرين لم يدفع مستحقات التأجير لمدة 3 أشهر بسبب عدم منحه أمرا بالدفع من قبل المديرية المركزية للنقل، كما أكد أن هذا المتهم قد سدد لاحقا هذه المبالغ المقدرة ب 245 مليون سنتيم، في حين فند وجود أية خروقات في الاتفاقية المبرمة مع «م» الذي أوكلت إليه مهمة صيانة العتاد، مؤكدا أن الإجراءات تمت بكل دقة، مضيفا أنه بعد اكتشافه لبعض العيوب قام بعرض القضية على العدالة التي فصلت فيها، أما فيما يتعلق بمحلات «تونيك» التي سلمت له من دون المرور على مداولات المجلس البلدي، أشار متهمنا إلى أن تلك المحلات استغلت من طرف تعاونية تشغيل الشباب، الذين تنازلوا عنها لشقيق المدير العام ل«تونيك»، وعندما علم بالأمر رفع دعوى قضائية ضده، كما قامت القاضي الجزائي بمواجهة «المير» بمنح دفاتر عقارية ملك للدولة لأشخاص من دون إخطار مديرية أملاك الدولة، أين رد عليها أن الدفاتر العقارية تم تسليمها بموافقة هذه الأخيرة على غرار المحافظة العقارية، و عن تكليف صاحب شركة رفع النفايات المنزلية المدعمة من طرف «أونساج»، فقد صرح الرئيس «غبريني» أنه كان تنفيذا لأوامر الوالي الذي منح عقدا لمدة 3 سنوات لصاحب هذه الشركة، ليلتمس إفادته بالبراءة. من جهته «المير» الأسبق ويتعلق الأمر ب«عبادي» الذي شغل منصب رئيس المجلس الشعبي البلدي من سنة 2004 إلى 2007، فقد أشار من خلال تصريحاته إلى أن مشروع مقر البلدية الجديد وصاحب مكتب دراسات «جرجار» المكلف بإنجازه، كانا مفروضين عليه من قبل الوالي، مضيفا أنه لم يكن على علم بوجود فوارق مالية بين السعر النظري والتطبيقي، كما صرح أنه عند انتهاء عهدته، فإن نسبة الأشغال في المشروع كانت 60 من المائة، مضيفا أن البلدية آنذاك لم تكن بحاجة إلى مقر جديد وإنما كانت بحاجة إلى أشياء أخرى أهم كتعبيد الطرقات …إلخ، مؤكدا أنه رفض المشروع واقترح على الوالي توسعة مقر البلدية عن طريق استغلال مكاتب شركة إصلاح السفن المهجورة، لكن هذا الأخير رفض الأمر رفضا قاطعا، أما بخصوص شركة «تونيك»، فقد صرح أنه ورثها من العهدة التي سبقته وأنه كان يقوم بتحصيل مستحقات البلدية شهريا، في المقابل صرح صاحب مكتب الدراسات المختص في الأشغال المغاربية «جرجار» المكلف بإنجاز مشروع مقر بلدية بواسماعيل الجديد، أن الوالي طلب منه نقل مجسم البلدية إلى مقر الدائرة، أين استقبله رئيسها وكذا «مير» بواسماعيل، مضيفا أنه قام بدراسة تمهيدية وكان في كل مرة خلال الزيارات التفقدية للولاية يخطرهم بكل كبيرة وصغيرة عن المشروع، كما يمنحهم ورقة البيانات المتعلقة به، كما صرح المتهم أن الحرفي الذي كان يعمل تحت إشرافه قام بأعمال نحت جد محترفة، وأن المواد المستعملة في ذلك ذات نوعية جيدة، أما المتهمون المستأجرون للمحلات فقد صرح أحدهم أنه استأجر محله بعدما أرسلت ملبنة «أوناري» إرسالية للبلدية مفادها عدم تجديد عقد إيجارها معهم، مضيفا أن البلدية أجرتهم المحلات بشرط أن يدفعوا بدل إيجار 3 سنوات مضت لم تدفعها شركة «أوناري» التي كانوا يعملون بها ووافقوا على ذلك، ليلتمس جميع المتهمين إفادتهم بالبراءة. وعلى أساس ما تقدم من معطيات، التمس ممثل الحق العام توقيع عقوبة 8 سنوات سجنا وغرامة مالية بقيمة مليون دج ل«المير» السابق والأسبق، فيما التمس عقوبات بين 5 سنوات سجنا و500 ألف دج و3 سنوات حبسا و300 ألف دج وعامين حبسا 200 ألف دج للمتهمين لباقي المتهمين.