آه ياسيدتي بماذا عساني أبدأ الحديث بعدما احتبست الكلمات في حلقي كمغارة ملح و مرارة العلقم، بماذا عساني أن أبدأ الحديث وأنا أعيش شبه ميت أساير الحياة فقط بأنفاسي التي لا أملك توقيفها لولا أني أخشاه تعالى لفعلت لأريح نفسي مما أنا فيه من عذاب وأسى. مأساتي بدأت يوم خرجت إلى البحر رفقة خطيبتي وهناك بعيدا عن الأعين جلسنا عند الصخرة التي شهدت أول لقاء بيننا لنسرجع الذكريات، كانت تجلس إلى جواري بعدما التحمت روحها بروحي وأشتبكت أصابعها الصغيرة بأصابع يدي الخشنة وكنت أشعر بذلك الفرق الشاسع وأنا أنظر إلى عينيها المسبلتين الهائمتين في الأفق ذي وأستمتع بملامح وجهها اللؤلؤي، وقفت لكي ترمي بحجر صغير إلى قعر البحر وأثناء ذلك تعثرت قدمها فهوت من فوق الصخر ليرتطم رأسها فما أن لامست جسدها المياه حتى طفت فوقه جثة هامدة، حدث ذلك في بضع ثوانٍ لألقي بنفسي وراءها لكن شاء تعالى أن تلفظ أنفاسها قبل أن أصل إليها، أخرجتها بعد عسر وجهد جهيد وكابدت بعدها مشقة التحقيق الذي أسفر على براءتي، وقد كان أهل خطيبتي على قمة التأكد بأني لم أفعل بها شيئا لأنهم جميعا يدركون مقدار حبي لها. حدث ذلك منذ ثلاث سنوات، لكني حتى اليوم مازالت أعيش تلك اللحظات التي أبت أن تفارقني، لأني كلما رأيت البحر تذكرت حبيبة عمري التي ماتت غارقة فيزداد حزني، لقد حاوت التخلص من هذه الذكرى لكن عجزت، وقفت حيالها مسلوب الإرادة لذلك إلتجأت إليك عساني أجد الدواء الذي يشفي جرحي الدامي ويخلصني من الذكرى المؤلمة. الرد عزيزي هشام تأثرت كثيرا لهذا المصاب الذي ألم بك ولاأملك سوى أن أقول لك عوض تعالى صبرك بالأجر والثواب وأسكن خطيبتك فسيح الجنان. إن الإنسان معرض في حياته إلى مواقف وهزات قد تزيد من درجة الصمود لديه والتحري وتجعله أكثر قوة، يحدث العكس فيصبح ضعيفا مسلوب الإرادة مثلما حدث لك، ولأنك لا تملك لنفسك سوى تقبل الواقع أدعوك لذلك بالكثير من العزيمة والصبر والكثير من التفاؤل، عليك أن تستمر وتواجه الحياة فهي رغم قساوتها علينا في بعض الأحيان إلا أنها تستحق أن نعيشها لأنها تخبأ لنا المسرات مثلما تخبأ المضرات وقد أخذت نصيبك من الحزن، عليك الآن أن تفكر في السعادة، فلا تجعل أبواب عقلك وقلبك موصدة لأجل غير مسمى ولاتزد نفسك هما أكثر مما تحملت، امنحها حق العيش، عليك بالنسيان لأنها النعمة التي لولاها لما إستمر العنصر البشري ولا تنس حكمة البيت الشعري التي تحمل في معناها أحب من تريد ومتى تريد فإنك لامحالة مفارقه... أرجو أن تهاتفني لكي أمنحك البرنامج الذي من شأنه إخراجك من دائرة أحزانك بإذنه تعالى. ردت نور