لا تتفاجأ عزيزي القارئ، إن وجدت يوما وأنت داخل المحكمة حرزا أو خصلة شعر معقودة ومنثورة هنا أو هناك، أو شيئا آخر غير مألوف لأنها ببساطة بقايا بعض الطقوس الغريبة التي مازال للأسف بعض الجزائريين يرون في استعمالها سبيلا يجنب أبناءهم ولوج السجن، فرائحة البخور أو العثور على سكر على عتبات قاعات الجلسات.. كلها طرق تؤدي في نظر أمهات المتقاضين إلى هدف واحد وهو تجنيب أولادهم المتهمين الإستقرار في ''بوهدمة'' لتضاف هذه التعاويذ الغريبة إلى مرافعة محاميهم، على أمل أن يؤثر مفعولها من جهة أخرى في مداولات هيئة المحكمة كي تنطق بالبراءة أو على الأقل بحكم مخفف يكون في صالح ذويهم، ''النهار'' جمعت لكم في هذا ''الروبورتاج'' بعض القصص الغريبة التي ندعوكم لمتابعتها. امرأة تسلّم ابنها حروزا كي يخرج من السجن في باب الوادي تقوم بعض الأمهات الخائفات على مصير فلذات أكبداهن المتهمين خلال مثولهم أمام جلسات المحاكمة، بتصرفات غريبة تارة وغير مفهومة تارة أخرى، عندما يشاهدن أولادهن رهن الحبس ويرغبن في تخليصهن من قبضة العدالة، حيث شد انتباهنا في هذا الصدد ونحن نحضر إحدى الجلسات، محاكمة شاب تورط في قضية مخدرات قامت والدته بالإقتراب منه، بعد انتهاء أطوار الجلسة مباشرة، لتحاول منحه حروزا قد تساعده في نظرها على الخروج من السجن والرجوع إليها سالما وغانما، إلا أن عناصر الشرطة كانوا لها بالمرصاد، حيث قاموا بتوقيفها ووضعها إلى جانب ابنها المتهم. شعوذة وروائح بخور في جلسة محاكمة الشابة ''نوال'' بالحراش في مفارقة غريبة وقعت بمحكمة الحراش، خلال جلسة محاكمة الشابة ''نوال''، في قضية تكوين جمعية أشرار والنصب والإحتيال على وكالات لكراء السيارات في الحراش، لاحظ الحضور بالمحكمة نثر أهالي المتهمين مواد غريبة وذات رائحة كريهة تخنق الأنفاس، مما جعل الحضور بالقاعة من أصحاب الجبة السوداء، الشرطة المكلفة بالحراسة، إعلاميين، ومتقاضين، ينفرون من القاعة هربا من الرائحة الغريبة التي خنقت أنفاسهم وأثرت على تركيزهم في مجريات القضية، حيث راح بعض العجائز من أهالي المتهمين يطلقون العنان لتصريحات نارية انتشرت كالبرق بأن هذه المواد التي ألقتها إحداهن تستعمل في الشعوذة من أجل التأثير على حكم القاضي. تحمل حرزا من نحاس لتبرئة ابنها بمحكمة في العاصمة وفي صائفة سنة 2010، وقف أمام محكمة حسين داي شاب يقيم بعين النعجة في العاصمة، متورط في سرقة السيارات من شوارع حسين داي وأحياء القبة وبعد محاكمة المتهم أرجأ الفصل في القضية إلى الجلسة القادمة، غير أن سلوك والدة المتهم والتي كانت تحمل في يدها قطعة تشبه الكتاب وتضغط عليها بشدة وانزعجت لتأجيل الحكم لتعود في الجلسة الموالية وتخرج نفس القطعة والتي اتضح فيما بعد أنها من النحاس نقشت عليها كتابة غريبة وظلت تردد بعض الكلمات إلى أن نطقت رئيسة الجلسة بالحكم، حيث أدانته بالأفعال السابقة وعاقبته ب3 سنوات حبسا نافذا. أفارقة يلجأون إلى السحر الأسود ودمى ''الفودو'' لتخليص ذويهم يُعرف عن الأفارقة ممارستهم للسحر الأسود لتحقيق أغراضهم، حيث يعمدون إلى ممارسة السحر في مختلف المواقف التي يواجهونها، ففي جلسة محاكمة أحد الأفارقة من جنسية نيجيرية والذي توبع بجنحة النصب والإحتيال على تاجر جزائري، لمح الحضور في القاعة شابة إفريقية كانت ترتدي جبة زرقاء تروح وتجيئ عدة مرات وأثناء وقوف الرعية للمحاكمة وضعت الشابة يدها في حقيبتها وراحت تدخل دبابيس في دمية من قماش وهو نوع من السحر الإفريقي يسمى ''الفودو'' وتعني الروح، حيث تصنع شبه دمية من قماش وتسمى باسم الشخص المراد إيذاؤه ويتم ذلك بشك دبابيس في الدمية وترديد بعض التعويذات. امرأة