سيدي، لقد وصفت نفسك في جملة دقيقة " أنا إنسان متردد جدا "، وهذا هو قلب المشكلة وأساسها التّردد، تلك الصّفة التي جعلتك تضيع من حياتك فرصة الإرتباط بمن أحببتها وأحبتك، لأنّك غير قادر على مواجهة أهلك بحجة قوية ومقنعة وغير قادر على إقناعهم بوجهة نظرك وحقك في اختيار شريكة حياتك، حتّى لو كانت أكبر منك ثم إنّها ليست أكبر منك بكثير، بل هو عام واحد فقط، أي أنّ حجة أهلك في الرّفض لم تكن قوية، لكنهم فيما يبدو أعلم بك، فهم يعرفون أنّهم لا بد أن يقرّروا عنك كل شيء ويتخذوا نيابة عنك كل قرارات حياتك، لعلمهم بعدم قدرتك على الاختيار وعلى اتخاذ أي قرار. هذه مشكلة لن تقف فقط عند حد اختيارك لشريكة الحياة، لأنّ من تحبّها ضاعت منك، وما ضيعها ليس تدخل أهلك وإنّما تردّدك وضعفك وعدم قدرتك على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، فقد خطبت لغيرك وانتهى الأمر وأراها اتخذت الطّريق السليم، فقد فعلت كل ما هو مطلوب منها وساندتك حتى التخرج والعمل وتحدت أهلها للإرتباط بك، وأنت ماذا فعلت لأجلها؟ لا شيء، جعلت أهلك يتخذون القرار بالنيابة عنك كعادتك دائما. سيدي الفاضل؛ لك أن تبتعد عن هذه الفتاة نهائيا لأنّك لا تصلح لها زوجا، ليس بسبب فارق السّن ولكن بسبب فارق التّفكير واتخاذ القرارات، هي واضحة تعرف ماذا تريد، كانت تريدك زوجا، فلما تنصلت من وعودك وجدت من يقدرها ويحترمها ويرغب فيها بشكل محترم فارتبطت به، أما أنت فلم تتعلّم من التّجربة. إنّ المشكلة الآن ليست ما حدث، لكن ما سوف يحدث في بقية حياتك، أمامك الكثير من القرارات المصيرية التي لا ينفع فيها سلبية ولا تردد، وإن ظلت حياتك هكذا فسوف تفقد الكثير والكثير من فرص الحياة، اعذرني لقسوتي عليك فذاك ليس تقليل من شأنك، لكنه فقط تنبيه لك لتصحو من الحالة الانهزامية التي أنت عليها، فاحمد الله على ما حدث، لأنّ الأمور لو سارت في مسارها الطبيعي، فإنّك لن تتنبه إلى عيوبك وترددك، فكلما كانت الصّدمة مبكرة، كانت قدرتك على التحرك والتغيير أسرع، هذا إذا كنت تنوي فعلا أن تتغير وتتحول لشخص قادر على اتخاذ القرارات، شخص مسؤول عن تصرفاته وعن اختياراته، شخص يتمتع بالمرونة اللازمة والقدرة على التغيير، بإمكانك أن تصلح الآن ما أفسدته تربيتك الخاطئة، وتبدأ أنت في تقويم نفسك والانتصار على سلبيتك وعيوبك، فتخرج من عباءة أبويك واتكالك عليهما، وتبدأ في اتخاذ قراراتك المصيرية. أنت لن تصلح كل عيوبك فجأة أو بين عشية وضحاها، المهم أن تخطو أول خطوة نحو التغيير ، ابدأ الآن في توسيع دائرة أصدقائك وابحث وسط محيط عملك أو محيطك العائلي عن أصدقاء مخلصين وصحبة صالحة، تتعلم منهم مواجهة الحياة ووضع خطة بالأهداف المستقبلية، نمّي ذهنك وعقلك واقرأ كثيرا وطور شخصيتك وشارك في أحداث الحياة من حولك، وحين تفعل كل ذلك ستجد ألف فتاة ترحب بك زوجا، وقتها ستكون أنت مقنعا لأهلك ولها، ولن تحتاج إلى البكاء على حالك وعلى ما ضاع منك، لأنك لن تكون هذا الإنسان المتردد الذي ينتظر غيره ليقرر عنه، المهم أن تتوقف الآن عن البكاء وعن ذكريات الماضي، وأن تفكر في المستقبل لتتحرك سريعا. ردت نور