ارتجت أول أمس "دار الأسد" للفنون والثقافة بالتصفيق أثناء عرض فيلم "خارجون عن القانون" للمخرج الجزائري المغترب رشيد بوشارب، وراحت النساء تزغرد وهي تتذكر سيناريو الاستقلال والانتصار على المستعمر الفرنسي الغاشم الذي حصد الأخضر واليابس لما يقارب قرنا ونصف القرن من الزمن . * تدور أحداث الفيلم حول عائلة جزائرية في عام 1925، تطرد من منزلها بسبب الاحتلال الفرنسي وأطماعه، ويساعدها في هذا جزائري يعمل لصالح الفرنسيين، وفي مظاهرة سلمية عام 1945، يرتكب الفرنسيين مذبحة ضد الانسانية في مدينة "سطيف"، تنجو منها الأم والابن سعيد الممثل المغربى " جمال دبوز " ، ويقنعها بالسفر إلى فرنسا لملاقاة الابن الثاني " عبد القادر " المسجون في فرنسا، بينما الابن الثالث يضطر للمشاركة في حرب الهند الصينية الشهيرة . * في البداية تعيش الأم و"سعيد" في محتشد غير إنساني من الصفيح، وتتجمع الأسرة من جديد في فرنسا بعد خروج "عبد القادر" من المعتقل وعودة "مسعود" من الحرب، سعيد له هوايات أخرى يبحث عن الثراء السريع، لكنه وطني أيضا وقتل الخائن في الجزائر، وعبد القادر ومسعود يعملان مع الجبهة الوطنية للتحرير، وينجح الاثنان في تكوين تنظيم كبير في مصانع العمال في شركة " رينو " الفرنسية ومعظمهم جزائريون، ويجمعان جزءا من رواتبهم الشهرية لصالح الثورة الجزائرية . * تدبر جبهة التحرير مجموعة من العمليات للمطالبة بحق الجزائر في الاستقلال، ويقوى التنظيم، وتضطرب علاقة عبد القادر ومسعود من جهة وبين سعيد من جهة أخرى، لأن سعيد مارس هوايته في اكتشاف بطل جزائري في الملاكمة ويريد أن يزج به في بطولة فرنسا للملاكمة وهو ما ترفضه الجبهة، ويصل الأمر إلى تهديده بالقتل، لكن في النهاية تعود العلاقة بين الأشقاء الثلاثة إلى قوتها، ويموت أحدهما في مطاردة مع مجموعة اليد الحمراء التي كونتها الشرطة الفرنسية لاغتيال المقاومين الجزائريين، ويموت الثاني في مظاهرة بباريس في محطة الميترو، أهم ما في الفيلم أنه ألقى الضوء بواقعية شديدة على العنف الفرنسي تجاه الجزائريين، فالشخصيات الثلاث لا تملك إلا التعاطف معها لأنهم بالفعل ضحايا، صورتهم كاميرا بوشارب، ذلك المخرج المتمكن من الحبكة وصورة لا تقل جمالا عن صور أفلام هوليود، وتمثيل راق من الأبطال الثلاث، وتفاصيل هامة لا تغيب لحظة عن الكاميرا . * وعلى هامش الندوة الصحفية التي أعقبت عرض الفيلم، اعتبرت الممثلة القديرة شافية بوذراع العمل الذي دخل دهاليز هوليود، بمثابة ذاكرة تاريخية للأجيال على نضال الشعب الجزائري الباسل في وجه الاستعمال الفرنسي وصموده من أجل نيل الحرية، مؤكدة على أن الشعب الجزائري طوى صفحة الاستعمار لكنه لم يقطعها، وأن دورها في "خارجون عن القانون" من أهم الأدوار التي أدتها طوال مشوارها الفني الكبير. وتمنت بوذراع لم شمل العرب وأن يقفوا وقفة رجل واحد لمسندة الشعب الفلسطيني الأعزل. * من جهته، استنكر ممثل وزارة الثقافة أحمد بجاوي المؤامرة التي حاكتها جهات فرنسية بعدما جندت مجموعة من الصحف التابعة لها للهجوم على الفيلم، إلى جانب