كشفت مصادر حسنة الاطلاع ل»السلام»، عن حراك حثيث لتذليل 11 عقبة تواجه المنظومة السياحية في الجزائر، وذلك في سياق المراهنة على استقطاب 2.5 مليون سائح سنويا، بعدما ظلت حصتها لا تتجاوز بضع مئات الآلاف من السياح الأجانب، وتأتي الخطوة في مسعى للحاق بما قطعته دول الجوار في ميدان السياحة الذي يمكنه تشكيل قيمة مضافة معتبرة خارج المحروقات.- يحصي مختصون أكثر من 260 وجهة سياحية في الجزائر، من الشمال الغربي ومنطقة الجزائر العاصمة إلى الشمال الشرقي وصولا إلى منطقة غرداية والجنوب الكبير ومنطقة تمنراست، ويقترح دليل «الجزائر» القيام بجولة كاملة لبلد لا يزال يجلب الأشخاص المولوعين بالمناظر الطبيعية الخلابة والتراث والحياة اليومية للسكان وضيافتهم. وبحسب معلومات توافرت ل»السلام»، تسعى مصالح اسماعيل ميمون لتذليل أحد عشر عقبة تواجه مسار السياحة في البلاد، في صورة غياب النوعية عند الاستقبال وفي الخدمات ونقص في عدد الهياكل وكم مرهق من المشكلات البيروقراطية، ومن أجل دفع قاطرة «الإنفتاح السياحي» خلال السنوات الأخيرة، تريد الجزائر الترويج والدعاية لمختلف المواقع والفنادق والمطاعم والمعالم وما تختزنه من موروثات. واعتمدت الحكومة مخططا توجيهيا للتهيئة السياحية يمتد إلى آفاق 2015، ولتحقيق هذا الهدف، رصدت مخصصات ب2.5 مليار دولار بالنسبة للفترة 2008 - 2015 بما يعادل 350 مليون دولار سنويا، على أن تتأتى من هذا الاستثمار إيرادات تتراوح بين 1.5 وملياري دولار، فضلا عن توفير نحو أربعمائة ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر، كما سيتدعم قطاع السياحة بالجزائر ب220 فندقا باختلاف درجاتهم لا تزال في طور الإنجاز، علما أن الحظيرة الوطنية للفنادق بالجزائر تتوفر على 1047 فندق 10 في المائة منهم ذات تصنيف عالي، حتى يتّم الارتفاع بمعدلات سياحية لم تتجاوز المليون وسبعمائة ألف شخص خلال الفترة الماضية. ولأجل الارتقاء بالجزائر إلى مستوى متميز في هرم السوق العالمية للسياحة، أعدت المصالح المختصة خطة تقضي بتوفير منتجات سياحية خاصة وجذابة، وإزالة غبار مزمن ظلّ يلفّ مناطق سياحية طبيعية قائمة على غرار الصحراء الكبرى بما تنطوي عليه الأخيرة من متاحف على الهواء الطلق، وما تزخر به من إنفراد جمالي يميز البلد و يعطيه نوعا من الأصالة، وتريد الجزائر النجاح في استدراك غيابها الطويل عن واجهات وبرامج وكالات السياحة والأسفار والشركات الجوية، وذلك من خلال ألوان ونفحات وصور رائعة عن جزائر حية وعامرة تتيح لعشاق الفضاءات والسكينة سلام تم استرجاعه». وبغرض التسويق لسياحة جزائرية مغرية، تعول السلطات على تكثيف الإصدارات ذات الطابع السياحي، ووضع بطاقية سياحية متكاملة تحتوي بدقة على صور وخرائط وبيانات ولوحات ومجموعة كبيرة من المعلومات والنصائح، لضمان رحلات ممتعة للسياح الأجانب وثرية بالاكتشافات في بلد الجمال والدفء، بعيدا عن الإحساس القديم ب»جزائر اللاأمن والعنف». وتتطلع الجزائر إلى تفعيل ثمانية مشاريع سياحية كبيرة بحلول العام 2015، بقيمة تزيد عن الخمس مليارات دولار، ويتعلق الأمر بمشاريع لمجموعات إماراتية وكويتية على غرار «الإمارات الدولية للاستثمار» و»إعمار» إضافة إلى «غراند»، ويرتقب أن تستهل الخطة بإنشاء قرى سياحية ومرافق ترفيهية وخدمية ذات أبعاد ثقافية وحضارية، في وقت تتحدث جهات عليمة عن وجود برنامج سيؤخذ بعين الاعتبار بعد أشهر لبناء قرى سياحية، والتركيز على السياحة الصحراوية والساحلية والثقافية للخروج بسياسة سياحية مشتركة ومتوازنة. كما أبرمت الجزائر على 80 اتفاقا يخص التعاون والشراكة المتعلقة بإنعاش منظومتها