احتجاجات عارمة للمئات من مديري الابتدائيات في أغلب الولايات هل بدأت "الثورة المضادة" بتلغيم الابتدائيات ب"كورونا"؟ مديرو المدارس الابتدائية ندّدوا بغياب وسائل الوقاية وتخاذل مسؤولي البلديات عن تأدية واجباتهم شهدت معظم مقرات مديريات التربية في العديد من ولايات الوطن، أمس الإثنين، موجة احتجاجات غير مسبوقة، نظّمها مديرو المدارس الابتدائية، على خلفية انعدام وسائل الحماية والوقاية من وباء "كورونا" في المؤسسات التربوية التي يشرفون عليها. واتهم مديرو الابتدائيات، خلال احتجاجاتهم، مسؤولي البلديات، بالتقاعس وعدم توفير متطلبات تنفيذ "البروتوكول" الصحي، إلى جانب قيامهم برفع مطالب أخرى ذات طابع بيداغوجي وأخرى مهنية واجتماعية. وبدا واضحا من خلال التوصيف وعرض الحال الذي أجمع مديرو الابتدائيات على تقديمه في مختلف مناطق الوطن، وجود قصور كبير في التكفل بالجانب الوقائي والصحي في المدارس الابتدائية، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول سبب عدم قيام مسؤولي البلديات بمهامهم. وتتقاطع تلك الاتهامات التي أطلقها مديرو الابتدائيات ضدّ مسؤولي البلديات، مع الاتهامات التي سبق وأن أطلقها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عندما راح يتساءل قبل أشهر، عن أسباب تعطيل تسوية المنحة الخاصة الموجهة للتجّار والحرفيين المتضررين من وقف الأنشطة التجارية بسبب تفشي وباء "كورونا"، وحينها لمّح الرئيس، إلى وجود رغبة خفية في تعطيل كل خطوة تقوم بها مصالح الدولة في اتجاه تذليل الصعوبات أمام المواطنين. لا معقّمات.. لا "بروتوكول" ولا إجراءات وقائية! ففي ولاية بومرداس، احتج، صبيحة أمس، العشرات من مديري المدارس الابتدائية أمام مقر مديرية التربية، لمطالبة مدير التربية بالوقوف عند جملة من الانشغالات التي أعاقت العمل التربوي في المؤسسات التربوية، خاصة ما تعلق بصعوبة تطبيق "البروتوكول" الصحي في المدارس، بسبب عدم تعاطي البلديات مع طلبات المديرين بتوفير مستلزمات الوقاية. كما طالب المديرون المحتجون بتخفيف الضغط عنهم، من خلال تحريرهم من بعض الالتزامات والمهام الملقاة على عاتقهم، الأمر الذي جعلهم يمارسون كل الأدوار، على حد تعبيرهم. وطالب المديرون المحتجون، مدير التربية، بالتدخل لدى الوالي، للضغط على البلديات ومسؤوليها لتوفير مستلزمات الوقاية لتطبيق "البروتوكول" الصحي داخل المدارس الابتدائية، التي قالوا إنها تشهد نقصا كبيرا وأحيانا انعداما كليا في بعض المدارس لمستلزمات الوقاية. كما دعا المحتجون إلى توفير أطباء وفق ما ينصّ عليه مضمون "البروتوكول" الصحي الخاص ب"كوفيد 19″. وتضمنت مطالب المديرين جوانب أخرى بيداغوجية، مثل إعفاء المدير من بعض المهام الثانوية التي أسندت إليه، كبيع الكتاب المدرسي والتدريس وتكليفه بتسيير مدرستين في آن واحد، وهي مهام كلها قالوا إنها أبعدت المدير عن مهامه الأساسية، من أجل التفرغ لحلّ مشاكل منحة التضامن والمحفظة والكتاب المدرسي. مدير التربية يعترف بمشروعية بعض مطالب المديرين وفي ردّه على المحتجين، أقرّ مدير التربية، نذير خنسوس، بمشروعية بعض المطالب، واعترف