عدد من المتطرفين الفرنسيين، "إلا أنهم لم يتمكنوا من منع عرض الفيلم الذي شاهده الملايين في فرنسا وأمريكا، عكس ما فعلت فرنسا مع فيلم " معركة الجزائر " ، لأن فرنسا كانت مشاركة في إنتاج الفيلم ممثلة في القناة الفرنسية الثانية وكنال بلوس " ، يقول بجاوي . * وفي ذات السياق، أكد بجاوي أن " خارجون عن القانون " لا يتحدث عن الشعب الجزائري فقط، وإنما يمس جميع شعوب العالم المضطهدة والمغتصبة، خاصة سكان الجنوب . * كما عبر الممثل القدير أحمد بن عيسى عن افتخاره بجزائريته وبدوره البسيط والمميز في الفيلم، مستنكرا ردود الأفعال الفرنسية السلبية التي لاحقت الفيلم قبل وبعد عرضه . * أصداء : * الدمشقيون يرددون " تحيا الجزائر " * عرف عرض الفيلم الجزائري "الخارجون عن القانون" حضورا جماهيريا قويا عكس الأفلام الأخرى المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان دمشق السينمائي الدولي، التي عرضت من غير جمهور، وهو ما حصل مع الفيلم الإماراتي "ثوب الشمس"، وظل من حضر العرض يصفق طوال عرض الفيلم والزغاريد تتعالى بين أرجاء دار الأسد التي اهتزت على تصفيقات الجمهور وهو يردد النشيد الوطني بحماس، ويهنئون أبطال العمل بالورود، وقد حضر الفيلم نخبة من السفراء على رأسهم: السفير الجزائري بسوريا الذي حضر رفقة عائلته، إلى جانب عدد من العاملين بالسفارة الجزائرية، وكذا السفير التونسي ونظيره النرويجي والجالية الجزائرية المقيمة بسوريا. وبمناسبة عرض الفيلم أقامت السفارة الجزائرية بسوريا مأدبة عشاء على شرف الوفد الجزائري واحتفاء بشهر الثورة المجيدة، بحضور نخبة من السفراء وممثلي السلطات الرسمية السورية ورجال الأعمال. * سفير النرويج " غار " من اهتمام الجمهور بالفيلم * لم يخف سفير النرويج بسوريا "غيرته"، أثناء حضوره عرض فيلم "خارجون عن القانون"، وقال لنظيره الجزائري صالح بوشتة : لماذا حضر هذا العدد الكبير من الجمهور الفيلم الجزائري ولم يحضر أحدا عرض الفيلم النرويجي؟. * غضب الوفد الجزائري * استنكر رئيس الوفد الجزائري بمهرجان دمشق ورئيس دائرة السينما بوزارة الثقافة أحمد بجاوي، من المعاملة السيئة التي قابلهم بها منظمو المهرجان الذي لم يستقبلهم في المطار لدى وصولهم، بعد رحلة شاقة، واضطر الوفد الجزائري إلى الاتصال بالسفارة الجزائرية لتنقلهم إلى فندق الشام، مقر إقامة ضيوف المهرجان، وبعد وصولهم إلى الفندق سأل أحد المنظمين الفنانين القديرين أحمد بن عيسى وشافية بودراع عن هويتهما.. الغريب في الأمر أنه لم تكن أسماؤهم مكتوبة ضمن قائمة الضيوف والوفود الرسمية المشاركة في المهرجان، وظلوا ينتظروا لوقت طويل في بهو الفندق إلى أن وجدوا لهم غرفا فارغة، وهنا يطرح السؤال : أهكذا يستقبل السوريون ضيوفهم ! ؟ * شافية بوذراع تتحسر على عربيتها * تأسفت الممثلة القديرة شافية بوذراع وهي تتكلم مع الجمهور السوري، عن عدم قدرتها على الحديث باللغة العربية الفصحى واعتمادها على اللغة الفرنسية في أغلب كلامها، وهنأتهم على فصاحتهم وإتقانهم لغتهم اللغة التي تمنت دائما أن تتكلمها بطلاقة.