تحت شعار ''المعيشة تلڤاط.. والوقت صعيب ''الله يحسن عون الجميع'' سواء كانوا ضمن أفراد الأسرة التربوية أو يشتغلون في قطاعات أخرى ويمارسون ''خدايم زيادة'' لتغطية عجز الميزانية واللحاق برغيف الخبز، في ظل ارتفاعات غير معلنة ومفاجئة لأسعار المواد ذات الإستهلاك الواسع أو لغايات أخرى.. حتى لا يسيء فهمنا القارئ ونحن نعرض أمامه هذا ''الروبورتاج'' الذي رصدنا فيه بعض المهن التي ربما تبدو غريبة أو لا تنسجم مع ماهية المعلم أو الأستاذ، وبالرغم من ذلك فهو يمارسها من باب للضرورة أحكام أو مكره أخاك ''أمام غلاء المعيشة وتنامي حاجيات الأسرة'' لا بطل. معلم ابتدائي ''دار التاويل'' ببيع الأواني في الأسواق الشعبية رصدت ''النهار'' في ولاية البليدة بعض المعلمين والأساتذة الجامعيين الذين يزاولون مهن موازية، قالوا عنها إنها جاءت لتعزيز راتبهم الشهري في ظل التهاب الأسعار، كما هو الحال للأستاذ ''ع. أ'' الذي يدرّس بكلية الأدب واللغات بجامعة سعد دحلب، والذي يمارس في ذات الوقت مهنة مراسل صحفي لأحدى الجرائد. وفي حديثنا معه رفض التعليق، إلا أن من كان حوله صرّح لنا أن هذا الأستاذ يريد أن يأخذ اسما فقط بالرغم من أن ظروفه المادية جيدة. على النقيض من ذلك لجأ المدعو ''ج. د'' أستاذ بإكمالية بضواحي البليدة أثناء أوقات الفراغ إلى العمل بسيارته ''كلونديستان''، لإيصال المواطنين إلى أماكن مختلفة من الولاية مقابل مبالغ مالية، حيث اكد ل''النهار'' أنه يخاطر بحياته في نقل أشخاص لا يعرفهم إلى مناطق نائية، وهذا لسد حاجيات أسرته المتكونة من 01 أفراد مع غلاء المعيشة. أما المدرّس ''ب. ز'' فقد التقينا به مرات عديدة بالأسواق الشعبية بغرض بيع الأواني المنزلية، حيث أكد لنا أنه بفضل ذلك العمل تمكن من شراء سيارة وبناء مسكن يأويه مع عائلته الصغيرة، ليقوم مؤخرا بفتح محلا تجاريا يجده لما يحال على التقاعد، مضيفا أن مرتبه لا يكفيه لتغطية متطلبات أسرته، حيث إن الملاحظ أن هذه الظاهرة انتشرت بكثير ليس فقط أوساط الأساتذة والمعلمين، بل مست مختلف الموظفين في شتى المجالات. بعد التدريس أعمل ''كيّاس'' باش نتهنا من حك الراس تلقينا صعوبة كبيرة للحديث إلى بعض الأساتذة والمعلمين الذين يمارسون نشاطا موازيا، وهذا لتخوفهم من الفضيحة أو عقوبات قد تطالهم من المؤسسات التي يعملون فيها، لكن استطعنا أن نقنع البعض منهم، حيث أكد لنا معلم ابتدائي أنه مضطر إلى مزاولة مهنة أخرى باعتباره رب أسرتين تتكونان من 11 فردا، حيث يعمل ''كيّاس'' في حمّام بالبليدة، مؤكدا أنه بالرغم من الزيادات في أجور المعلمين والأساتذة، فهذا لا يجعله يوقف مهنته الثانية بسبب المصاريف الكبيرة. أستاذ جامعي طلب عدم ذكر اسمه أو حتى الجامعة التي يدرّس بها، أكد أنه مضطر إلى العمل ''كلونديستان'' بسيارته في مكان بعيد عن الجامعة حتى لا يتعرّف عليه الطلبة أو أصدقاؤه، موضحا أنه يعيل أسرته الصغيرة المتكونة من 5 أفراد وعائلته الكبيرة المتكونة من 8 أفراد، بعد وفاة والده الذي ترك له مسؤولية العناية بوالدته المريضة وشقيقاته العازبات -حسب تأكيد الأستاذ. معلمون تجّار ومنتخبون للخروج من ''الغرقة'' في تيارت أكد لنا المعلم ''م. ن'' الذي يمارس التجارة في أحد المحلات التجارية وسط تيارت أن سبب لجوئه إلى ذلك كان حاجته الملحة إلى توفير مدخول مادي