بأن بعض المهام تثقل كاهل مديري الابتدائيات، خصوصا في ظل تنصل بعض البلديات عن مهامها في توفير مستلزمات "البروتوكول" الصحي بصفتها المسؤولة على المدارس الابتدائية. واعترف مدير التربية بأن بعض البلديات لم توفر حتى وسائل بيداغوجية في المدارس الابتدائية، قبل أن يعد المحتجين بحلّ بعض الانشغالات والمشاكل بالتعاون مع السلطات المحلية، داعيا المديرين المحتجين إلى التحلي بقليل من الصبر. وفي ولاية الأغواط، أقدم مديرو المدارس الابتدائية، صباح أمس، على تنظيم وقفة احتجاجية سلمية أمام مقر مديرية التربية. ورفع المديرون المحتجون عدة مطالب، منها توفير وسائل تطبيق "البرتوكول" الصحي، حفاظا على سلامة التلاميذ والطاقم التربوي والإداري والعمال، وإلحاق المدارس الابتدائية بمديريات التربية من جانب التسيير، وفصلها عن مصالح البلدية، إلى جانب إعادة الاعتبار لموقع مدير المدرسة الابتدائية من حيث المكانة والترسيم والمنح، مع إعفائه نهائيا من التدريس ومن توزيع منحة التضامن والكتاب المدرسي. نفس المشهد في بسكرة.. ومسؤولو البلديات في قفص الاتهام وفي بسكرة، تجمّع، أمس، عدد من مديري المدارس الابتدائية، أمام مقر مديرية التربية، في وقفة احتجاجية، رفعوا خلالها جملة من المطالب. وقال المحتجون إن الوضع الذي يعيشه مديرو الابتدائيات أثر سلبا على سير العمل منذ بداية الموسم الدراسي الحالي، خصوصا ما تعلق بمواجهة وباء "كوفيد 19″، بالإضافة إلى انشغالات مهنية واجتماعية طالبوا بتجسيدها في أقرب الآجال. وجاءت الوقفة الاحتجاجية تجسيدا لنداء النقابة الوطنية لمديري المدارس الابتدائية، على خلفية ما وصفته في بيان لها، قصور السياسة المنتهجة في مواجهة الوباء، بعدما كشفت عن تخبط وعشوائية في التعامل مع الوضع، وما ترتب عنه من عدم تطبيق "البروتوكول" الصحي بسبب تقصير الجماعات المحلية في توفير الإمكانات اللازمة رغم تسجيل إصابات عديدة في الوسط التربوي. كما وصف البيان الذي تحوز "النهار" على نسخة منه، برنامج العمل، بالعشوائي والمتناقض، كونه لم يستند إلى دراسة ميدانية وتخطيط مسبق. فضلا عن ذلك، طالب البيان بتجسيد جملة من المطالب، أبرزها إلحاق المدارس الابتدائية بوزارة التربية، وإعادة الاعتبار لمديري مؤسسات الطور الابتدائي من ناحية المكانة والتصنيف والمنح، وإعفائهم نهائيا من التدريس، بالإضافة إلى تدعيم المدارس بالأعوان المؤهلين وإيجاد الحلول لمشاكل المساكن الوظيفية، فضلا عن مطالب أخرى، شددوا على توفيرها في أقرب المواعيد. دعوات لإعادة الاعتبار لمدير المدرسة الابتدائية وفي ولاية ڤالمة، احتج، نهار أمس، العشرات من مديري المدارس الابتدائية أمام مقر مديرية التربية، تعبيرا منهم عن غضبهم تجاه ما وصفوه بقصور السياسة المنتهجة في تسيير المدرسة الابتدائية وحالة التخبط والعشوائية في التعامل مع الوضع الوبائي، في ظل الغياب التام للجماعات المحلية في توفير الموارد المادية والبشرية، ناهيك عن التناقض والعشوائية في تنظيم التمدرس. وقال المحتجون إن هذا الوضع نجمت عنه حالة من القلق في الوسط المدرسي، خاصة مع موجة الإصابات التي سجلت في المؤسسات