مثلما كان متوقعا، حُظي العداء الجزائري توفيق مخلوفي سهرة أول أمس باستقبال أسطوري يليق بمقامه كبطل أولمبي شرف الجزائر ورفع الراية الوطنية عاليا في سماء لندن، التي صدح فيها نشيد "قسما" رغم أنف جريدة تلغراف. وإذا كان وزير الشبيبة والرياضة الهاشمي جيار على رأس الذين استقبلوا مخلوفي بمطار هواري بومدين، فإن حشودا كبيرة من الجماهير رافقته في تنقله عبر شوارع العاصمة للاحتفال بالميدالية الذهبية الرابعة وال 15 في مجموع مشاركات الجزائر في تاريخ الألعاب الأولمبية. استقبال جماهيري أعاد احتفالات أم درمان للأذهان وبصرف النظر عن الاستقبال الرسمي الذي حظي به مخلوفي من قبل الإطارات السامية في الوزارة والرياضيين القدامى وعائلته، فإن الجماهير الجزائرية بصفة عامة لم تفوت الفرصة للتنقل وبأعداد كبيرة إلى مطار هواري بومدين الدولي لاستقبال البطل الأولمبي في سباق 1500 متر، إلى درجة أن الإقبال الجماهير الكبير جعل العديد يستحضر صور الاحتفالات الكبيرة التي عمت الجزائر عقب نجاح المنتخب الوطني لكرة القدم في التأهل إلى مونديال 2010، بعد ملحمة أم درمان. "وان تو ثري... فيفا مخلوفي" دوت بقوة ووسط صورة الاحتفالات العارمة التي صنعتها الجماهير، رافقت أهازيج "وان تو ثري ... فيفا مخلوفي" السيارة الفخمة التي خصصتها الهيئات الوصية للبطل الجزائري من أجل التنقل فيها لبعض أحياء العاصمة، للاحتفال رفقة الأنصار، الذين غمرتهم سعادة كبيرة بمشاهدة "إبن سوق أهراس" الذي لم يحفظ ماء وجه الرياضة الجزائرية فحسب، بل رفع الراية الوطنية عاليا في وجه لمتحاملين على الجزائر. الجميع تأثر بلحظة بكائه حين عانق والديه إذا كانت علامة الفرحة بادية على الجميع لحظة حلول مخلوفي بالقاعة الشرفية لمطار هواري بومين، فإن صورة معانقته لوالديه وإجهاشه بالبكاء، أثرت في الجميع، إلى درجة أن البعض لم يتمالك نفسه وذرفوا الدموع هم أيضا، خصوصا بعدما تذكر الجميع أن مخلوفي ضحى بكل شيء وحتى أهله لم يراهم لمدة 7 أشهر كاملة من أجل غاية نبيلة، وهدف سامي وضعه نصب أعينه هو تشريف الجزائر ورفع راية الوطن عاليا. نورية بنيدة مراح: "كنت متفائلة بتتويج مخلوفي لكن ذهبيته لا تعني أن الرياضة الجزائرية بخير" إلى جانب كل من البطلين الأولمبيين في ألعاب سيدني 2000، ڤرني جبير وعبد الرحمن حماد، لم تفوت البطلة الأولمبية في اختصاص 1500 متر نورية بنيدة مراح الفرصة للتنقل إلى مطار هواري بومدين، للمشاركة في مراسيم حفل استقبال البطل توفيق مخلوفي، وبدورنا انتهزنا فرصة تواجده لأخذ انطباعاته، خصوصا وأنها سبق لها وأن تذوقت نشوة الفوز بالمعدن النفيس في أكبر وأعرق حدث رياضي عالمي. واستهلت بنيدة مراح حديثها معنا بالتأكيد على أن ثقتها كانت كبير في قدرة مخلوفي على التتويج بذهبية نهائي 1500 متر، وهذا بعد الاستعدادات البدنية وخاصة النفسية التي كشف عنها في الأدوار التصفوية، وخصوصا في سباق الدور ربع نهائي، الذي جعل البطلة الأولمبية في اختصاص 1500 متر في ألعاب سيدني 2000 تثق أكثر في قدرات مخلوفي في بلوغ منصفة التتويجات، بالنظر إلى أسلوبه الخاص والفرد في تجاوز منافسيه. وصرحت مرّاح في هذا الصدد: "بعد سباق الربع النهائي كنت أعلم أن مخلوفي سيتوج بالذهب، لأنه يتمتع بمؤهلات كبيرة" وأضافت: "بنظري مخلوفي سيعطي نفس جديد للألعاب القوى الجزائرية"، وهذا قبل أن تنبه البطلة الأولمبية في ختام تصريحاته المسؤولين بضرورة الاهتمام أكثر بالرياضة وتطويرها، مؤكدة