حمّل الإعلامي المصري المعروف حمدي قنديل، الذي ذاع صيته في حصة "قلم رصاص " و قبلها "رئيس التحرير"، مسؤولية الأزمة بين مصر والجزائر إلى الإعلام الرياضي، وقال في رسالة مطولة وجهها إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أن الأحداث كشفت أن المشكلة في القاهرة ذاتها بالقول:" القاهرة التي مرغت كرامتها فى التراب، لأن مكانتها الإقليمية تردت نتيجة سياستها التابعة لأمريكا، المتخاذلة أمام إسرائيل خاصة عند عدوانها على غزة"، ودعا الرئيس بوتفليقة إلى تحقيق المصالحة بين الشعبين الجزائري والمصري تحسبا لعيد الأضحى. وتضمنت الرسالة التي نشرتها بعض المواقع الإخبارية المصرية، اعترافات بأن الأحداث الأخيرة عرت مصر وكشفت عن تراجع مكانتها، وأيضا عن حقيقة القنوات الفضائية المصرية التي شنّت هجوما لا أخلاقيا على الجزائر شعبا وحكومة. وفي تحليل لتطور الأحداث، لم يغفل حمدي قنديل الإشارة إلى" أن مصر وجدت نفسها وحيدة في أزمتها الأخيرة مع الجزائر، لا أحد من دول العرب جميعاً تدخل، حتى من تلك الدول التي سبق لمصر السعي للتوفيق بينها، الأغرب هو السكوت المطبق للجامعة العربية، في حين يتربع على قمتها أمين عام مصري ونائب له جزائري" . مصر وحيدة بسبب سياستها مع اسرائيل وانتقد قنديل الحملة التي شنتها القنوات الفضائية الإعلامية المصرية، عندما قال أن الإعلام الرياضي "هو الذي أودى بنا إلى الكارثة"، وحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى لما وصفه ب"دكاكين بعض البرامج الرياضية، التى أصبحت كيانات شبه مستقلة داخل قنواتها، تعمل وفق أجندات خاصة لتحقيق مصالح مادية ومعنوية شخصية، وتجاري من أجل ذلك مشاعر العامة، تنفخ فيها المزيد من جرعات الإثارة والتهييج، وتستدعى الأغاني الوطنية المدفونة في الأرشيف عمداً، لتسهم فى تأجيج نيران التعصب"، ولم يغفل الحديث عن الإعلام الجزائري"، خاصة بنشره أكاذيب عن قتلى جزائريين فى القاهرة". وتساءل قنديل في رسالته:"هل يستطيع الإعلام الرياضي أن يعطى مزيداً من الاهتمام لرياضات أخرى، أم أنه يلهث وراء أقدام لاعبى الكرة؟ بوضع أخطر مشروع قانون لإحكام الرقابة على جميع وسائل البث بما فيها الإنترنت، في حين كان يمكنه بإشارة من طرف الأصبع، أن يوقف العبث بعلاقات عزيزة على شعبين وبمصير أمة. وعرض طبيعة العلاقات المصرية السودانية التي تشوبها في التاريخ الحديث عدة حوادث، واعترف أنه لم يفهم خلفية اختيار اتحاد الكرة المصري دولة السودان لإجراء المقابلة الفاصلة، "التي اصطلح على تسميتها بأم المباريات"، قبل أن يوضح " أظن أنهم جميعاً كانوا تحت، وهم أن السودانيين سيلتفون بقضهم حول المنتخب المصرى، وأن الخرطوم أقرب إلى القاهرة من الجزائر، وبذلك ستكون مرتعاً محتكراً للمشجعين القادمين من مصر"، قبل أن يؤكد أن ذلك خطأ فادحا جدا ، "وهو أول خطأ فادح ". نظام حسني مبارك فشل في إدارة المباراة ومختلف الأزمات واعترف قنديل أن السبب أيضا :" هو نظرة الاستعلاء لدى بعض أهل مصر اتجاه أهل السودان، لم يتفهم اتحاد الكرة هذا كله وهو يختار السودان، ولذلك أصيب بالدوار عندما استعصى على فهمه، هل الجمهور السودانى معنا أم علينا؟ وهو بداهة كأي جمهور فيه من معنا وفيه من مع الآخرين". وانتهى الإعلامي إلى خلاصة الأحداث، وهي أن مصر "فشلت فشلا ذريعا في الإعداد للمباراة، وفي كل ما تلا ذلك من إجراءات، لأن القرار اتخذ كالعادة في اللحظات الأخيرة "، وذهب إلى أبعد من ذلك، عندما أشار إلى "نوعية" المشجعين"، بالقول في الرسالة "اخترنا جمهوراً من وجهاء المشجعين يصلح للذهاب إلى كرنفال، ولم نستطع حتى تنظيم الألفي شخص، الذين تباهى الحزب الوطنى بإرسالهم، وهو العاجز عن تنظيم أي مناسبة خارج قاعة المؤتمرات، ولم نستطع حماية أبنائنا بغطاء أمني خاص في حين يصول الأمن ويجول في مدن مصر مزهوا بفرق الكاراتيه، ولم نستطع حتى توزيع أعلامنا، فطبعت السفارة أعلاماً من ورق، كأنها تجهز لعرائس مولد النبي، ولم نستطع توثيق ما جرى في الخرطوم ببلاغات للشرطة، يمكننا استخدامها كسند قانوني ". وفشلت مصر بامتياز في إدارة أزمة أم المباريات، يكتب قنديل، وليس من المستبعد أن تفشل في إدارة أزمة مماثلة قد تحدث خلال هذه الأيام. وحرص قنديل في ختام رسالته على التأكيد؛"أن القاهرة غير راغبة في التصعيد استنادا إلى خطاب حسني مبارك، لكنه اعتبر أن المنفذ الوحيد للخروج من المأزق، لن يكون إلا " بلقاء بين الرئيسين، وغير ذلك من الإجراءات مهما كانت طبيعتها، لن تفضي إلى شيء البتة، بل ربما تزيد الأمور تعقيداً، ولن يتم هذا اللقاء إن تم، إلا بمبادرة من طرف ثالث، ربما يكون الزعيم الليبي الذى سبق له أن اصطحب معه الرئيس بوتفليقة مؤخراً إلى القاهرة، لتسوية أمور عالقة بينه وبين الرئيس مبارك." يا بوتفليقة أهدني مصالحة وأضاف قنديل:" الأمر الآن أخطر، لذلك أناشد هنا معمر القذافى بصفته ملك ملوك إفريقيا وعميد القادة العرب، أن يفعلها مرة أخرى فى أول فرصة سانحة، ليتوجه مجددا إلى الرئيس بوتفليقة "، بأن يقبل أول مبادرة عربية لترتيب لقاء بينه وبين الرئيس المصري"، وحرص على الإشارة إلى رفض التلفزيون نشر حلقتين من الحوار، الذي أجراه شخصيا مع الرئيس بوتفليقة في برنامج "رئيس التحرير"، مما أدى إلى تغييبه عن التلفزيون عدة أشهر. وخاطب قنديل بوتفليقة:" أنتظر منك يا سيادة الرئيس، أن توقف مسلسل الانتقام، وأن تتخذ قرار المصالحة الذي أعرف مدى صعوبته في مواجهة جمهور غاضب، لكنك اتخذت من قبل قراراً أصعب عند المصالحة بين الجزائريين أنفسهم، أهدني هذا القرار ونحن مقبلون على أعياد، عيدنا الكبير حقاً هو عودة القلوب إلى الصفاء، ولعله يوماً سيأتى."