أصبح وسيلة لحشد مئات الآلاف من الشباب “عن بعد” وتنظيم المسيرات في 48 ولاية “الفايسبوك” يتحول إلى “حزب” يقوده مجهولون.. يطالب بالتغيير ويريد محاورة النظام افتراضيا تحول موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” إلى ما يشبه حزبا جديدا لكنه افتراضي، وذلك منذ الحراك الشعبي الذي تشهده مختلف ولايات الوطن منذ جمعة 22 فيفري الماضي، حيث تحول “الفايسبوك” إلى حزب يقود الجزائريين تمكن من حشدهم ودفعهم إلى الشارع من أجل المطالبة بالتغيير ورفض العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ويرصد متابعون لتسارع الأحداث وارتباطها بما يتم تناقله وتقاسمه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة “فايسبوك”، التنظيم المحكم لعملية إخراج المواطنين إلى الشارع بمواعيد جد منظمة وتواريخ يتم تحديدها مسبقا والترويج لها عبر مختلف الصفحات، وسط مختلف فئات المجتمع مقابل الاستجابة الواسعة. وشهد الأسبوع الأخير من شهر فيفري، حراكا غير مسبوق من خلال دعوات تقوم ببرمجتها مسبقا بعض الصفحات لخروج بعض شرائح المجتمع في مسيرات رافضة للعهدة الخامسة وهو ما تحقق، حيث تم حشد مئات الآلاف من الجزائريين في جمعة 22 فيفري، وبعدها تم تحديد تاريخ خروج الطلبة يوم 26 فيفري، والمحامين يوما بعد ذلك، وهو ما يفتح بابا للتساؤل عن من يقف وراء هذه الدعوات ومن هو زعيم الحزب الافتراضي الذي تمكن من ابتلاع كل أحزاب المعارضة والموالاة وتمكن “مسيروه” من احتلال “الميدان” بشكل منظم ومبرمج. وقد تمكن “قادة حزب الفايسبوك” من استغلال تصريحات وسقطات وأخطاء لبعض قادة ورموز من أحزاب السلطة والموالاة من أجل توظيفها بشكل واضح في دعم وحشد مئات الآلاف من المتظاهرين على موقع افتراضي، قبل الدعوة إلى احتلال الشارع من خلال شعارات مبرمجة مقتبسة من أهزايج وهتافات أنصار الفرق الرياضية ويتم الترويج لها قبل كل مسيرة. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح من خلال الحراك والحشد الذي تمكن من تحقيقه “حزب الفايسبوك”، هو في حالة استجابة السلطة لحراك الشارع وقرارها الدخول في حوار أو مفاوضات مع ممثلي الحراك، من سيحاور النظام على المطالب التي يتم ترديدها ورفعها خلال المسيرات المنظمة من 22 فيفري الى غاية جمعة 1 مارس التي تم الحشد لها بكل قوة على موقع “الفايسبوك”؟ كما يدرك المتتبع للحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائر منذ حوالي 20 يوما، “تنظيم” حزب “الفايسبوك”، وهو ما يفتح باب التساؤل عن الرؤوس الخفية التي تقوم بتسيير الحشود “عن بعد” وإنزالها الى الشارع في تواريخ جد دقيقة، تثبت تحكم الجهات التي تخطط لإخراج المواطنين في جموع وحشود بالآلاف إن لم نقل بالملايين، فيما يبقى السؤال الأكثر إلحاحا هل “الرؤوس” التي تسير كل هذه الحشود “عن بعد” أجنبية أم جزائرية”؟. وبقدر ما يكون طرح هذه الأسئلة جائزا من وجهة نظر السلطة والموالاة، بقدر ما يمكن طرح سؤال آخر بخصوص الفراغ الذي تتحمل السلطة مسؤوليته، خصوصا على مستوى الجانب الاتصالي، لاسيما وأن ما يشبه قطيعة تامة قد أصبحت مسجلة بين الحكام والمحكومين بداية من المستوى المحلي وصولا إلى قمة هرم السلطة. ووسط ذلك الفراغ الناجم عن قطيعة الشعب مع كل ما يرتبط بالسلطة أو يرمز لها أو يروج لأطروحاتها، ولأن الطبيعة لا تحتمل الفراغ، فقد اصبح “حزب الفايسبوك”، من خلال التحكم في الحشود دعامة هامة إعلاميا وبات ينافس أو ينوب وسائل الإعلام في تقديم المعلومة بغض النظر عن مصداقيتها ومصدرها.