كشفت مصادر طبية متطابقة، بأن زهاء ثلاثمائة مواطن يكونون قد أصيبوا خلال السنوات الأخيرة بأمراض تنفسية بمنطقة بئر حدادة جنوب ولاية سطيف، بفعل الغبار المتطاير من المحاجر المتواجدة بذات المنطقة الأمر الذي أدى بالسكان إلى القيام بحركات احتجاجية طوال الأشهر الأخيرة للمطالبة بوضع حد لهذه الظاهرة التي باتت تهدد الإنسان والنبات. تشكل المحاجر الست الواقعة بجبل زرارية أهم بؤرة للتلوث في المنطقة، حيث تتسبب لوحدها في إصابة العشرات من المواطنين بأمراض الربو والحساسية بفعل الكم الهائل من الغبار المتطاير منها طوال أيام الأسبوع ودون توقف بما فيها أيام العطلة الأسبوعية والمناسبات الوطنية والدينية. ولم يتوقف الأمر عند هذا فحسب بل امتد تأثير هذه المحاجر ليطال المساحات الزراعية التي أضحت بورا نتيجة الغبار والأتربة المتطايرة التي أحالت كل شيء إلى جماد لا حراك به، بعدما كانت هذه المساحات والى وقت قريب تدر أصناف الحبوب والخضروات والفواكه. في هذا الصدد، تحصي منطقة بئر حدادة المعروفة بنشاطها الفلاحي الواعد لوحدها، أزيد من 400 بيت بلاستيكي خاص بإنتاج أصناف الخضروات والفواكه، مثل الطماطم والجزر والخس والفلفل بنوعيه إلى جانب البطيخ الأصفر والذي يشكل موردا رئيسيا لمئات العائلات. عدد من الفلاحين الناشطين في هذا المجال الذين التقتهم “السلام” دقوا ناقوس الخطر جراء ما آل إليه نشاطهم الفلاحي المهدد بالتوقف والزوال بفعل الآثار الناجمة عن الغبار المتطاير من المحاجر، مشددين في نفس الوقت على ضرورة تدخل المصالح المعنية لوضع حد لهذه الكارثة حسب تعبير أحدهم والتي تأتي على الأخضر واليابس. مصالح مديرية الطاقة والمناجم، لم تخف حقيقة الأمر حيث كشفت بأنّ 32 محجرة تتوفر عليها الولاية والواقع معظمها بالمنطقة الجنوبية، ورغم أهميتها من حيث كونها توفر الكميات اللازمة من مادة الحصى الموجه لورشات البناء إلا أن تأثيرها على الإنسان والنبات بات خطيرا ويتطلب اتخاذ إجراءات فورية. المصالح ذاتها أشارت بأنه انطلاقا من تعليمات والي الولاية فقد تم إعداد دراسة علمية للحد من هذه الظاهرة سيشرع في تجسيدها قريبا بالتنسيق مع مختلف المصالح المعنية وعلى رأسها مديرية البيئة والبلديات المعنية. وكان المسؤول الأول عن الولاية وعلى إثر الحركة الاحتجاجية التي قام بها سكان بئر حدادة خلال الأيام الأخيرة، قد انتقل إلى عين المكان أين التقى بأصحاب المحاجر، حيث طالبهم بضرورة اتخاذ ما يمكن من تدابير لمواجهة هذا المشكل ريثما يتم الانتهاء من الدراسة المذكورة، وذلك عن طريق رش الممرات المؤدية للمحاجر وتحديد مواقيت هذه الأخيرة بست ساعات فقط يوميا بدل 10 ساعات حاليا، مع الالتزام بالتوقف عن العمل خلال يومي العطلة الأسبوعية والأعياد الوطنية والمناسبات الدينية. ومما يشار إليه واستنادا لمعطيات مصالح مديرية الطاقة والمناجم، فان ولاية سطيف تحتل مرتبة متقدمة فيما يخص كمية ونوعية الحصى المتأتية من ال32 محجرة العاملة حاليا، الأمر الذي أدى إلى توجيه كميات من هذه المادة لبعض الولايات المجاورة التي تعاني نقصا في هذا الشأن على غرار ولاية برج بوعريريج وباتنة وبجاية.