تهدف الجماعات المهربة للمواشي في خطوة لإغراق السوق الجزائرية بالمواد السامة والأسلحة والمحظورات وبالمقابل إعادة ترويج وتهريب بضائع أقل خطورة وأكثر ربحا من المواد المستوردة إن صح التعبير، فقد عرفت المناطق الجنوبية لصحراء مدينة الجلفة عدة عمليات إجرامية ولصوصية لعصابات منظمة تهدف للاستيلاء على أجود أنواع سلالة الأغنام النايلية، حيث ما فتئ هؤلاء يحكمون قبضتهم على الأسواق والبوادي تارة للشراء وأخرى للاستيلاء على الخرفان والكباش وأنواع الماشية الحلوب. عصابات التهريب تستهدف موالي الأصناف الجيدة لتهريب السلالات خارج التراب الوطني وفي تطور للوضع استطاعت العصابات الإجرامية تمويه السلطات برحلة الشتاء والصيف، في حين عمدت على مغازلة شيوخ القبائل وكبار الموالين بالتعامل مع ممونين من البادية أو بكسبهن عن طريق الشراء والمخالصة دون انتظار أحوال المطر والسوق، العملتان اللتان يتحكمان في بورصة المواشي وبمعادلة حسابية. وحسب مصادر محلية فإن هؤلاء اللصوص تمكنوا من الاستيلاء وخلال آخر الأشهر المنصرمة على أزيد من 300 رأس من الماشية ذات الأصناف الجيدة منها التي تحولت إلى الدول المجاورة ومنها التي بيعت داخل ولايات الوطن على أن يعاد تهريبها فيما بعد إلى دول الجوار بهدف تهريب السلالات النوعية خارج حدود التراب الوطني، فبعد أن تلد وتبقى الشوكة يتم الرجوع لانتشالها والتستر تحت لوائها، ورغم أن ولاية الجلفة تحوي أزيد من أربعة ملايين رأس من الماشية، ناهيك عن توسطها للولايات جعلها محجا وبوابة لهؤلاء المرتزقة الذين يقومون بسرقة المواشي وتبديلها بالمحظورات والسجائر، مستعملين بذلك أطرافا وعمالة جزائرية مقابل أرباح مالية معتبرة، حيث يقومون بعمليات تمويهية لأجل عدم التعرف على هويتهم وكثيرا ما أحبطت مصالح الدرك الوطني إثر مداهمات ودوريات أعمال هؤلاء، كما حدث بمنطقتي بوتريفيس بالجلفة وحاسي بحبح والمجبارة، إلا أن المناطق الأكثر تضررا تبقى الجنوبية بحكم العزلة وقرب المسافات وانعدام الاتصالات وفرق المراقبة والدوريات الأمنية. وأفادت مصادرنا أن أغلب العمليات يتعرض لها الموالون أثناء الرعي وأحيانا في الزرائب، كما حدث أياما قلائل قبيل الشهر الكريم، أين تعرض موال ببلدية سلمانة إلى اعتداء وسرقة أزيد من 137 رأس من الماشية وآخر من منطقة واد جدي لأزيد من 17 رأسا وتم اكتشافها ببلدية فيض البطمة، في حين تعرض موال آخر إلى سرقة أكثر من 30 رأسا، حيث قام اللصوص بتكبيله. وقد أفادت مصادر أن بعض الرعاة من العقلة بولاية تبسة ينحدرون من أصول الجلفة شاهدوا راع على الحدود التونسية الجزائرية، حيث يعرفون أنه لا يملك ولا رأسا من الماشية مما شد انتباههم ورجحت ذات المصادر أن يكون على صلة بالمهربين للثروة الحيوانية، في حين تعرض موال آخر إلى اقتحام ليلي خلال الأيام الماضية وتم الاستيلاء على ثروته الحيوانية والمقدرة ب 60 رأسا من أجود أنواع الخرفان والكباش وآخر تعرض أول أمس، إلى عملية مداهمة واعتداء من طرف ملثمين واستولوا على 17 رأسا من الماشية بمنطقة جعارين رغم سيطرت درك مسعدوالجلفة