تقصد ''شوّافة'' لمعرفة مصير ابنها المسجون من الغرائب التي حدثت بإحدى المحاكم في ولاية برج بوعريريج، قيام والدة شاب تم توقيفه في قضية تتعلق بالسرقة بالتوجه إلى إحدى العرّافات من أجل معرفة مصير ابنها في المحاكمة فأخبرتها ''الشوّافة'' أنه سيخرج من السجن وهو ما حدث، حين استفاد المتهم من عقوبة الحبس موقوف التنفيذ. وفي قضية أخرى اتصلت نفس المرأة بذات العرافة عن مصير ابنها الذي تمت متابعته بقضية سرقة ثانية؛ فطمأنتها بعدم دخوله إلى السجن، حيث لم يلج ولدها المتهم عتبات السجن للمرة الثانية مثلما قالت لها العرافة ذاتها، ولكن رغم ذلك فالعدالة لا تعترف بالعرافات والثقة كما يقولون في الوثيقة ''وكذب المنجمون ولو صدقوا''. جثة فأر محشوّة بعقاقير وخصلة شعر وحرز بمجلس قضاء البليدة ما شدّ انتباهنا ونحن نحضر جلسة لمحاكمة موقوفين في مجلس قضاء البليدة، وكنا نجلس تحديدا قرب امرأة طاعنة في السن رفقة زوجها تنتظر النطق بالحكم في حق ابنها الموقوف، إلا أن المداولة تم تأجيلها إلى الأسبوع الذي يليه، وبمجرد مغادرتهما للمكان اندهشنا لما رأينا جثة فأر محشوة ببعض العقاقير على الكرسي فاقشعرت أبداننا للمنظر المقزز، أين حضر رجال الشرطة وتم توقيف الجلسة للحظات قصد إحضار المنظفات اللواتي طهرن المكان. كما روى لنا المدعو ''م. م'' كاتب ضبط بمجلس قضاء البليدة عن الظاهرة التي وقف عليها النائب العام منذ أشهر قليلة فقط، بوجود إحدى الأقفال معلقة بشجرة التوت داخل ساحة المجلس وبها خصلة لشعر امرأة إلى جانبها حرز، أين قام أحد العمال بقراءة بعض آيات القرآن ومحاولة فتح القفل ورشه بالماء المرقي. عجوز تضع السكّر أمام باب المحكمة لتخليص ابنها من ''بوهدمة'' في ميلة فاجأت إحدى الأمهات التي اشتكت في بادئ الأمر من اعتداء ابنها عليها بالضرب الحاضرين بمحكمة شلغوم العيد، وهي تصيح بأعلى صوتها أن لا معيل لها غيره، كما قامت بخدش خدّيها بأظافرها بعدما تمت إدانة ابنها، ليتدخل بعض الحاضرين وقاموا بأخذها خارج القاعة، بينما قامت عجوز حضرت لجلسة محاكمة ابنها المتابع في قضية شجار باستعمال سلاح أبيض بمحكمة فرجيوة، وضع حوالي رطل من السكر عند مدخل القاعة وحملت المصحف الشريف وبدأت بتلاوة القرآن بصوت لافت قبل تدخل أحد المشرفين على المحافظة على النظام وطالبها بالكف عن ذلك. أولياء يتبرّكون بأضرحة من أجل أبنائهم الموقوفين في أدرار لا تزال ممارسة بعض الطقوس الغريبة تطبع سلوكات بعض أولياء المتهمين بارتكاب جرائم مختلفة في أدرار، حيث تلجأ بعض العائلات مع اقتراب مواعيد مثول أبنائها أمام المحاكم للبحث عن سبل تمكنهم من الحصول على البراءة أو تخفيف الحكم الصادر على الأقل، معتقدين أن بركات بعض المشايخ والأضرحة المنتشرة عبر قصور المنطقة قد تفيدهم في تحقيق ذلك، فيما يلجأ آخرون إلى زيارة الطلبة لغرض الحصول على ''حرز'' مقابل مبالغ مالية وبخلاف ذلك لا تجد عائلات عديدة سبلا سوى الصلاة والدعاء لأبنائها لتبرئتهم، خاصة المحبوسين منهم والذين يعتقد أنهم أوقفوا دون وجه حق، أغرب المواقف تلك التي تشهدها بعض الجلسات حيث يلجأ بعض المتهمين إلى التوسل للقضاة والدعاء لهم بالخير غير مبالين برفض هيئة المحكمة لتلك السلوكات. وفي هذا السياق أفاد محمد علي محامي، معتمد لدى مجلس قضاء أدرار وهو أحد المحامين الشباب أنه لا يؤمن بالممارسات السحرية والطقوس الهادفة لتبرئة المتهمين أو التخفيف عنهم، موضحا أن القانون فوق الجميع وأن هيئة المحكمة حرة في إصدار الأحكام دون التأثر بأي من الطقوس الغريبة. وتقوم عدة أسر بإقامة الولائم فور تبرئة أبنائها والإفراج عنهم، بالرغم من وجود ضحايا حقيقيين.