الأحزاب التي كنا نسمع بها وصدعتنا بمناسبة وغير مناسبة باتت لا تغرد حتى خارج السرب، فلم تعد تنشط بمناسبة وبغير مناسبة،فمنذ الانتخابات المحلية الأخيرة ،وإن كان البعض منها من نشط وهو يعدد على أصابع اليد الواحدة،و من ذلك الوقت جمدت وتلاشت وذهب ريحها بل مصداقيتها، فلم تعد فقط تغرد خارج السرب وإنما أيضا خارج الزمان والمكان..؟ وفي هذا البلد الأمين الذي طغى علينا حب وسرعة الوصول إلى سدة الحكم بحرق كل المراحل ودون التدرج كما تفعل جميع الأمم والشعوب التي تريد أن تبني مجتمعاتها ودولها برزانة وثبات وحجرا حجرا،دون ارتجال أو تسرع،لأن النتيجة في الأخير سوف تعود وبشكل عكسي على الجميع،ولهذا فضرورة إعادة هيكلة خارطة ما هو متواجد على الساحة وإعادة تقييمه وضبطه بات لا مفر منه،وعلى من يهمه الأمر من السلطات أن يستدرك ذلك اليوم قبل الغد،وقبل أن تنفلت منا الأمور..! من ذلك لو أننا قمنا بعملية إحصاء وتعداد وحصر لقائمة الأحزاب التي اعتمدت رسميا ناهيك عن تلك التي تنشط خارج الدائرة القانونية،لهالنا الأمر،فالعدد ربما يقارب المائة أو يزيد،أما التي أودعت ملفاتها بوزارة الداخلية وتنتظر الاعتماد فحدث ولا حرج،مما يعني أن لكل 500 ألف جزائري على الأقل حزبا،وهذا العدد الهائل ونسبة تواجد الأحزاب بالمقارنة بعدد السكان لا يوجد حتى في البلدان الأكثر ديمقراطية مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية أو الأكثر عراقة في التعددية الحزبية مثل فرنسا..؟ لا يمكن ضبط الأحزاب فقط من خلال قانون عضوي يحدد صلاحياتها،أومن العملية الانتخابية نفسها،عبر متابعة وإشراف السلطة المستقلة للانتخابات،أو حتى من اعتماد وزارة الداخلية،لأنه لم يعد في كثير من الأحيان ضروريا للنشاط والتحرك المحدود،فقد يكون الإخطار عن تأسيس حزب يكفي لوجوده القانوني على الساحة،كما نص على ذلك الدستور،ولكن الذي يجب أن يعطي الشرعية القانونية له،هو مدى تواجده وطنيا والنسبة التي يجب الحصول عليها في الانتخابات التشريعية العامة،ودونها يبقى في مرحلة التأسيس..؟!