يُرتقب أن تشهد ولاية تسيمسيلت، خلال المرحلة القليلة القادمة مشاريع سياحية هامة، في منطقة تزخر برصيد هائل بحاجة إلى استكشاف ما سيسهم حتما في تطوير قطاع السياحة بالولاية المرشحة لأن تكون أيقونة السياحة الغابية بالمنطقة المغاربية. واستنادا إلى إفادات توافرت "للسلام"، ستستفيد بلدية سيدي سليمان من مشروعين للمحطة الحموية، يخص الأول دراسة وإنجاز نقاط الأنابيب والتنقيب عن المياه الساخنة، فيما يتمثل المشروع الثاني في إعادة تهيئة وتوسيع الحمام المعدني، ومع إتمام هذه المشاريع سيتم إطلاق مشروع ضخم بتطوير الحمام المعدني الذي تعتبره السلطات البلدية عصبا حيا على مستوى الولاية، وحتى على المستوى الجهوي لما يتميز به من طابع سياحي بالدرجة الأولى، خاصة وأنه يستقطب زوارا من خارج الولاية كل سنة. ومن بين المناطق السياحية والهامة بولاية تيسمسيلت، تبرز حظيرة الأرز التي تعتبر من بين رموز الولاية، وتتسم هذه الغابة بكونها فضاءا بيولوجيا متنوعا تتعايش فيه النباتات والحشرات والحيوانات، وأضحت هذه الحظيرة مختبرا مفتوحا للباحثين وملاذا لعشاق الطبيعة. وفي مقام رئيس، تنتشي تيسمسيلت بحظيرة الأرز المعروفة محليا بتسمية "المداد"، وبحسب بيانات رسمية تتربع على مساحة اجمالية في حدود 3425 هكتار، وتتواجد بها عدة أصناف نباتية على غرار أشجار الأرز الأطلسي، الصنوبر الحلبي، البلوط الأخضر، البلوط الفليني، إضافة الى الطحالب والنباتات الجبلية. كما تزخر الحظيرة ب27 نوعا من الحيوانات المحمية، بينها عشرة أنواع من صنف الثدييات وثلاثة من الزواحف، فضلا عن 30 نوعا من الحشرات و29 آخر من الطيور. ويشير الأخضر فريدان، وهو مسؤول محلي ببلدة ثنية الحد التي تحتضن الحظيرة، إلى كون الأخيرة أخذت مسمى "حظيرة الأرز" لكونها نقطة التقاء أشجار الأرز الأطلسي، وهو معطى دفع الجهات المختصة إلى مضاعفة الاهتمام بها في بلد ظلّ إلى وقت قريب يشكو من هشاشة أشجار الأرز وقلة مقاومتهاعلى خلفية ما طالها جرّاء الطفيليات وكذا الحشرات الضارة حيث تبدت أوراقها في التساقط ثم تموت. من جانبه، يشير الأخصائي السعيد عبد الرحمان، إلى أنّ حظيرة الأرز بما تتمتع به من إمكانات تسمح بإنتاج نحو خمسة عشر ألف شتلة للغرس في عموم المناطق التي يتلاءم موقعها مع هذه الأشجار، في حين ينتظر استغلال مشتلات أخرى لانتاج من 200 ألف إلى 300 ألف شتلة، بما سيمكّن – بحسب عادل سعيدي، أحد متعهدي الحظيرة – من تلبية احتياجات البلاد وتعويض أشجار الأرز التي تضرر 62 بالمائة منها، جرّاء الجفاف الذي عرفته البلاد في السنوات الأخيرة خاصة ما بين سنتي 1998 و2002. وبشأن المساعي الحالية لتحصين حظيرة الأرز كإجراء وقائي ضدّ ظاهرتي البناء والرعي المفرط، يلفت الخبير عامر زوبيري، إلى أهمية العمل على استرجاع خشب أشجار الأرز الميت في استعمالات متعددة، خصوصا وأنّ نجاح غراسة أشجار الأرز يتطلب تكاليف باهضة، ناهيك عما يرافقه من دراسات دقيقة للتربة مع مراعاة شروط تقنية معينة ابتداء من تحضير التربة إلى غرس الشجيرة ثم متابعة مختلف مراحل نموها. من جهته، يلاحظ الأستاذ أحمد فوضيلي، أنّ حظيرة الأرز ستستفيد عما قريب من محطة للأرصاد الجوية تتوفر على أحدث الأجهزة التقنية الرقمية، لاستغلالها في البحث العلمي ودراسة الوسط الطبيعي بالحظيرة، اضافة الى ترميم الدار الغابية القديمة، فضلا عن تهيئة المسالك المتواجدة بغابة المداد. ويقول العم العياشي، أنّه دائم القدوم إلى المكان رفقة عائلته، داعيا أن يتم حماية هذا الموقع الطبيعي تبعا لمكانته الاستيراتجية على صعيد ضمان التوازن البيولوجي، وهو رأي تؤيده السيدة شريفة، التي لا تخفي ابتهاجها بما توفره الحظيرة من مناظر طبيعية ساحرة وبساط أخضر يستقطب مواطنيها من مختلف الأعمار. وتفيد إدارة الحظيرة أنها تستقبل 1500 عائلة خلال كل نهاية أسبوع، موضحة أنّ الأمر لا يقتصر على الزوار العاديين، بل يمتد إلى جمهور الطلبة والباحثين والوفود العلمية ممن يأتون لإجراء دراسات علمية ميدانية حول مؤهلات الشريط الغابي ومميزاته البيئية هناك، في وقت يحث أبناء المنطقة على إعطاء ديناميكية جديدة ينعش الجانب السياحي لحظيرة الأرز. وتحتوي منطقة تسيمسيلت التي يفضلها الأجانب على أشجار متوسطية معمرة يفوق عمرها 450 سنة، وهي اليوم محل أبحاث الخبراء التي يقصدونها من كل النواحي، وليس عشاق الطبيعة فقط من يولون أهمية لهذا الصرح الغابي بالولاية، بل يقصدها العديد من الأطباء خاصة من دول الغرب كان آخرها زيارة وفد بلجيكي، إلى دائرة ثنية الحد أين تم تنظيم لقاء حول أمراض الكلى كان قبلها تنظيم العديد من المحاضرات لفائدة أمراض الربو وغيرها وهو ما وقفنا عليه. وتعتبر حظيرة المداد مقصد الأطباء الأجانب أيضا كون أنها تمثل مكسبا هاما لولاية تيسمسيلت وجب المحافظة عليه. خاصة وأنها تلقب باسم جنة الأرز وهي تعتبر أول منطقة محمية في الجزائر، وهي أيضا مصدر الهام المؤرخين والمستكشفين بعدما أصبحت في الفترة الاستعمارية الغابة الأرزية محط أنظار وإعجاب من طرف المستعمر الفرنسي، حيث بني الحصن العسكري في أفريل 1843 وفي هذه الفترة استقطبت هذه العجائب المندوب المالي فبني فيها قصرا صغيرا كان يتردد عليه في كل صيف لمدة 36 سنة.