أظهرت العمليات الإرهابية التي نفذتها الخلايا الإرهابية النشطة بموريتانيا، والتي ينحدر أغلب ناشطيها من تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال بالجنوب الجزائري، ممثلة في كتيبة الملثمين وكتيبة الصحراء، أن هذه الأخيرة تسعى في تنفيذ عملياتها لتقليد نشاط القاعدة الأم، على الرغم من أن نشاطها بالجزائر مناف تماما للمبادئ التي رسمتها الجماعة السلفية للدعوة والقتال في بداية نشاطها المسلح. وتظهر العمليات التي نفذتها العناصر الإرهابية بموريتانيا منذ سنوات، تركيز هذه الأخيرة على أهداف أجنبية دون المساس بالموريتانيين، وبالعودة إلى هذه العمليات، فقد فجر انتحاري موريتاني في 8 أوت الجاري نفسه أمام السفارة الفرنسية في العاصمة الموريتانية نواكشوط، ما تسبب في إصابة حارسين فرنسيين، وجاء هذا الهجوم بعد شهر ونصف عن عملية اغتيال رعية أمريكي في نواكشوط، في عملية تبناها تنظيم دروكدال، حيث أعلن التنظيم مسؤوليته عن إطلاق النار على موظف إغاثة أمريكي في موريتانيا، شهر جوان المنصرم، وفي سياق العمليات الإرهابية التي مست أهدافا أجنبية، نفذ التنظيم الإرهابي لما يعرف بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، النشط تحت إمرة أبو مصعب عبد الودود واسمه الحقيقي عبد الملك دروكدال، هجوما إرهابيا في الفاتح من شهر فيفري سنة 2008، ضد السفارة الإسرائيلية بنواكشوط، كما نفذ في ديسمبر من عام 2007، عملية اغتيال في حق أربعة سائحين فرنسيين، وتعد هذه العمليات جزءا من العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم الإرهابي في حق مواطنين أجانب بموريتانيا، سواء كانوا فرنسيين، أمريكيين أو إسرائيليين، بالموازاة مع ذلك، لم ينفذ التنظيم أي عملية ضد مواطني موريتانيا، باستثناء حادثة المغيطي سنة 2005، التي استهدفت قاعدة عسكرية. بالمقابل، نفذ تنظيم ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال''، جرائم لا تعد ولا تحصى في حق الجزائريين العزل، وتعمّد التنظيم في مختلف عملياته توقيع جرائم في حق المدنيين، بهدف تحقيق صدى إعلامي، أبرزها العمليات الانتحارية التي انتهجها دروكدال منذ سنة 2006، تاريخ إعلان التنظيم انضمامه للقاعدة الأم، وربط متتبعون انتهاج عناصر دروكدال هذا النهج باعتماد دروكدال نهج خوارج الجيا في التسعينيات، بمحاولة محاكاة ''القاعدة الأم''، بهدف النشاط تحت غطاء الشرعية الدينية الذي يتغنى به أسامة بن لادن، وأضاف الخبراء أن تمكن السلطات الجزائرية من تحصين المواقع الدبلوماسية ورجال الأمن، جعل دروكدال يعود إلى المواطنين الضعفاء لتنفيذ جرائمه في حق الإنسانية، معتمدا أسلوب التكفير والردة، بهدف إضفاء الشرعية على نشاطه. ويعزو متتبعون يشتغلون على الملف الأمني، اعتماد دروكدال هذا الأسلوب، في محاولة منه لاستعطاف الموريتانيين، من خلال الترويج لفكرة استهداف ''النصارى والكفار''، على حد وصف دروكدال، من أبناء أوروبا وأمريكا، لكسب وتجنيد عناصر موريتانية من المتشعبين بالفكر الجهادي، في صفوفه بعد أن فقد الدعم المحلي بالجزائر، إثر دحض نشاطه من قبل علماء الأمة الإسلامية، وأضاف الخبراء أن نجاح دروكدال في اللعب على ورقة تجسيد تعاليم الدين الإسلامي، والقول بإنشاء دولة إسلامية دستورها القرآن الكريم، على أرض الجزائر، جعله يحاول إعادة تشغيل هذه الورقة الرابحة بجمهورية موريتانيا.