إضافي، حيث مكّنه ذلك من توفير مسكن وشراء سيارة، بعدما كان الأمر من المستحيلات في حال اعتمد على مرتبه الشهري. من جهته المعلم ساسي الذي توقف عن التعليم بعد 27 سنة من الخدمة ليتجه إلى النشاط السياسي، ومثله كثير ممن أصبحوا كأعضاء منتخبين محليين بعدة بلديات في تيارت. يحضّر للدكتوراة.. ويبيع الأقمشة في معسكر أوضح أستاذ بجامعة معسكر رفض الكشف عن اسمه، بأنه ألف التجارة قبل أن يكون مدرسا بالجامعة، مشيرا إلى أنه بعد أن تحصل على شهادة ليسانس لم يتمكن من الحصول على منصب عمل في مجاله، ونظرا إلى كونه أب لطفلين عرضت عليه زوجته مجوهراتها للدخول إلى عالم التجارة لعله يعيل أسرته. ومنذ سنة 2001 أتيحت له فرصة ممارسة التجارة وبيع الأقمشة، ويضيف أنه واصل بعد ذلك دراسته ما بعد التدرج وتحصل على شهادة الماجستير واستفاد من منصب أستاذ مؤقت، قبل أن يترشح لمسابقة توظيف ونجح بامتياز، وبالرغم من أنه يحضر للدكتوراه حاليا، غير أنه لم يترك مجال التجارة، ليس لكسب المال بل ألفها وكانت أول فرصة له لإعالة أبنائه وكانت فال خير عليه، ولم يخفِ أنها تدر عليه بالمال الوفير. معلمون لكنهم ... ''كلونديستان''، فلاحون، تجّار ومقاولون في ڤالمة لم يكن الحديث إلى بعض المعلمين والأساتذة الجامعين سهلا عن المهن الموازية التي يمارسونها، لأنهم ربما يخجلون بها، خاصة أنه وبعد الزيادات الأخيرة في الأجور أصبحوا ليسوا في حاجة إليها، حيث تحسنت أجورهم بشكل ملفت للنظر، وبالرغم من ذلك فإن العديد منهم يمارس بعض الأنشطة الأخرى. أستاذ في النهار ... و''كلونديستان'' في الليل أكد ل''النهار'' المدعو نور الدين وهو معلم ابتدائي أنه يملك سيارتين واحدة من نوع ''كيلو كلاسيك'' يتنقل على متنها إلى المدرسة برفقة زوجته المعلمة أيضا في الصباح، وعندما يعودان في المساء يركب على متن سيارته القديمة من نوع ''بيجو 504'' ويذهب قرب محطة توقف الحافلات بالكورس وسط المدينة ويترقب المارة الذين لا يجدون وسائل نقل قصد نقلهم إلى مقرات سكناهم خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل، ويضيف نور الدين أنه يهني عمله ك''كلونديستان'' في ساعة متأخرة من الليل، حيث أكد أنه يريد تحسين مستوى معيشة عائلته، إذ يقيم في شقة برفقة زوجته وأمه وأبنائه الأربعة، وهو يرى بأنه في حاجة إلى مسكن أوسع. معلمون يفتحون سجلات تجارية بأسماء زوجاتهم لممارسة التجارة هي صور أخرى لمعلمين وأساتذة يمارسون مهنة التجارة، حيث يقومون بفتح سجلات تجارية بأسماء أحد الأقارب كالزوجة والأخ ويملكون محلات لبيع المواد الغذائية وخاصة المكتبات، ومنهم أيضا من يملكون أراضٍ فلاحية تعود إلى آبائهم أو استأجروها لممارسة مهنة الفلاحة، ومن المعلمين أيضا من يبرم شراكة مع أحد المقاولين، بهدف الربح وتحسين الدخل والمستوى المعيشي، هذا ما يدفع بهم إلى ممارسة مهن موازية، في حين أن الأستاذة الجامعيين أغلبهم يمارس مهام تدخل في إطار تكوينه البيداغوجي حتى خارج أوقات العمل. وحسب معلمين آخرين فإنهم يستهجنون مثل هذه التصرفات، ويقولون عنهم أنهم لا يقدّسون مهنة التعليم ويخرجون بها إلى وظائف أخرى، غير أنه ليس عيبا أن يقدّموا دروسا خصوصية في إطار تخصصهم. أساتذة سماسرة في العقار وآخرون ''كلونديستان'' بسكيكدة بات العديد من المعلمين وأساتذة التعليم في عدد من بلديات