دعا، رضا مالك، رئيس الحكومة الأسبق وأحد أبرز المشاركين في المفاوضات الجزائرية الفرنسية إبان الثورة التحريرية، شعوب الدول العربية والإسلامية التي تعيش انقسامات طائفية واحتلالا أجنبيا إلى التمسك بمبادئ ثورة أول نوفمبر في الجزائر، والتي اعتمدت ثلاثة مبادئ أساسية منذ بدايتها، والتي تمثلت في وحدة الشعب، وحدة التراب الوطني والإستقلال التام. وقال، رضا مالك، خلال إشرافه على محاضرة بعنوان ''وقفة عرفان لمفاوضي إيفيان''، التي ألقاها بمنتدى المجاهد أمس، إن بعض الدول العربية والإفريقية تخلت عن مثل هذه المبادئ عقب ثورات داخلية، على غرار السودان، أين حث الفلسطينيين على مواصلة ثورتهم وعدم الرضوخ للإسرائيليين إلى غاية تحقيق الإستقلال التام، كما وجّه الكلام للعراقيين الذين ينقسمون إلى عدة طوائف، مشيرا إلى ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب العراقي مهما اختلفت العقائد والأجناس. وأضاف أن الثورة الجزائرية واجهت عدة عراقيل لتحقيق هذه المكتسبات الثلاث دون التفريط في واحدة منها، خاصة إصرار فرنسا على الإحتفاظ بالصحراء وتقسيم الشعب الجزائري إلى طوائف وأقليات، مؤكدا أن بورڤيبة الرئيس التونسي كان يريد ضم جزء من الصحراء الجزائرية لتونس، في تعهد من قِبل ديغول شريطة الإبقاء على قاعدة عسكرية فرنسية على أراضيها، الأمر الذي جعل بورڤيبة يأمر بطرد القاعدة الفرنسية بعد عدم تمكن فرنسا من تحقيق مطلبه فنشبت حرب بينهما قتل فيها 900 تونسي في يوم واحد. وأكد رئيس الحكومة الأسبق أن جبهة التحرير الوطني لم تطلب المفاوضات وإنما دفعت فرنسا إليها دفعا، من خلال الجمع بين شدة وبأس الثورة في الميدان ونشاط الدبلوماسية، الأمر الذي جعل الإدارة الفرنسية تبادر إلى التفاوض منذ 1956 اعترافا منها بفشلها، حسب ما ظهر على لسان الشعب والبرلمانيين الذين طالبوا الحكومة بالإستقالة وإحضار ديغول إلى الرئاسة من أجل المحافظة على الجزائر فرنسية. وقال، رضا مالك، إن الثورة رفضت اعتماد سياسة خطوة خطوة لتفادي ما حدث في الفيتنام، ذلك أن فرنسا أوهمتهم باستقلال الشمال والنظر بعدها في الجنوب، الأمر الذي لم يتحقق وإنما دخلت البلاد في حرب جديدة دامت 10 سنوات، مشيرا إلى أن تفاديا لمثل هذا قرر قادة الثورة عدم وقف إطلاق النار إلا بعد تحقيق المبادئ الأساسية دون أية تجزئة. وبخصوص التنازلات التي خضع لها الوفد الجزائري، قال رضا مالك، إن الثورة ما تنازلت عن شيء إلا وهي تعلم أن أمره بيدها، مشيرا إلى أن كل نتائج إيفيان هي مكتسبات عظيمة حققتها الثورة، بدليل أن كل ما تم التنازل عنه تم استرجاعه فيما بعد لتصير الجزائر إلى ما صارت عليه اليوم.