شعرت قريش بمرارة الهزيمة التي لقيتها في حربها مع المسلمين في بدر، وأرادت أن تثأر لهزيمتها، حيث استعدت لملاقاة المسلمين مرة أخرى ليوم تمحو عنها غبار الهزيمة، فذهب صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن ربيعة إلى أبي سفيان يطلبون منه مال القافلة ليتمكنوا من تجهيز الجيش، ولقد كان ربح القافلة ما يقارب الخمسين ألف دينار، فوافق أبو سفيان على قتال المسلمين، وراحوا يبعثون المحرّضين إلى القبائل لتحريض الرجال. سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسير المشركين إليهم فاستشار أصحابه، فقال الشيوخ: نقاتل هنا، وقال الرجال: نخرج للقائهم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي الرجال، ولبس حربته وخرج يريد لقاء المشركين، فخرج من المدينة بألف رجل، انسحب عبد الله بن أبي المنافق بثلث الجيش قائلا: ما ندري علام نقتل أنفسنا؟ عسكر المسلمون عند جبل أحد، ووضع الرسول عليه الصلاة والسلام خطة محكمة، وهي أنه وضع خمسين رجلا على الجبل قادهم عبد الله بن جبير، بعدم التحرك سواء في الفوز أو الخسارة، وبدأت المعركة وقاتل حمزة بن عبد المطلب قتال الأبطال الأشاوس، لكن جبير بن مطعم آثر الغدر على لقاء الرجال وعد فأعد غلاما له اسمه وحشيا ووعده أن يعتقه إن هو قتل حمزة. ويقول وحشي بعد إسلامه في هذا الشأن: خرجت أنظر حمزة أتربصه حتى رأيته كأنه الجمل الأورق يهدّ الناس بسيفه هدّا، فهززت حربتي حتى إذا رضيت عنها دفعتها إليه فوقعت في أحشائه حتى خرجت من بين رجليه، وتركته وإياها حتى مات، لقد كان استشهاد حمزة نكبة عظيمة على المسلمين، إلا أنهم قاوموا وصمدوا أمام قتال المشركين. وأظهر رجال من المسلمين في هذه الغزوة حبا لرسول الله منقطع النظير، فقد قاتل مصعب بن عمير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل، وقاتل قرابة 10 رجال من الأنصار عن النبي قتال الأبطال يصدّون عنه المشركين حتى قتلوا جميعا، ثم قاتل عنه طلحة ورد جيشا بأكمله لوحده حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما رأى الرماة سقوط لواء المشركين ظنوا أن المعركة حسمت لصالحهم فنزلوا من سفح الجبل يريدون الغنائم، ولكن خالد بن الوليد شاهد ذلك، فانطلق مع بعض المشركين والتفوا حول الجبل وفاجأوا المسلمين من الخلف، فتزعزعت صفوف المسلمين وارتفعت راية المشركين مرة أخرى، فلما رآها الجيش عاودوا هجومهم، ولقد رمى أحد المشركين حجرا نحو الرسول صلى الله عليه وسلم، فكسر رباعيته، ووقع في حفرة وشج رأسه، وأخذ يمسح الدم قائلا: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم".