لأنّ الطّريق طويل ومؤلم وشاق، وسأحاول جاهدة أن أضع قدميك على البدايات لتتعافي سريعا وبأقل الخسائر، بدون إصابات شديدة "عاهات"، وبدون أن يتحوّل أطفالك لأسرى أو شهداء للطلاق. * حذار من الوقوع في فخ لوم النفس والنواح على حظ عاثر، فالحياة جميلة مع الرجل، وجميلة من دونه أيضا، والطّلاق قدر لا يحدث إلا بأمر الله، فحذار أن تفقدي إيمانك، اجعليها فرصة لتقوية الإيمان. *إذا كنت أما، فعليك الحفاظ على "قواك العقلية" وتماسكك النفسي لأجل أطفالك، فالأم المتماسكة يتماسك صغارها، والمنهارة تتسبب في انهيارهم أيضا. *إياك والشّعور أنّك أصبحت "خادمة" لأطفال زوجك السّابق، وأنّك ترعين صغارا يحملون اسم رجل أصابك منه جرح الدّهر، وتذكري أنك "أم" بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، وأن ما تقومين به هو عمل نبيل، وأن هؤلاء الصغار الأبرياء صاروا أغلى، فهم مكونات أساسية لبهجة حياتك وفرحها القادم، وهم المستقبل السعيد والثمرة التي ليس لها جزاء إلا الجنة، فانتهزيها فرصة للإستمتاع بأمومتك، وكوني معهم طفلة، واكبري معهم شابة. * * "خرب بيتي".. "تهدمت أسرتي".. دعي هذه الكلمات وارفضي تماما هذه الأفكار وبسرعة، تنسمي عبق المعاني الأعمق للبيت والأسرة، وازرعي في نفوس أطفالك أنهم ينتمون لبيت، ولديهم أسرة جميلة، اختلف شكلها قليلا لتحقيق الهدف الأسمى لوجود الأسرة في المجتمع من استقرار وسعادة، فحيث السّعادة يوجد البيت وتوجد الأسرة، وتيقني أن دورك الأساسي الآن الذي يجب أن تنشغلي به، كما كان وأكثر هو الإرتفاع بنفسك وأسرتك إلى القمة. * اعلمي أن الجروح العاطفية تحتاج إلى وقت لتلتئم، وقد تزيد طول فترة العشرة الزوجية، من ألم الجرح والوقت المستغرق لشفائه، ونجاحك أن تقصر فترة العلاج والشفاء والنقاهة قدر الإمكان. وتذكري أنّ راحة البال التي تتمتعين بها الآن أكرم لك ألف مرة من حب يجلب لك الشقاء. *في بداية الطّلاق ستمرين بفترات من الشعور بالاضطراب وعدم التعود على أبسط أمور حياتك مثل" شراء حاجيات البيت كلها، تدبير الميزانية، دفع الفواتير، باختصار ستزيد المسئوليات وستتغير الأدوار وتتعدّد، فتعلمي كيف تعيشين حياتك بطريقة جديدة يوما بيوم وخطوة خطوة، تدرجي وتعلمي حتى يصفو ذهنك وتستقر نفسك وتهدئي وتتعودي. * "احزني مبكرا لتشفي مبكرا" قاعدة جميلة لصحتك النفسية، فمن الخطأ ألا تحزني، فمقاومة الحزن تجعله يسكنك للأبد، فاحزني ولملمي جراحك وخذي وقتك حتى تستعيدي أنفاسك، واعلمي أن الحزن سيعاودك، ولكن بدرجة أقل، وعلى فترات أبعد حتى يتلاشى تماما بإذن الله، ولا تعبئي كثيرا بكلام الناس، فهم في كل الأحوال يثرثرون ويتكلمون. *الذكريات المشتركة (كالرسائل والهدايا والصور... إلخ)، هي جزء من حياتك التي مضت، فلا تمزقيها أو تتخلصي منها، ولكن أبعديها عن ناظريك في مكان بعيد، بحيث لا ترينها إلا بعد الشّفاء، حتى لا تزيد أحزانك. *أحبي نفسك، صادقيها، دلليها، ابذلي مجهودا لإدخال البهجة عليها، وتذكري أن نفسك كانت نفس امرأة محبة متفانية، أعطت الكثير لإقامة بيت وأسرة وإسعاد زوج، ولم تبخل بجهد تستطيعه، تذكري أن نفسك تستحق. *لا تصادقي الوحدة، رجاء لا تنعزلي أبدا، قد تحبين أخذ وقت للراحة والاسترخاء، ولكن أخرجي للناس واحرصي على علاقاتك الإجتماعية، ابحثي عن أصدقاء مخلصين، فمعهم تهون الوحدة ويتم ملء الفراغ، وتتحقق صحتك النفسية. * إذا كنت عاملة فانتبهي لعملك، وبعد الشفاء احرصي على الإتقان والإبداع والتميز فيه، وإذا لم تكوني عاملة، فخطر الشعور بالوحدة سيكون أكبر، ولكنك لن تعدمي الحل ما دمت تمتلكين الإرادة، وتذكري أنه "إذا أردت استطعت"، فلا بأس من البحث جديا عن عمل يضيف إليك ويحقق ذاتك ويكفيك للإنفاق ويملأ وقتك بالمفيد، وحتى يتم لك ذلك، ابحثي عن مجالات تستطيعين من خلالها تحقيق ذاتك * قد تصبح الحياة أجمل بكثير مما مضى، فقط تخيلي أن الرجل الذي كان ينتقدك دائما غير موجود، الرجل الذي كان يعنفك لفظيا أو جسديا أو معنويا غير موجود، الرجل الذي كان يتسبب في إهانتك وإيذائك نفسيا فيبكيك ويصف دموعك بأنها دموع التماسيح غير موجود، الرجل الذي كان يعتمد في علاقته الزوجية معك على المشاحة لا المسامحة، فلا يقيل عثرة ولا يلتمس عذرا غير موجود، الرجل الذي كان يستبد برأيه ويحقر رأيك ويهز ثقتك بنفسك غير موجود، الرجل الذي كان يعيرك ويمن عليك كلما قدم خدمة أو عطاء من أي نوع غير موجود، والذي كان يردد أنّه يتمنى لو لم يكن يعرفك، أو أنّه سيتزوج بمن هي أفضل منك، أو يهددك بالطلاق على كل ما لا ينبغي فيصيبك بالاضطراب والخوف، لم يعد موجودا.. لم يعد جزءا من حياتك، ذهب وذهبت متاعبك معه إلى الأبد. مشاركة من القارئة " متفائلة" غيليزان يتبع