عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء}. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي)، وقوله من ربه أي من رحمة ربه وفضله وقوله وهو ساجد أي أقرب حالاته من الرحمة حال كونه ساجدا، وإنما كان في السجود أقرب من سائر أحوال الصلاة وغيرها، لأن العبد بقدر ما يبعد عن نفسه يقرب من ربه، والسجود غاية التواضع وترك التكبر وكسر النفس لأنها لا تأمر الرجل بالمذلة ولا ترضى بها ولا بالتواضع بل بخلاف ذلك، فإذا سجد فقد خالف نفسه وبعد عنها فإذا بعد عنها قرب من ربه قوله: (فأكثروا الدعاء) أي في السجود لأنه حالة قرب كما تقدم وحالة القرب مقبول دعاؤها، لأن السيد يحب عبده الذي يطيعه ويتواضع له ويقبل منه ما يقوله وما يسأله، والحديث يدل على مشروعية الاستكثار من السجود ومن الدعاء فيه، وفيه دليل لمن قال: السجود أفضل من القيام، وعن ثوبان قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط بها عنك خطيئة} رواه أحمد ومسلم وأبو داود، قال يعني معدان بن أبي طلحة اليعمري “لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، أو قال: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته فسكت، ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم “فذكر الحديث، وهو يدل على أن كثرة السجود مرغب فيها والمراد به السجود في الصلاة، وسبب الحث عليه ما تقدم في الحديث الذي قبل هذا “إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” وهو موافق لقوله تعالى: {واسجد واقترب}، وفيه دليل لمن يقول: إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة، وفي هذه المسألة مذاهب أحدها أن تطويل السجود وتكثير الركوع والسجود أفضل، والثاني أن تطويل القيام أفضل لحديث جابر، وإلى ذلك ذهب الشافعي وجماعة وهو الحق، والثالث أنهما سواء، وتوقف أحمد بن حنبل في المسألة، ولم يقض فيها بشيء، وقيل أما في النهار فتكثير الركوع والسجود أفضل، وأما في الليل فتطويل القيام إلا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتي عليه فتكثير الركوع والسجود أفضل، لأنه يقرأ جزأه ويربح كثرة الركوع والسجود، ولهذا وصفت صلاة النبي صل