كشفت مصادر متطابقة أن كاتبة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية هيلاري كلينتون قد ألغت رسميات زيارتها إلى الجزائر ورهنت أي زيارة مستقبلية لها للجزائر بحصول "تقدم ملموس" للخارجية الجزائرية بشأن ملف تدويل قضية سوريا على ضوء مقترحات جامعة الدول العربية التي ترفض الجزائر بعض بنودها. وتجرأت مراجع دبلوماسية أمريكية إلى حد طلب "توضيحات" من الجزائر بشأن موقفها من الأحداث في سوريا بشكل لم يسبق له مثيل وبطريقة تؤشر بوضوح بأن واشنطن غاضبة على ما موقف الجزائر الأخير من الأحدث التي تعيشها عدة مدن سورية. ولم يكن إلغاء كاتبة الدولة الأمريكية لزيارتها المقررة للجزائر إلا فصلا من فصول مسلسل جديد بدأت ملامحه تبرز بوضوح في الأفق فقد أصدرت لجنة حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأممالمتحدة في جنيف إدانة للجزائر بشأن بعض حالات الإختفاء القصري ( الإختطاف المنسوب لمصالح الأمن دون أدلة) في قضايا تعود إلى سنوات 1994 و 1995. ولم تنتهي حلقة لجنة حقوق الإنسان بجنيف حتى إشتكى وزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي من ضغوط أوربية تقودها إسبانيا بشأن تجديد عقود الإمام بالغاز الطبيعي الجزائر إلى أوربا والذي يشكل مورد هام للجزائر في مجال الصادرات وإحتياطي الصرف بالعملة الصعبة. وقال يوسفي للصحافيين أن الجزائر تواجه "ضغوط كبيرة" وأوضح بأن المشكلة تكمن في قرب إنتهاء العقود التجارية طويلة المدى مع البلدان الأوربية وجولة المفاوضات الجديدة في الوقت الراهن ليست في صالح الجزائر لإعتبارات سياسية ودبلوماسية مرتبطة بمواقف الجزائر الخارجية إزاء سوريا. وكان الموقف من الأحداث التي عاشتها ليبيا وراء ضغوط كبيرة عاشتها الجزائر منذ منتصف شهر فيفري 2011 بسبب رغبة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الحصول على دعم ميداني للجزائر في ليبيا إلى جنب الحلف الأطلسي كما فعلت دول خليجية. وقد تحول الرفض الجزائري الذي عبر عنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال لقاءه وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إلى ما يشبه حملة منظمة تمت بوسائط ليبيا حاولت ربط موقف الجزائر بوجود دعم "مرتزقة جزائريين" لفائدة حكم العقيد معمر القذافي. ولا يبدوا أن واشنطن وفرنسا مرتاحان لموقف الجزائر التي بدأت تحركاتها تعيد نوع من "الحكمة" في مواقف بعض الدول العربية بالنظر إلى أن الحالة السورية تثير الكثير من الغموض وعدم الوضوح في الكثير من القضايا التي تثار في الأوساط الإعلامية العربية والدولية.