أن إنجاز الذي حققه مخلوفي لن يحجب الضوء عن المشاركة الكارثية لباقي الوفود الجزائرية المشاركة في أولمبياد لندن 2012. مخلوفي ل"السلام: "لو كنت أدري ثمن هذه الميدالية لدى الشعب الجزائري لتوّجت بها سابقا" "شعرت بإحساس غريب وأنا أسمع النشيد الوطني في سماء لندن" في تصريح خص به "السلام"، فتح من خلاله البطل الأولمبي توفيق مخلوفي قلبه وتحدث عن كيفية قضائه الأيام الأخيرة بعاصمة الضباب، كما تحدث عن الشعور الذي انتابه عقب تتويجه بالذهبية والتي جعلته مفخرة الرياضة الجزائرية في موسم 2012. أهلا بك وهنيئا لك توفيق؟ شكرا لكم على هذا الاستقبال، حقيقة لم أكن أنتظر كل هذا، والآن تأكدت من حجم الإنجاز الذي وصلت إليه في الألعاب الأولمبية بلندن. هل كنت تنتظر هذا الاستقبال والتكريم؟ لا لم أكن أنتظر كل هذا والآن علمت مدى فرحة الشعب الجزائري بتتويجي بالذهبية، ولو كنت أدري أن تتويجي بالميدالية ستفرح هكذا الشعب الجزائري لتوجت بها في الألعاب السابقة، إنه شعور خاص وأنت تستقبل ببعثة كهذه وعدد من رجال الإعلام، كما أن رؤية عائلتي والوالدة زاد من فرحتي، وأستطيع القول أن هذا اليوم هو أسعد اللحظات التي عشتها منذ ولادتي. هل كنت تترقب التتويج بالذهب قبل بداية الألعاب؟ نعم تنقلت للندن من أجل التتويج بالميدالية الذهبية، لقد تعبت ونلت ما كنت أسعى إليه، أنا لم أتنقل من أجل النزهة، ولا يخفى عليكم أنني تنقلت إلى كينيا من أجل التحضير للألعاب الأولمبية، ولم أشك يوما في قدراتي ووضعت في ذهني أنني لن أعود للجزائر بدون ميدالية. حتى وأنك أصبت قبل السباق لم ينتابك الشك؟ نعم لأن الإرادة التي كانت تحدوني أنستني كليا في الإصابة، كنت أحلم بالتتويج ورفع الراية الوطنية في سماء لندن، وهو ما تحقق في النهاية والآن أنا في الجزائر وسط أبناء بلدي، وعائلتي والآن يمكن أن أقول إن الفرحة اكتملت ووصلت إلى المبتغى. كيف كان شعورك وأنت تستمع النشيد الوطني في لندن؟ لحظات قوية للغاية، خاصة وأنني كنت صاحب الميدالية الذهبية، وفي تلك اللحظات تفكرت العمل الكبير الذي قمت به وتذكرت أبناء الجزائر وقلت أنهم فخورون بهذا الإنجاز، وكلهم يشاهدون الآن ويستمعون النشيد الوطني في العاصمة البريطانية لندن. ما هي أهدافك وطموحاتك مستقبلا؟ الطموحات والأهداف تبقى دائما نفسها، لديّ 24 سنة من العمر، وسأعمل على أن أحقق تتويجات أخرى سيما بعدما تأكدت الفرحة الكبيرة التي عاشها الشعب الجزائري وأصحاب العائلة، ولهذا سأستمر في العمل بجدية كبيرة حتى أحقق ألقاب أخرى في المستقبل. الهاشمي جيار: "مخلوفي مفخرة الجزائر وأثبت أنّ الجزائر لديها طاقة محلية" صرح الهاشمي جيار وزير الشباب والرياضة أنّ تتويج العداء الجزائري توفيق مخلوفي بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية 2012 بلندن مفخرة لكل الشعب الجزائري، حيث رفع الراية الوطنية عاليا في سماء بريطانيا وأثبت للجميع أن الجزائر بخير وستبقى في كل مناسبة حاضرة بالتتويجات. كما أكد الوزير أنّ هذا التتويج أبرز امتلاك الجزائر لطاقة محلية، مادام أن مخلوفي صناعة محلية مائة بالمائة وأضاف يقول في هذا الصدد "لقد شرفنا العداء مخلوفي وأعتبره مفخرة الجزائر، لقد رفع رايتنا عاليا في عاصمة الضباب لندن، ودوى النشيد الوطني أمام الآلاف من الجماهير التي تنقلت من شتى أرجاء العالم، وعليه أؤكد لكم أن الجزائر مازالت لديها طاقة محلية مادام أن مخلوفي من صنع جزائري مائة بالمائة".