إنه عبد الله بن عمرو بن العاص كان اسمه قبل إسلامه العاص، فلما أسلم سماه النبي عبد الله، وكان شديد الحب لله ورسوله، يكثر من العبادة، وقراءة القرآن، وكتابة أحاديث الرسول، ويحافظ على حضور مجالس الرسول واستماع لأحاديثه وتدوينه، حتى أنه سأل الرسول يوما قائلا: أأكتب كل ما أسمع منك؟ فقال عليه الصلاة والسلام "نعم"، فقال عبد الله في الرضا والغضب فقال: "نعم، فإني لا أقول إلا حقا". وعلم النبي أن عبد الله يصوم كل يوم ولا يفطر، فقال له: "كيف تصوم"، قال: "أصوم كل يوم" فقال: "وكيف تختم" قال: كل ليلة، فقال: "صم في كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر"، فقال عبد الله: أطيق أكثر من ذلك فقال "صم ثلاثة أيام في الجمعة"، فقال عبد الله أطيق أكثر من ذلك، قال"أفطر يومين، وصم يومًا"، قال عبد الله: أطيق أكثر من ذلك، فقال "صم أفضل الصوم صوم داوود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة" البخاري. وروى عبد الله عن النبي أحاديث كثيرة، وروى أنه قال حفظت عن رسول الله ألف مثل، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول ما كان أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب. وكان عبد الله جوادا كريما يحب الإنفاق في سبيل الله، فكان يملك ثلاث مائة راحلة بمكة، فجعل منها مائة للمسلمين يركبونها، ويحملون عليها أمتعتهم، ومائتين لأهل البلدان البعيدة يذبح لهم منها في موسم الحج، ويتصدق بها عليهم، وكان محبًّا لأبيه عمرو وبارا به، لقول الرسول له: "أطع أباك ما دام حيًّا" أحمد، وتوفي عبد الله سنة 65 ه في مصر، وعمره آنذاك (72) سنة.