ولاية سكيكدة يتّخذون من عدة مهن موازية كمدخول يضاف إلى أجرتهم الشهرية، مقابل غلاء المعيشة. وحسب تأكيد البعض ممن التقت بهم ''النهار'' فإنهم فضلوا احتراف مهن أخرى حتى يتسنى لهم ربح بعض المال، وفي هذا الإطار قال أستاذ العلوم الطبيعة ''م. ن'' 48سنة، أن أجرته أصبحت لا تغطي الإحتياجات اليومية للعائلة التي تتكون من 10 أفراد، مما جعله يلجأ إلى العمل ليلا ك''كلونديستان'' بسيارته، بعد ساعات عمله في المؤسسة التعليمية، وهذا من أجل توفير مال إضافي لسد حاجيات عائلته، فيما ولج مدير مؤسسة عالم السمسرة في مجال العقار الذي أدر عليه مدخولا كبيرا حتى أصبح من بين أكبر السماسرة المختصين في بيع وإيجار الفيلات، الشقق والمحلات التجارية، وهي المهنة التي قال عنها المعني أنها ساعدته في الخروج من ''الغرقة'' والقضاء على عدة أزمات، حيث وفّرت له مدخولا ماليا مشرفا، ويشاطره في الرأي معلم في الطور الإبتدائي، الذي أوضح ل''النهار'' أن راتبه الشهري أصبح لا يكفي، خاصة بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فيما المعلم أكد ''ق. ي'' أنه دخل مجال المهن الحرة في خدمات الإعلام الألي، وكذلك كشك متعدد الخدمات باعتماده على علاقته مع العديد من زملائه الذين يساعدونه في طبع واستنساخ صور طبق الأصل وتحرير كتابات وإعداد مذكرات التخرج. تقديم دروس الدعم وبيع المواشي وجهان لهدف واحد في أم البواقي لا تخلو ولاية أم البواقي كغيرها من ولايات الوطن من ظاهرة ممارسة المعلمين والأساتذة لأنشطة مختلفة لا يهم نوعها بقدر ما يهم ما تدر عليهم من أموال زائدة، فبالاضافة إلى تقديم الدروس الخصوصية داخل منازلهم، وجدنا البعض منهم يحترفون بيع المواشي داخل الأسواق، المهم جمع المال حتى لو كانت النهاية مؤسفة، على غرار ما حدث لأستاذ الرياضيات في عين مليلة، أين تورّط في قضية بيع سلاح ناري مع شخصين آخرين، تم إدانتهم بمحكمة الجنايات لدى مجلس قضاء أم البواقي خلال الدورات الجنائية السابقة والأمثلة كثيرة ومتنوعة. مربون ومديرون يحترفون نقل الأشخاص والبضائع في أدرار تعرف ظاهرة انخراط المعلمين والأساتذة في نقل البضائع والأشخاص بقصور ولاية أدرار استفحالا ملحوظا، مما أثّر بشكل سلبي على المستوى التعليمي للتلاميذ في مختلف الأطوار التعليمية، وحتى بعض المديرين انخرطوا في نقل السلع المختلفة وحتى مواد البناء على متن سيارات نفعية أو سياحية، كما يمتهن آخرون ممارسة التجارة لاسيما منهم العاملين بالمناطق الحدودية والقصور النائية، ويركّز عمال القطاع من القاطنين بالقصور على ممارسة النشاط الفلاحي، سواء بالمحيطات الفلاحية الحديثة أو بالحقول المعروفة محليا بالجنانات. أساتذة الميكانيك يفتحون محلات لإصلاح التجهيزات في تڤرت وفي تڤرت بورڤلة وبحكم التسهيلات في الإستفادة من السيارات السياحية، وفي مقدمتها ''الماروتي'' يحوّلها المعلمون إلى ''الفرود''، فيما يلجأ أساتذة الفيزياء والميكانيك إلى فتح ورشات لتصليح مختلف الأجهزة وحتى السيارات، كما يمارس البعض التجارة في الأسواق أو بفتح محلات، ومنهم من يحترف الزراعة والحرف اليدوية كالحدادة والنجارة، بسبب ضآلة الراتب الذي يتقاضونه مقارنة بباقي القطاعات، ومنهم من أضاف أن فترات العطل وخاصة في الصيف يستغلونها في ممارسة مهن أخرى كالتعليم القرآني وتنشيط المخيمات الصيفية.