السياحية، قبل فترة، في خطوة هي الأكبر من نوعها منذ سنوات طويلة، ويتعلق الأمر بإنشاء سلسلة فنادق ومركبات سياحية، وكذا تحسين مستوى ونوعية الخدمات، وبعث بنك للاستثمار السياحي يتكفل بضمان تمويلات لمختلف المشاريع السياحية، بغرض إعطاء دفع جديد للشراكة والاستثمار في المجال السياحي بالجزائر. وترنو الجزائر لاسترجاع مجدها السياحي في غضون العام 2015، حيث تسعى السلطات الجزائرية إلى تفجير (ثورة سياحية) في غضون السنوات التسع القادمة، وتجهيز عدد من مواقعها السياحية والتعريف فيها لأخذ حصتها من السياحة العالمية، بعدما أثار تصنيفها الأخيرة عربياً وال93 عالمياً في مجال السياحة، ضجة مضاعفة هناك على خلفية المفارقة التي تضرب بأطنابها في بلد موصوف بكونه «مركز سياحي بلا سياح». وبالرغم مما تزخر به الجزائر من إمكانات سياحية ضخمة، إلا أن السياسة التي طبقت في الجزائر منذ سنوات العنف المسلح في تسعينيات القرن الماضي، أثبتت محدوديتها، حيث لم تحقق الجزائر سوى 120 مليون دولار كعائدات العام الماضي رغم امتلاكها قدرات سياحية ووسائل مالية معتبرة، في حين تجاوزت تونس والمغرب عتبة 6 مليارات دولار، وبالرغم من أنّ الحكومة اعتبرت في مرات عديدة أنّ السياحة ستكون خليفة المحروقات في المستقبل، إلا أنّ ذلك لم يتجسد في الميدان. 560 مشروع سياحي جديد كشف وزير السياحة والصناعة التقليدية إسماعيل ميمون عن حراك لتجسيد 560 مشروع سياحي جديد في الجزائر، بقيمة استثمار إجمالية قدرها 4 مليارات دولار. وذكر ميمون أنّ هذه المشاريع تسمح للجزائر بمواجهة الاحتياجات الملحة في مجال توسيع قدرات الاستقبال الفندقية التي لا تتجاوز 72 ألف سرير والمدعوة لمواكبة المعايير الدولية، وكشف ميمون عن خطة لتفعيل عديد القطاعات الوزارية لإحياء القطاع السياحي، عبر تمكين 2200 مرفق سياحي بين فنادق ووكالة أسفار من الاستجابة للمعايير الدولية، مفيدا أنّ ما لا يقلّ عن مائتي فندق عبّرت إداراتها عن الرغبة في الاندراج داخل مخطط النوعية السياحية، علما أنّ مخطط 2010 2014 رصد غلافا بخمسة عشر مليون دينار لدراسة مختلف جوانب النهوض بالسياحة الصحراوية. وأبدى ميمون ثقة بقدرة قطاعه على خلق ما لا يقلّ عن 75 ألف منصب شغل جديد خلال السنوات المقبلة، ذاهبا إلى أنّ الجزائر مهتمة بالسياحة كاقتصاد بديل يفعّل التنمية المستدامة ويدرّ موارد هامة لتحقيق مداخيل وتوفير مناصب شغل، ويقول الوزير إنّ السياحة منذ العام 2000، صارت تعتبر قطاعا تنمويا اقتصاديا، والرهان الأساس حاليا يتركّز في كيفية بناء سليم ودائم للوجهة السياحية الجزائرية. ولفت ميمون إلى أنّ الجزائر بصدد إعادة رسم هويتها السياحية، والنسج على منوال الفترة الذهبية ما بين سنتي 1962 و1974، حينما كانت الجزائر ممثّلة بفروع في الخارج اعتنت آنذاك باستقطاب السياح على غرار ما كان في ألمانيا، سويسرا وفرنسا، وهو ما أتاح جلب عدد غير قليل من السياح إلى شمال البلاد وجنوبها على حد سواء. وفيما عزا الوزير الهزال الحاصل على مدار سنين طويلة إلى مخلّفات إخضاع قطاع السياحة إلى إعادة هيكلة في الثمانينيات، وما ترتب عن ذلك من عدم استقرار زاده حدة ما حدث خلال عشرية التسعينيات من تدهور الوضع الأمني وعزوف السياح عن القدوم إلى الجزائر. وفي نسق مستقبلي، يعوّل ميمون على إنعاش الفعل السياحي من خلال المخطط الوطني للتهيئة السياحية الممتدّ إلى العام 2025، والقائم على خلق أقطاب امتياز سياحية وتوفير 75 ألف سرير في آفاق سنة 2015 للاستجابة إلى المعايير الدولية، فضلا عن إعادة بعث سياسة تكوين المرشدين السياحيين، مخطط النوعية السياحية لترقية خدمات