أكد وزير الداخلية و الجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية اليوم الأحد بالجزائر العاصمة أن مشروع القانون المتعلق بالجمعيات يشكل محطة هامة في مسار الإصلاحات العميقة التي أقرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، و أوضح الوزير لدى عرضه لهذا القانون أمام نواب المجلس الشعبي الوطني أن إعداد هذا النص خضع لنفس المبادئ التي تم إعتمادها في إعداد القوانين المتعلقة بنظام الإنتخابات و بالأحزاب السياسية و من قبلها القانون المتعلق بالبلدية الذي كرس -كما قال- مبدأ الديمقراطية الجوارية و التشاركية من خلال الأهمية التي خص بها إستشارة المجتمع المدني في تسيير الشؤون العامة و الإضطلاع بإنشغالات المواطنين على المستوى المحلي. و أشار إلى أن إرتباط هذه القوانين يكمن في كونها تهدف أساسا إلى ترجمة الأحكام المنصوص عليها في الدستور إلى أحكام قانونية يحب تفعيلها في الميدان و المتعلقة على الوجه الخصوص بالحقوق و الحريات الفردية و الجماعية للمواطنين، و ذكر على سبيل المثال بالمادتين 41 و 43 من الدستور اللتين تنصان على التوالي على أن حرية التعبير و إنشاء الجمعيات و الإجتماع مضمون للمواطن و على أن حق إنشاء الجمعيات مضمون مع تشجيع الدولة لازدهار الحركة الجمعوية. و في معرض تحليله لواقع الحركة الجمعوية في الجزائر سجل السيد ولد قابلية أن الجمعيات التي تأسست و تفاقم عددها في ظل تشريع يعود إلى عشرين سنة ماضية كان دون أن تجتمع فيها في غالب الأحيان الشروط و الوسائل الضرورية لنشاطها. غير أن الوزير شدد على أنه و بالرغم من كل الصعوبات التي إعترضت سيرها و نشاطاتها إلا أن هذه الجمعيات سمحت بإعطاء الحياة الجمعوية معنى و وثبة و بعدا لا يمكن إنكاره. و ذكر ممثل الحكومة أن الجمعيات كانت قد عبرت عن إنشغالاتها و تطلعاتها خلال المشاورات السياسية من خلال التأكيد على جملة من المسائل من أهمها ثقل الإجراءات و الصعوبات التي إعترضتها في الحصول على الإعتماد و كذا خضوع النشاطات لتصريح مسبق و عدم الإعتراف بصفتها كوسيط و شريك بين المواطن و السلطات المحلية إلى جانب ضعف الوسائل المادية و الموارد المالية. ومن جملة الإنشغالات و المشاكل المعبر عنها من قبل الجمعيات محاولة إقحامها في ميدان السياسة و إستغلالها لأغراض سياسية وكذا العناء من العزلة في محاولة إنخراطها ضمن المنظمات غير حكومية الجهوية و الدولية كما أضاف السيد ولد قابلية، و قال أنه إنطلاقا من كل هذه الإنشغالات كلها و من التجربة المكتسبة من خلال الممارسة و إنطلاقا من توجيهات رئيس الجمهورية و من الإطار الذي حرص شخصيا على تسطيره جاءت المقترحات الجديدة المدرجة في هذا القانون. و من بينها ذكر الوزير بتخفيض آجال و شروط و كيفيات إنشاء الجمعيات و التسريع بتأسيسها و إعتمادها مع أخد إختصاصاتها الإقليمية و الجوانب المتعلقة بتنوعها بعين الإعتبار إلى جانب توسيع المجال المفتوح للمبادرة الجمعوية و طرق الطعن للسماح لها بالدفاع عن حقوقها و مصالحها. كما أكد أن المقترحات الجديدة التي جاء بها مشروع القانون تهدف إلى تسهيل نمط تنظيمها و إضفاء الشفافية في مجال تسييرها و تخفيف الرقابة و كذا الإجراءات المعقدة المطبقة إتجاه الجمعيات. و أشار أيضا إلى أن هذا القانون سيأخد بعين الإعتبار نظام التمويل و المساعدات و الإعانات الممنوحة للجمعيات مع توضيح موضوع و نوع الجمعيات ذات الطابع الخاص و إعادة النظر في النظام المطبق عليها، وشدد في نفس السياق على أن النص الجديد يهدف كذلك إلى حماية الجمعيات ضد التدخل في شؤونها و إلى الإعتراف بصفة الصالح العام و المنفعة العمومية لفائدة الجمعيات التي تعمل على تحقيق مشاريع تعود بالمنفعة العامة و تسعى لترقية المواطنة مع تحديد شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات الأجنبية و مجال نشاطها. في الأخير أكد السيد ولد قابلية على أن الأحكام الجديدة المقترحة في هذا النص ترمي أساسا إلى إعادة بعث النشاط الجمعوي وتفعيله بتفجير الطاقات والمواهب المخزنة فيه لاسيما في مجال العلم والمعرفة والتكنولوجيات الحديثة و التضامن الوطني بالسماح للجمعيات باحتلال مقامها الطبيعي حتى تكون شريكا فعالا في تحقيق أهداف التنمية الشاملة.