استغل العاهل المغربي محمد السادس القمة الاقتصادية العربية بالكويت ليجدد المطالبة بفتح الحدود البرية مع الجزائر، واعتبر أن المطلب يستجيب لضرورة الوفاء للأخوة وحسن الجوار والالتزام بالاتحاد المغاربي، وفيما اعتبر الشروط التي تضعها الجزائر لفتح الحدود تغليب للمصلحة الضيقة، عاد الملك المغربي إلى اتهام الجزائر بالتمادي في غلق الحدود من طرف واحد، وهي محاولة مكشوفة لتحميل مسؤولية تعطل البناء المغاربي للجزائر حتى وإن تحاشى محمد السادس الإشارة إلى النزاع في الصحراء الغربية. عاد المغرب على لسان ملكه محمد السادس إلى قضية الحدود البرية المغلقة بين المملكة والجزائر، وأكد العاهل المغربي في رسالة وجهها إلى المشاركين في القمة الاقتصادية العربية المنعقدة بالكويت"حرص المغرب على فتح الحدود بين شعبين شقيقين ،التزاما بالاتحاد المغاربي،باعتباره لبنة للاندماج العربي المنشود، وأوضح محمد السادس أن المغرب يترفع عن تبخيس الهدف منها"، وهي إشارة واضحة إلى الشروط التي تضعها الجزائر للاتفاق على قضية فتح الحدود البرية بين البلدين، وواصل الملك المغربي اتهامه للجزائر قائلا بأنه لا يمكن حصر فتح الحدود ضمن ما أسماه ب "مجرد منفعة ضيقة،أو مصلحة أحادية"،فمطلب فتح الحدود يضيف العاهل المغربي ينطلق "من الوفاء للأخوة وحسن الجوار،والالتزام بالاتحاد المغاربي،باعتباره لبنة للاندماج العربي المنشود"، وعبر من جهة أخرى عن الأسف لتعثر الاتحاد المغاربي،بفعل ما وصفه بعوائق مفتعلة،بلغت حد التمادي في الإغلاق اللامعقول للحدود،من طرف واحد،بين بلدين جارين." ولا تزال قضية الحدود تشكل وسيلة تستعملها الدبلوماسية المغربية للضغط على الجزائر ومحاولة تحميلها مسؤولية تعثر بناء اتحاد المغرب العربي ومسؤولية التوتر الحاصل في العلاقات بين البلدين، علما أن لجوء الجزائر إلى غلق حدودها البرية مع المملكة المغربية جاء بعد إعلان المغرب في 94 عن فرض التأشيرة على الجزائريين من طرف واحد واتهامه للجزائر بالضلوع في تفجيرات فندق بلازا بمراكش وهو ما فندته التحقيقات فيما بعد، وردت الجزائر بالمثل على القرار المغربي القاضي برفع التأشيرات عن الجزائريين الذين يدخلون المملكة مع إبقاء الحدود البرية مغلقة إلى حين التشاور حول مجمل الملفات والأسباب التي أدت إلى غلق الحدود. وتأتي مطالبة الملك المغربي الجزائر بفتح حدودها البرية مع المملكة ضمن مسعى متواصل للسلطات المغربية التي عبرت عن هذه الرغبة في الكثير من المرات، و سبق لمحمد السادس أن دعا الجزائر إلى فتح حدودها البرية مع المغرب وكان دلك بمناسبة بعيد العرش في جويلية المنصرم، وعاد العاهل المغربي إلى نفس المطلب في نوفمبر الماضي بمناسبة الاحتفال بما يسميه العرش العلوي ب "المسيرة الخضراء" في إشارة إلى مسيرة الاحتلال واغتصاب الصحراء الغربية. والملاحظ أن دعوات الملك المغربي إلى فتح الحدود كثيرا ما كانت تأتي في سياق الاتهام وحتى التهديد، والكل يتذكر الخطاب الذي ألقاه محمد السادس والذي اتهم فيه الجزائر بتهديد الوحدة الترابية للمملكة زاعما أن الجزائر تشكل تهديدا لمنطقة المغرب العربي والساحل الإفريقي وللمنطقة برمتها. وتوالت النداءات التي وجهها مسؤولون مغاربة للجزائر لفتح الحدود مع المملكة كان أخرها ذلك الذي وجهه عباس الفاسي الوزير الأول المغربي، فضلا عن بيانات الخارجية المغربية التي أكدت في بيانها الأخير أن المملكة المغربية "دعت بروح من الصداقة الأخوية والصدق الكامل، إلى تطبيع العلاقات مع الجزائر وفتح الحدود بين البلدين، استجابة لتطلعات الشعبين الجلية، التي تجمع بينهما قواسم مشتركة وتحقيق آمال ساكني الحدود، خاصة الأسر المعنية، وكذا فتح الطريق لتدفق السلع التي تشكل اليوم موضوع حركة غير قانونية وتهريب علني"، وقادت الرباط في نفس السياق معارك أخرى للضغط والابتزاز من خلال تحريك ما يسمى بجمعية المغاربة المرحلين قسرا من الجزائر والذين قاموا بنشاطات واعتصامات نددوا من خلالها بالجزائر وبقضية الحدود المغلقة، وطالبوا باسترجاع ما أسموه بأملاك "انتزعت منهم بعد ترحيلهم من الجزائر" مباشرة بعد مسيرة العار. ويتعاطى المغاربة بأسلوب تغلب عليه المناورة في قضية الحدود، فهم يحملون الجزائر مسؤولية قرار تسببوا بشكل مباشر فيه، ويتعمدون توظيف قضية الحدود لأغراض معروفة هدفها الضغط على الجزائر وإظهارها بمظهر الدولة العدوانية التي ترفض طلبات لتحسين العلاقات وحسن الجوار بين الأشقاء، فضلا عن تصوير الجزائر للرأي العام المغاربي والعربي والأوربي أيضا بأنها هي التي تعترض على بناء المغرب العربي وتضع معوقات أمام التكامل المغاربي والتعاون بين دول اتحاد المغرب العربي، ويفضل المغاربة تمرير مطلب فتح الحدود عبر وسائل الإعلام أو عبر قنوات جمعوية وحزبية أو عن طريق خطابات الرسميين مع أن موضوع الحدود هو موضوع حساس يجب أن يتم بشكل مباشر دون كل هذا الهرج والمرج، ويتم التعاطي معه ضمنت اطر دبلوماسية، علما أن الجزائر تتبنى موقفا معروفا وثابتا فيما يتصل بقضية الحدود، فهي تشترط دراسة مجل الملفات المرتبطة بهذا الموضوع خاصة ملف التهريب وملف تأمين الحدود من عصابات التهريب وتجار البشر والعصابات الإرهابية، وتشترط أيضا معالجة الأسباب التي أدت إلى غلق الحدود بأسلوب براغماتي بعيدا عن الضغط والابتزاز والتغني بحسن الجوار.