لا أعرف كيف امتلكت هذه القوة لكي أراسلك بعدما طلقت الدنيا واعتزلتها نهائيا، فأنا اليوم أعيش منغلقا على نفسي، شبه ميت، فقط مازالت أنفاسي لن تنقطع وذلك منذ أشهر مضت، على إثر وفاة حبيبتي، بعدما تعرضت لحادث إختناق بالغاز أودى بحياتها الغالية. هذه الحبيبة كانت بالنسبة لي الروح وكل الأشياء الجميلة، لأنها ليست كباقي الفتيات، رزينة حكيمة، قنوعة متدينة مخلصة، قلبها الكبير وعلقها الراجح جعلتني لا أرى من نساء الدنيا سواها، إنها المرأة التي الذي إستطاعت أن تهذب طيشي، بعدما كنت مندفعا وراء أهوائي بكثرة العلاقات العاطفية، لقد عرفت كيف تخرجني من دائرة النار إلى دائرة النور، فتعاتبني عن التقصير في هذا الفرض أو ذاك الواجب، كانت تمازحني عندما أغضب بلغة ذكية، كلماتها شفاء، وابتسامتها الفريدة كانت الدافع القوي لكي أستمر في الحياة، وأنا أعلمها عن تفاصيل الخطوبة والزواج وحياتنا المستقبلية والأولاد كانت تطأطأ رأسها خجلا بعدما تحمر وجنتيها من الحياء، لتقول بصوت خافت - إن شاء الله. هذه حبيبتي التي يريد في الناس أن أنساها، والكل يلوم لوعتي وحزني طوال هذه المدة، الكل حائرون يتساءلون أي سحر هذا جعلني عن هواها لا أحيد؟ ولا أحد يريد أن يصدقني أني لم أفقد بموتها حبيبة وكفى، بل فقدت معها كل المعاني الجميلة للحياة، وكل الصفات المثالية التي أذكر جيدا أنها لن تتكرر مرة أخرى، لأن حبيبة فريدة من نوعها. اليوم ياسيدتي أنا حزين ومتعب، لا أملك سوى البكاء والوحدة، بعدما تغلب عني الأصدقاء بحجة الجنون، ولأني أصبحت وحيدا، فلم أجد سوى سيجارة الحشيش أنيسا لي. لكي أسافر بعقلي بعيدا عن هذا الواقع الذي لم أستطع التأقلم فيه وتنفس هواءه الذي لايصل حبيبتي وهي تحت الثرى! حزين أنا، متعب، ولا أريد من الدنيا سوى اللحاق بها إلى ذلك العالم، عسنا هناك نجتمع، حين لن يكون الفرق أبدا... هل أذنبت ياسيدتي لأني أحببت بصدق! إذا لا تستحق مني كل هذه المشاعر، وهي نفسها تفيض بالمشاعر، ومنبع الحب كله. هشام أبو مرداس الرد : إنك ياهشام مثل المحب المخلص، وأنت لم تخطأ عندما أحببت هذه الفتاة رحمها الله، لما تملك من خصال ومميزات جعلتها في نظرك فتاة مثالية، ومن حق كذلك، لكنك لم تصب وأنت تعيش هذه الأحزان، والإنعزال، وتعاتب نفسك بالإدمان وكأنك من قتلها. إنها الحكمة الإلاهية وهذه سنة الحياة، وصدق من قال أحب من شئت إنك لامحالة مفارقه، فالفراق إن لم يكن بالموت تكون له أسباب ودوافع أخرى، فأنت ياصديقي لن تجني مما أنت فيه سوى الإنكسار وتراجع رغبتك في الحياة، وهي لن تعود إليك لأن الأمر قضي، حتى لوكتب الله لك الموت - أطال الله عمرك - فلن تعيش معها في العالم الآخر كما تعتقد أن هذه الأمور لا أحد يعلمها سوى الله. إجعل من ذكراها دافعا قويا للإستمرار العيش أطلب لها الرحمة، وإبتعد عن سم الحشيش الذي تتعاطاه، فأنت بذلك تريد لنفسك الآثام، وتحرمها من الحق العيش بسلام. ردت نور.