أكد وزير الخارجية مراد مدلسي أن ملف الذاكرة سيفرض نفسه خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند المرتقبة في ديسمبر إلى الجزائر رغم أنه غير مدرج في الأجندة الرسمية. وقال مدلسي في حوار لمجلة "جون أفريك" أنه من "الصعب" عدم تناول ملف الذاكرة "حتى وإن كانت غير مدرجة في جدول الأعمال"، مضيفا أن "هذه القضايا لا تهم فقط الحكومتين بل أيضا الرأي العام، علما أن هذه الزيارة بامكانها استحداث الظروف المناسبة لإعادة تكييف ذاكرتنا المشتركة". وكان اليسار الفرنسي بقيادة فرانسوا هولاند قد بارد مؤخرا بعد خطوات لتجسيد التقارب مع الجزائر عشية زيارة الأخير والتي يعول عليها لبعث العلاقات بين البلدين، حيث مرر الإشتراكيون عبر مجلس الشيوخ قانونا يعترف ضمنيا بجرائم الإستعمار بعد أيام من الإعتذار الرسمي عن مجازر 17 أكتوبر 1961. واعتمد البرلمان الفرنسي نهائياً، منذ أيام أول مقترح قانون تقدم به الإشتراكيون لجعل يوم 19 مارس، تاريخ وقف إطلاق النار عام 1962 "يوماً وطنياً" لذكرى ضحايا حرب الجزائر، في لفتة دبلوماسية للجزائر قبل زيارة يقوم بها الرئيس فرانسوا هولاوند الشهر المقبل. وجاء ذلك بعد أيام من اعتراف هولاند بمجازر 17 أكتوبر 1961 لأول مرة، وهو أمر لقي تريحبا في الجزائر وأكد الوزير الأول عبد المالك سلال أنه يعكس نية حسنة من الرئيس الفرنسي لبعث العلاقات بين البلدين، فيما شن اليمين في فرنسا حملة ضد هولاند معتبرين أن هذه التنازلات لصالح الجزائر إساءة للتاريخ الفرنسي. وبعد تولي هولاند الرئاسة اعتبر الرئيس بوتفليقة أنه "وحدها قراءة موضوعية للتاريخ" يمكن أن تتيح للجزائر وفرنسا "تجاوز آثار الماضي الأليم". من جانبه قال الرئيس الفرنسي قبل انتخابه أنه "بين ندم لم يتم التعبير عنه أبدا وتناسي مدان بالضرورة، هناك مكان لنظرة هادئة ومسؤولة لماضينا الإستعماري ولخطوة واثقة باتجاه المستقبل". وكان وزير المجاهدين محمد شريف عباس جدد مطلب الإعتذار في نهاية أكتوبر وقال: "إنه بالنظر لما اقترفه هذا المستعمر من جرائم في حق شعب أعزل، وبالنظر لمخلفاته والآثار العميقة التي تركها (...) من تنكيل وتعذيب وبطش ودمار فالجزائريون يريدون اعترافا صريحا بما ارتكب في حقهم"، ورد وزير الدفاع الفرنسي السابق جيرار لونغيه وهو أحد رجال ساركوزي باشارة بذيئة بيده من استيديو قناة تلفزيون فرنسية، ما أثار ردود فعل غاضبة واسعة في البلدين. من جهة أخرى أكد وزير الشؤون الخارجية أن الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ستمكن من تحديد الأهداف المشتركة لخمس سنوات مقبلة. واعتبرها فرصة للقيام بحصيلة للفترة الممتدة بين 2007 و2011 وتحديد الأهداف المشتركة على مدار السنوات الخمس المقبلة. وتأتي زيارة هولاند حسب مدلسي- في ظروف حساسة للغاية يتميز بانعكاسات الأزمة الليبية والوضع السائد بشريط الساحل الصحراوي خصوصا بمالي فإنه سيعطي لهذه الزيارة "طابعا سياسيا محضا". في نفس السياق أشار وزير الشؤون الخارجية إلى أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية "عريقة للغاية وهامة للغاية وكثيفة للغاية حتى يحكم عليها حسب الظروف، مضيفا: "بالفعل لقد عرفت هذه العلاقات بعض التذبذبات ومرت في بعض الأحيان بمراحل اضطرابات". وأردف مدلسي: "غير أننا نتحدث اليوم عن مرحلة جديدة" مشيرا إلى أن التعاون بين الجزائر وباريس "مكثف جدا" ومنظم على أساس دورات كل خمس سنوات.