أقدم مساء الأربعاء إرهابي على تسليم نفسه لمصالح الدرك الوطني لفرقة بلدية الشرايع غرب سكيكدة ، وتعلق الأمر بالمسمى ''ح.ع.غ''، البالغ من العمر 28 عاما المنحدر من بلدية الزيتونة، ويعود تاريخ التحاقه بالعمل المسلح، تحديدا بصفوف كتيبة الشهداء إلى شهر جانفي الماضي، وحسب المعلومات المتوفرة، فإن العملية جاءت بناء على رغبة عائلته التي تقطع اتصالاتها به، في عودته إلى جادة الصواب وكذا وساطة المسؤولين المحليين والمصالح الأمنية بالمنطقة التي رتبت العملية الناجحة، وكانت فرقة الدرك لبلدية الشرايع؛ قد تكفلت بنقله إلى مصالحها بمجرد نزوله من الجبل؛ ومعه رشاشا نصف آلي من نوع سيمينوف و30 رصاصة. رغم الإجراءات الأمنية الصارمة التي اتخذتها الجهات المسؤولة، من أجل حماية التائب عبد الغني والسرية في التحقيق معه، إلا أن '' النهار '' بإيمانها بمسعى المصالحة الوطنية ورغبتها الملحة لنقل كل كبيرة وصغيرة للرأي العام وكل المعنيين، تمكنت من طرح بعض الأسئلة ولو بتحفظ على العائد من الجبل عبد الغني، الذي كشف عن بعض الحقائق نوردها في الحوار المقتضب الآتي : ''النهار'' : بداية كيف جاءت فكرة تسليم نفسك والتخلي عن العمل المسلح ؟ عبد الغني : والله الفكرة كانت على قناعة كبيرة، خصوصا لما عشت واطلعت على الظروف التي تمر بها الجماعة، واكتشفت حقيقة الأمر كما هو في أرض الواقع، وعن كيفية تطور الفكرة، فكان بعد وساطة أحد المكلفين بمثل هذه العمليات، حيث قدم لي ضمانات جعلتني أثق بميثاق المصالحة إلى جانب إصرار والدتي على نزولي من الجبل قبل فوات الأوان. ''النهار'' : وماذا عن أحوال الجماعة التي كنت في صفوفها ؟ عبد الغني : ''الحالة ما تشكرش '' نحن نعاني من حصار شديد جراء الصراعات الداخلية والحصار المضروب علينا من قبل القوات المشركة، التي تعمل على خنق نشاطنا، على العموم الجميع يعاني من إحباط معنوي كبير، ولا شيء يبعث إلى الإرتياح هناك. ''النهار'' : هل كنتم على علم بما يجري حول نداءات أهم القيادات التي دعت إلى نزولكم ؟ عبد الغني :بكل تأكيد فالأخبار تصلنا بكل التفاصيل، وهو أمر مهم للغاية، حيث أحدث نداء القيادي حسان حطاب والأخير عبد الرزاق البارا زلزالا في الصفوف، نظرا لوزنهما، وكل ذلك كان يحصل في أجواء غير عادية، لأن قيادتنا كانت في كل تحاول إبعادنا عما يدور، إلا أن المعلومات كانت تتسرب إلينا أول بأول، حتى جريدتكم ''النهار'' كانت تصلنا وكل ما ينشر بها يحظى بإهتمام كبير. ''النهار'' : سمعنا عن رغبة عدد من الإرهابيين بتسليم أنفسهم، هل تؤكد لنا ذلك ؟ عبد الغني : القضية واردة وسط الجماعة، لكن الأمور لا تتداول بهذه البساطة، لأن الخوض فيها علنا يكلف صاحبها التصفية الجسدية مباشرة، المهم نحن نتحدث إلى بعضنا البعض في سرية تامة، فهناك بعض الإخوة يرغبون في تسليم أنفسهم بشكل جدي، لكن الفرصة لم تتح لهم، ومهم حتى قياديين وقدامى في العمل المسلح وآخرين مصابين بعاهات مستديمة، وهم الآن ''محڤورين'' ومهمشين داخل المجموعة. ''النهار'' : من هو قائد المجموعة التي كنت تنتمي إليها ؟ عبد الغني : الأمير الحالي لناحية الزيتونة يقصد كتيبة الشهداء والفتح المبين هو رشيد فار المكنى عبد الحي، الذي يعد من قدامى الملتحقين بالعمل المسلح، كما أؤكد أن بعض الأمراء السابقين قد تم إنهاء مهامهم، أذكر منهم أبو فاروق الذي لا يملك الآن أية سلطة، ما عدا أنه ممرض طبيب الجماعة وفقط، على خلاف ما كان يذكر. ''النهار'' : كيف هي أحوال آخر الملتحقين بصفوفكم الشاب بن علجية الطاهر المصاب؟ عبد الغني : يصمت قليلا قبل أن يجيب على سؤالنا أحد المكلفين بالوساطة، وترتيب نزول الشباب المغرر بهم، الطاهر إلتحق بالجبل منذ أقل من عام ونصف، هو حاليا مصاب بكسر على مستوى الرجل، ويعاني من المرض، والمعلومات المتوفرة تفيد بأنه سئم الوضع داخل الجماعة ومصيره لم يحدد بعد. ''النهار'' : بالعودة إلى الوراء، كيف تم انضمامك إلى الجماعات الإرهابية ؟ عبد الغني : '' لعبوا بيا وكلحوني ''، لقد كنت أعاني من مشاكل عائلية عويصة منذ أن زج بوالدي في السجن عقب خلافاته الحادة مع والتي، ونظرا لكونه إرهابي سابق سلم نفسه، كانت علاقتي مع المسلحين مستمرة، وبدأت العمل لفائدتهم في شبكة للدعم والإسناد، وبعد أن ورطوني معهم أجبروني على الإلتحاق بصفوفهم تحت طائلة التهديد بالإبلاغ عني لدى الأمن، بالإضافة إلى الإغراءات التي مهدت الطريق بيني وبينهم. ''النهار'': كلمة أخيرة ؟ عبد الغني : أشكر الله أولا على نزولي من الجبل، والظروف الممتازة التي قابلني بها كل المسؤولين، وأغتنم الفرصة لأوجه ندائي عبر ''النهار'' إلى كل الشباب أن لا يتغرر بحديث المسلحين، فالوضع هناك صعب للغاية ولا وجود لا للجهاد أو لقضية ما، الجميع ينفذ أوامر الأمراء خوفا على أرواحهم وفقط، ولا أحد مقتنع بما يفعل، والدافع الوحيد هو التورط في مثل هذه الأعمال. ندائي إلى كل الشباب ونصيحتي واحدة انزلوا من الجبال قبل فوات الأوان، فأنا في أحضان المجتمع والأمور تسير على ما يرام. من هو التائب عبد الغني؟ هو عبد الغني حيمود من مواليد سنة 1981 بقرية الزورق التابعة لبادية الزيتونة، من عائلة فقيرة، والده إرهابي سابق ضمن صفوف تنظيم ما يعرف بالجماعة الإسلامية المسلحة، سلم نفسه هو الآخر سنة 2004 لمصالح الأمن، أين استفاد من تدابير قانون المصالحة الوطنية سنة 2006، قبل أن يدخل في خلافات عائلية مع زوجته، انتهت بالإعتداء عليها بالسلاح الأبيض وصدر في حقه حكما بالحبس النافذ، الأمر الذي جعله لقمة سائغة بين أيدي الإرهابيين الذين ربطوا إتصالات معه، وورطوه ضمن شبكات الدعم في بادئ الأمر، إلى أن انضم في العمل المسلح في كتيبة الشهداء .