الهياكل الفندقية والسياحية عموما، ومخطط التوجيه والاتصال والتسويق السياحي. ولفت المسؤول الأول عن قطاع السياحة إلى التباينات التي تطبع السياحة الصحراوية، فالأخيرة مركّزة في الجنوب الكبير على غرار الطاسيلي أهڤار والطاسيلي ناجر، بينما غرب الصحراء كمناطق الساورة، توات قورارة، تاغيت، واحات الوادي، تڤرت، الأغواط، بسكرة، بوسعادة لا تزال عذراء ومحرومة من أي إقبال سياحي. لذا تراهن الوزارة - يعلق ميمون - على ترقية السياحة بالمناطق المذكورة تبعا لكون السياحة الصحراوية تتمتع هناك بطابع نوعي أكبر، وسيتأتى ذلك بحسبه من خلال تشجيع الرحلات المباشرة، حث المتعاملين على الاستثمار في جانب النقل السياحي، استغلال المواعيد التقليدية الجنوبية (أعياد الربيع والسبيبة والألف قبة وقبة)، مع الحرص على ضمان احترافية التأطير السياحي، والتركيز على إعادة بعث نظام التكوين. إلى ذلك، يؤكد مختصو الشأن السياحي في الجزائر، أنّ تطوير البنى التحتية، تحسين الخدمات، رسكلة المرشدين السياحيين إضافة إلى الترويج والدعاية، تعدّ أربعة مفاتيح أساسية كفيل بضمان إقلاع القاطرة السياحية الوطنية وإعادة الروح إلى كنوزها البيئية والصحراوية والحموية والجبلية والثقافية والدينية التي لا تزال تعاني في الظلّ.بهذا الشأن، يذهب كوكبة من المسؤولين والمتعاملين إلى ضرورة إرساء تقاليد جديدة تمكّن الجزائر من تدارك تأخرها في المجال السياحي، طالما أنّ استقطاب الجزائر لمليوني سائح وتحصيلها 330 مليون دولار خلال العام الأخير لا يمثل إنجازا إذا ما قورن ذلك بإمكانات الجزائر الحقيقية وما حققته دول الجوار في حوض المتوسط. ويقرّ عبد القادر با محمد مسؤول موقع «البقرة الباكية» بجانت، بعدم التموقع الجيد للمنظومة السياحية، رغم أهميتها كقطاع منتج للثروات، ملفتا إلى أنّ السياحة لا تزال تعاني من هياكل متآكلة وغير مؤهلة بالقدر الكافي، رغم توافر الجزائر على بيئة مهيّأة وما تنطبع به من زخم ومقومات التنوع البيولوجي. من جانبه، يعتبر بشير كاديك المختص في السياحة، أنّ حصيلة قطاع السياحة هزيلة، مبرزا نموذج بوابة الصحراء بسكرة المتميزة بطابعها الزراعي الرعوي التي لا تزال على الهامش، رغم كونها أن تلعب دورا فارقا في السياحة بأضربها الصحراوية والبيئية والحموية والدينية، اعتبارا لامتلاكها عديد المعالم والآثار، ويُرجع كاديك ذلك إلى غياب فعل جدي من طرف المتعاملين ووكالات الأسفار. السياحة الحموية قد تشكّل الاستثناء تثور أسئلة ملّحة إزاء عدم الاهتمام الجزائر بالسياحة الحموية، تبعا لاستيعاب الجزائر أزيد من مئتي حمام معدني ومنبع مائي طبيعي، تحتاج إلى تثمين، خصوصًا مع ما تتوفر فيه من مزايا فيزيائية وكيمائية وعلاجية بمعدل حراري لا ينزل تحت سقف 40 درجة مئوية وبتدفق قدره 40 لترًا في الثانية، يثير اهتمام آلاف السياح كل عام، في صورة معسكر المؤهلّة لأن تغدو قطبا سياحيا متميزا، احتكاما لاحتوائها على 44 فندقًا، واتخاذها قبلة من لدن أكثر من 150 ألف سائح يأتون للاستحمام والتداوي بالمياه الساخنة لحمام بوحنيفية الشهير. ويقول الخبير مصطفى بوصبيع أنّه يتعين منح الاهتمام اللازم لتطوير النشاط السياحي الحموي، عبر تهيئة مرافق الاستقبال وتحسين نوعية الخدمات المقدمة، إلى جانب توسيع نطلق السياحة الحموية وجعلها مصدرًا لخلق الثروة وفتح فرص عمل جديدة، بالنظر إلى المؤهلات الطبيعيّة العالية التي تمتلكها البلاد. وينوّه الدكتور عبد الغني طارق ذياب بما تحتويه مدينة قالمة، إذ تمتلك لوحدها 17 منبعا، سبع منها فقط مستغلة، وتمتاز بجودة مياهها وينتفع بها كثيرون في مجال العلاج من الأمراض.