وسط إهمال ولا مبالاة في التكفل بها. كما رفع المحتجون عدة مطالب مهنية واجتماعية، مثل الدعوة إلى إلحاق المدرسة الابتدائية بوزارة التربية الوطنية وفصلها عن مصالح البلدية، من ناحية التسيير، وإعادة الاعتبار لمدير المدرسة الابتدائية، من حيث المكانة والتصنيف والمنح. مطالب ب "الطلاق" بين البلديات والابتدائيات ولم يختلف المشهد كثيرا في ولاية الوادي، حيث نظّم مديرو المدارس الابتدائية، أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر مديرية التربية، طالبوا فيها بفصل المدارس الابتدائية عن البلديات وسدّ مختلف النقائص التي يعانون منها، خاصة ما تعلق بنقص اليد العاملة المؤهلة. وأثار المحتجون مشكل غياب التجهيزات والافتقار حتى للمواد العلمية، ناهيك عن الوسائل الصحية التي تستعمل في التعقيم وتطهير الأماكن التي يقصدها التلاميذ. وأكد مديرو المدارس الابتدائية، بأن إخراج المدرسة من سلطة البلديات في جانب التسيير، أصبح إلزاميا في الوقت الحالي، وضرورة حتمية تتطلب تدخل جميع المصالح المعنية للإسراع في نقلها حفاظ على الأجيال القادمة وضمانا لتوفير جميع الظروف الحسنة للتلاميذ. نفس المشاكل والمطالب في 4 ولايات أخرى وفي سيدي بلعباس، انتفض مديرو المدارس الابتدائية ضدّ تقاعس المسؤولين المحليين في توفير المواد الوقائية من كمّامات ومعقّم الأيدي، تنفيذا لإجراءات "البروتوكول" الصحي. وحمّل مديرو المؤسسات التربوية الابتدائية مسؤولية التهاون في تنفيذ الإجراءات الاحترازية للوقاية من وباء "كورونا"، إلى المسؤولين المباشرين، الذين قالوا إنهم تخلفوا عن توفير أجهزة قياس درجة الحرارة وكذا الكمّامات، الأمر الذي دفع بالعديد من الابتدائيات على وجه الخصوص، إلى عدم احترام "البروتوكول" الصحي. وفي البويرة، احتج، نهار أمس، أعضاء مكتب نقابة مديري المدارس الابتدائية أمام مقر مديرية التربية، أين تم رفع جملة من الانشغالات، منها المطالبة بتحويل تسيير المؤسسات من البلديات إلى مؤسسة أخرى تتولى تسيير المدارس الابتدائية، مع المطالبة بتوفير وسائل التعقيم، وإعفاء المديرين من مهام بيع الكتب المدرسية، وتسليم المنح للعائلات المعوّزة. وفي ولاية بجاية، اعتصم، صباح أمس الإثنين، العشرات من مديري المدارس الابتدائية أمام مقر مديرية التربية، رافعين جملة من المطالب المهنية والاجتماعية، منها التعجيل بفصل المدارس الابتدائية عن وصاية البلديات وإلحاقها بوزارة التربية، مع إعادة النظر في مكانة وتصنيف ومنح مديري المدارس، إضافة إلى إعفاء المديرين من مهام التدريس، لتمكينهم من التفرغ للأعمال الإدارية، والحل الفوري لأزمة المساكن الوظيفية والإلزامية، والتمسك بحق التقاعد المسبق، ودعم المدرسة بعون لحفظ البيانات ومشرفين تربويين وعمّال مؤهلين، وتكفل الجهات المسؤولة على الشأن الاجتماعي التضامني بتنفيذ وتوزيع المنح والكتب والمحفظة خارج المدرسة. وفي الشلف، احتج العشرات من مديري المدارس الابتدائية أمام مقر مديرية التربية، لمطالبة الوزارة الوصية بالتدخل بغرض التكفل بالمطالب المرفوعة إليها والعمل في اتجاه تحسين الخدمات في الطور الابتدائي.