أحيت أمس كل من مؤسستي الإذاعة والتلفزيون مناسبة استرجاع السيادة المصادفة للثامن والعشرين أكتوبر 1962 المتزامنة مع خمسينية استقلال الجزائر، وبهذه المناسبة ارتأت "السلام" تسليط الضوء على راهن هذا القطاع من منظور بعض الوجوه الثقافية والرعلامية والفنية الفاعلة في هذا المجال. شافية بوذراع: تلقيبي ب"أم الجزائريين" امتص غضبي أبدت الفنانة القديرة شافية بوذراع صاحبة الرصيد الحافل من الأعمال الناجحة، استياءها الشديد للتجاهل المهين الذي يوليه لها القائمون على قطاعي الإذاعة والتلفزيون، وقالت إنها مغيبة تماما في مناسبات كثيرة هامة كمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة على مؤسستي الإذاعة والتلفزيون المتزامنة مع خمسينية الاستقلال، خاصة وأنها أمضت عقدا من عمرها وهي تبذل العطاء للفن الجزائري، عمر يعادل أكثر من 49 من الأعمال السينمائية والمسرحية، والتي يبدو أنها ليست كافية حتى تشفع لها للتعامل كواحدة من أقدم الفنانين الذين أثروا الرصيد الثقافي بأعمالهم الناجحة التي مثلت الفن الجزائري وكانت سفيرا للثقافة الجزائرية عبر العديد من المحافل الدولية. تغييب الممثلة خلف لديها شعورا أليما وصفته بالمهين، حيث قالت أنها تشعر بالغضب لعدم توجيه دعوة لها بحضور العديد من المناسبات التي غيبت عنها تماما، وأضافت المتحدثة أن ما يصبرها على هذا التهميش الأناني تلقيبها ب "أم الجزائريين" وفي هذا قالت: "سموني أم الجزائريين هذه العبارة امتصت غضبي "الغضب مشى علي وغمض عينيا" لأن الأم تضحي وتصبر من جهة أخرى، وجهت الممثلة القديرة بوذراع رسالة عبر "جريدة السلام" تدعو فيها القائمين على مؤسسة التلفزيون نشر الثقافة الجزائرية الحقة من خلال بث الأعمال المحلية الناطقة بالدارجة الجزائرية الحقيقية الشبيهة باللغة الفصحى، وليس الدارجة العصرية التي تسير باللغة الأصلية نحو طريق عرجاء، مشيرة إلى الأفلام الأجنبية التي تبث والتي أخذت حصة الأسد من شبكة البرامج على حساب الأعمال المحلية وقالت: "لم ننل من الأفلام التركية والأفلام الأخرى سوى أننا تعلمنا لهجتهم التي تكاد تنسينا لهجتنا للأسف". وعن احتفال مؤسستي الإذاعة والتلفزيون بذكرى استرجاع السيادة 28 أكتوبر 1962، قالت بوذراع أنه باسترجاع السيادة الوطنية جهر صوت الثورة، صوت الكفاح وجهر معها صوت التلفزيون والإعلام ككل وأن القطاع يمضي تدريجيا، وأضافت: "نحن نملك طاقات لا بأس بها، فقط أتمنى من الجيل القادم أن يحمل المشعل ويواصل مسيرة الأسلاف ..." ورغم استيائها وغضبها إلا أن شافية بوذراع تأبى إلا أن تواصل المضي في مسيرتها الفنية التي تجوب بها عبر العديد من البلدان العربية والأجنبية، وآخرها "نسيم الجزائر" الذي زارت به دبي، و"إماني إلا امرأة"، وأعمال أخرى بفرنسا، وفي هذا قالت المتحدثة: "مادام فيّ نفس ولازلت على قيد الحياة لن أكف عن التمثيل حتى أوارى الثرى" فيما أشارت إلى أعمال جديدة لم توقع عليها بعد. أحمد زير: التلفزيون يعاني عقبة الحسابات المادية من جهته تحدث المخرج أحمد زير عن مسيرة التلفزيون والإذاعة التي قال أنها مرت بعدت مراحل، بدءا بمرحلة ماقبل الاستقلال التي شهدت قيودا كبيرة بسبب الاستعمار، ثم مرحلة ما بعد الاستقلال وهي مرحلة البناء وإعادة النهوض بالركب الإعلامي، مشيرا أن هذه المرحلة شهدت إرادة كبيرة من قبل القائمين عل المؤسسات الإعلامية حينها، أما المرحلة الحالية -يقول زير- يطغى عليها نوع من الجانب المالي الذي أدخلها في حسابات خاصة جعلت مؤسسة التلفزيون ترجع إلى الخلف وتفقد العزيمة والمستوى الذي كانت عليه سابقا، وأضاف: "لم نعرف كيف نجاري المؤسسات الأخرى ونخوض سباق الجودة والاحترافية رفقة قنوات عربية وأجنبية، علينا إيجاد الفتحة التي تعيد للتلفزيون الجزائري مكانته وتجعله يسترجع متتبعيه الذين التفوا حول قنوات أخرى ليلبوا أذواقهم التي لم تعد موجودة في التلفزيون الوطني"، وأضاف المخرج أن فترة الستينات إلى غاية أواخر السبعينات كان نوع البرامج المقدمة - سواء عبر الإذاعة أو التلفزيون - جيدا وملما بجميع الأذواق مهما كانت فئات أو أعمار المشاهدين، وقال: الشبكة البرامجية الراهنة تركز على الغناء أو المقابلات الرياضية، وهذا خطأ كبير لأن الجمهور الجزائري لايقتصر على جمهور الغناء والكرة فحسب، وهو الأمر الذي يجعل المتتبع ينفر ويبحث عن البديل الذي وجده في قنوات فضائية أخرى. أما عن حرية الإعلام وفتح المجال للقطاع الخاص قال زير أن الكم موجود، إلا أن المهم هو النوع وفي هذا قال: "لا أعتقد أن القطاع الخاص سيصنع المعجزة لأن أغلب العاملين في هذا المجال يركزون على الجانب المادي وما يكسبونه من مدخول، لذلك تبقى المهمة تقع على عاتق التلفزيون الحكومي". فاطمة الزهراء زرواطي التلفزيون والإذاعة أمام تحدي المنافسة وصناعة البرامج تحدثت فاطمة الزهراء زرواطي الوجه الإعلامي المعروف، عن راهن التلفزيون الجزائري وقالت أن الأخير عرف خلال العشرية الأخيرة قفزة نوعية تمثلت في فتح العديد من القنوات الفضائية كقناة القرآن الكريم، وكنال ألجيري، الجزائرية الثالثة، والقناة الأمازيغية، وأضافت أن قطاع التلفزيون حاليا يعيش إشكالية مفادها كيف يمكن الانتقال إلى النوعية والمنافسة في صناعة واقتناء البرامج، حتى يحافظ التلفزيون الحكومي على مكانته ويبقى الرائد في ظل انتشار العولمة وفتح المجال للقنوات الجديدة بكل إمكانياتها التقنية، وأضافت: "نحن أمام تحد كبير يكمن في كيفية تقسيم الإمكانيات البشرية ووضعها في مناصبها المناسبة".