على بعض العصابات إلا أن الثروة الحيوانية لا زالت تستنزف وتستبدل بالسموم والأسلحة المحظورة الأدهى والأمر من هذا كله ورغم تمكن مصالح الدرك الوطني بمسعد الشهر المنصرم من تفكيك عصابة المواشي واسترجاع عدد من رؤوس الماشية وتقديم المتهمين إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة مسعد الذي بدوره أمر بإيداعهم الحبس، إلا أن الكثير من اللصوص يبقى يعمل لحساب أشخاص لا يعرفهم سوى أنهم من يقومون ببسط النفوذ والسيطرة من خلال تواصلهم مع مرشدين سياحيين لتسليم البضائع والتي غالبا ما تكون الثروة الحيوانية المسروقة، والتي يتم الاستحواذ عليها عن طريق هؤلاء المحليين لبيعها للعصابات الخارجة عن القانون والتي تبقى تستنزف وتكبد الدولة أموالا طائلة، بالمقابل، تقوم بإغراق السوق بشتى أنواع السموم والمواد والأسلحة المحظورة عبر بوابة الصحراء ومسالك الكثبان الرملية الوعرة، في حين عمد الكثير إلى تغيير الوجهة الوطنية عبر مسالك بوكحيل التي تعد ممرات للجماعات الدموية والاختباء بالكازمات لتخزين شتى أنواع السموم والمواد المحظورة المستوردة من ليبيا عبر البوابة دبداب، وبعد إصدار الحكومة الجزائرية عبر والي ولاية اليزي الذي قام بغلق الحدودية الجزائرية ليبية مؤقتا إلى غاية انفراج أزمة الصراعات المصلحية فقد لجأت العصابات الإجرامية إلى البوابة تونس لأجل مواصلة المتاجرة والاستيراد. يبقى أن نشير إلى أن مصالح الدرك الوطني بمسعد وبالتنسيق مع الجهات الأمنية لورڤلة خاصة القيادة الجهوية الرابعة للدرك الوطني تمكنت خلال السنوات الماضية من حجز كمية من الأسلحة المستوردة من ليبيا والمتمثلة في بنادق من نوع كارابيل. قوات الدرك بالجنوب الشرقي تطيح بشبكات وطنية لتهريب الماشية بالمقابل، تمكنت قوات الدرك الوطني التابعة لإقليم الناحية العسكرية الرابعة بورڤلة من تفكيك عدة شبكات كانت تشكل عصابات منظمة تستهدف سرقة المواشي، حيث عالجت مصالح القيادة الجهوية الرابعة أزيد من 15 قضية على مدار ثلاثة أشهر المنقضية، حيث تم خلالها كشف خيوط مجموعات كبيرة من اللصوص والمرتزقة الذين سرقوا من المناطق الحدودية والداخلية التابعة للقيادة نحو 137 رأس ماشية منها 109 أغنام والباقي من الماعز، و قد أوقفت هذه الأخيرة ما يزيد عن 12 شخصا متورطا في هذه العصابات، حيث أودع منهم 9 أشخاص الحبس المؤقت، في حين استفاد الباقون من استدعاءات مباشرة لحضور جلسات المحاكمة في وقت لاحق، وقد عالجت مصالح الدرك الوطني 3 قضايا استهدفت سرقة المواشي بولاية بسكرة وما تبعها من ضواحي و4 قضايا بولاية الوادي و5 قضايا بمدينة الأغواط ودوائرها وأزيد من 12 قضية عبر بلديات ولاية الجلفة، في حين عالجت هذه الأخيرة 3 قضايا سرقة المواشي فقط بإقليم ورڤلة ويرجع نقص القضايا المعالجة بمدينة ورڤلة وضواحيها إلى تضييق الخناق من طرف عناصر الدرك الوطني على المنافذ والحدود الولائية وكذا تشديد الرقابة على وسائل نقل وتوزيع المواشي عبر تراب الناحية العسكرية الرابعة وهو ما جعل عصابات المواشي تنقل نشاطاتها الإجرامية إلى خارج تراب الولاية.