س - إذا حجّ من لا يصلي ولا يصوم فما حكم حجه وهو على تلك الحال؟ وهل يقضي ما ترك من العبادات إذا تاب إلى الله عز وجل؟ ج - ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة موجب للخلود في النار، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، وقول السلف -رحمهم الله- وعلى هذا فهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" التوبة. وحجه وهو لا يصلي غير مجزئ ولا مقبول، وذلك لأنه وقع من كافر، والكافر لا تصح منه العبادات لقوله تعالى: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ" التوبة. أما بالنسبة لما ترك من الأعمال السابقة فلا يجب عليه قضاؤها لقوله تعالى: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ". فعلى من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ويستمر في فعل الطاعات، والتقرب إلى الله عز وجل بكثرة الأعمال الصالحة ويكثر من الإستغفار والتوبة وقد قال الله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" الزمر، وهذه الآية نزلت في التائبين فكل ذنب يتوب العبد منه ولو كان شركا بالله عز وجل فإن الله يتوب عليه. والله الهادي إلى سواء الصراط. س - من عليه دين هل يلزمه الحج؟ ج - إذا كان على الإنسان دين يستغرق ما عنده من المال فإنه لا يجب عليه الحج، لأن الله تعالى إنما أوجب الحج على المستطيع قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً" آل عمران، ومن عليه دين يستغرق ما عنده لم يكن مستطيعا للحج، وعلى هذا فيوفي الدين، ثم إذا تيسر له بعد ذلك فليحج. وأما إذا كان الدين أقل مما عنده بحيث يتوفر لديه ما يحج به من بعد أداء الدين فإنه يقضي دينه، ثم يحج حينئذ، سواء كان فرضا أم تطوّعا، ولكن الفريضة يجب عليه أن يبادر بها، وغير الفريضة هو بالخيار إن شاء تطوع، وأن شاء أن لا يتطوع فلا إثم عليه. س - إذا حج الإنسان عن غيره بأجرة فبقي منها شيئا فهل يأخذه؟ ج - إذا أخذ دراهم ليحج بها وزادت هذه الدراهم عن نفقة الحج، فإنه لا يلزمه أن يردها إلى من أعطاه هذه الدراهم، فإن كان الذي أعطاه قال له: "حج منها" ولم يقل: "حج بها" فإذا قال "حج منها"، فإنه إذا زاد شيء عن النفقة يلزمه أن يرده إلى صاحبه، فإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذه، وأما إذا قال: "حج بها" فإنه لا يلزمه أن يرد شيئا إذا بقي، اللهم إلا إذا يكون الذي أعطاه رجلا لا يدري عن أمور الحج، ويظن أن الحج يكلف مصاريف كثيرة فأعطاه بناء على ظنه وعدم معرفته فحينئذ يجب عليه أن يبين له، وأن يقول: إني حججت بكذا وكذا، وإن الذي أعطيتني أكثر مما أستحق، وحينئذ إذا رخص له فيه وسمح له فلا حرج.