وجدت وزارة السكن والعمران والمدينة نفسها في مواجهة مرقين عقاريين فرضوا منطقهم في سوق العقار لسنوات رغم عدم إلتزامهم بتطبيق القانون في ممارسة نشاطهم. ويتوقع متتبعون لنشاط المرقين العقاريين في الجزائر أن تجد الوزارة الوصية صعوبة في تطبيق قوانينها الجديدة على مرقين يتمتعون بنفوذ على مستوى هيئات عليا، فيما تقتصر العقوبات على مخالفي القانون من "الحيتان الصغيرة".ويتوقع متتبعون لنشاط المرقين العقاريين في الجزائر أن تجد الوزارة الوصية صعوبة في تطبيق قوانينها الجديدة على مرقين يتمتعون بنفوذ على مستوى هيئات عليا، فيما تقتصر العقوبات على مخالفي القانون من "الحيتان الصغيرة". يأتي ذلك رغم تهديدات وزارة السكن والعمران والمدينة بسحب تراخيص الاعتماد من المقاولين غير النشطين والذين وصل عددهم 5500 حرفي، 2400 فقط ينشطون فعليا. كما نصبت الوزارة لجنة للتحقيق في تماطل المرقين العقاريين والتجاوزات المسجلة في إنجاز المشاريع السكنية التي أسندت لهم على مستوى بعض الولايات. وقطعت وزارة السكن الطريق على المرقين المكلفين بآخر ورشات السكن التساهمي، بعدما أكدت نيتها في الحفاظ على الأسعار المحددة قانونا والمقدرة ب2.8 مليون دينار للشقة مع الإلتزام بالآجال المحددة. وجاءت قرارات الوزارة الوصية في محاولة منها لوضع حد لتجاوزات مرقيين عقاريين والمشاكل الناجمة عن التعامل معهم، حيث ستكون مصالح تبون ملزمة بتطبيق القوانين على كل من يخالف الشروط بما فيهم مرقين عقاريين من نوع خاص تملّصوا من مسؤولياتهم واحتالوا على المواطنين دون أن تتمكن الوزارة من ردعهم، وهو ما حدث في قضية خمسة بارونات للترقية العقارية بولاية عنابة انتهت باقصاء عشرات المواطنين من مشروع 500 سكن ترقوي مدعم بحي سيدي عيسى بعنابة بطريقة وصفت ب"المشبوهة". القضية وصلت إلى قبة البرلمان خلال السنة الفارطة، وطٌلب تدخل وزير الداخلية والجماعات المحلية لفتح تحقيق مع ديوان والي الولاية، بعدما رفض إلغاء قائمة إسمية أعّدها مرقون عقاريون بطريقة "مخالفة للقانون" وحسبما علم، فإن وزير السكن أصدر تعليمة يلزم فيها الوالي بالنيابة، ومدير السكن، بتطبيق القانون وإلغاء القائمة السابقة واستبدالها بالقوائم الأصلية التي هي من صلاحيات مصالح الدائرة. وكشفت لجنة التحقيق الوزارية التي أوفدتها الوزارة أن المرقين العقاريين أعدوا قوائم تضم أبناءهم، إطارات، مستثمرين وتجار كبار على مستوى ولاية عنابة، مقابل دفع مبالغ مالية لا تقل عن 500 مليون ومليار سنتيم رغم أن سعر الشقة تم تحديده من طرف الدولة ب 280 مليون سنتيم، كما حاولوا استغلال شغور منصبي الوالي ورئيس الدائرة منذ أكثر من 18 شهرا للتأشير على القائمة لدى مصالح الصندوق الوطني للسكن دون المرور على اللجنة الولائية المكلفة بدراسة الملفات. كما اتهم المرقون العقاريون بتغيير طبيعة المشروع من إجتماعي إلى ترقوي، بتحويل الشقق فئة ثلاث غرف إلى سكنات من خمسة إلى سبع غرف. وأخذت القضية أبعادا أكبر عندما وجه المرقون العقاريون تهم التهديد والقذف والتشهير لمدير السكن ورئيسة مصلحة السكن، استنادا إلى تسجيل صوتي يحوزون عليه بممارسة الإبتزاز واستغلال النفوذ وإساءة استعمال السلطة، للحصول على امتيازات غير مستحقة مقابل المصادقة والتوقيع على ملف البطاقة التقنية للمشروع، الذي يتم من خلاله حصول المرقين على الدعم المالي لإتمام المشروع. بدوره أمر عبد المجيد تبون من خلال تعليمة وزراية للمرقين العقاريين بضرورة احترام نسبة إنجاز المحلات التجارية والخدماتية والمقدرة ب 20 بالمائة من المشروع كما ينص عليه القانون، وهو ما رفضه المرقون العقاريون وأصّروا على وقف الأشغال وإنجاز 60 بالمائة من المشروع في شكل محلات، رغم أنها سكنات ذات طابع اجتماعي مدعم من طرف الدولة. 62 بالمئة من المرقين العقارين معتمدين 7500 طلب اعتماد و 250 مرقي في القائمة السوداء يعرف سوق العقار زيادة في عدد المرقين العقاريين بعدما تم إيداع 7500 ملف جديد للحصول على الإعتماد، تمت دراسة حوالي 6800 ملف قبل منها 6500 ملف. وحسب أرقام صندوق الضمان والكفالة المتبادلة في الترقية العقارية لسنة 2015، فإن أكثر من 1600 مشروع سكني مفتوح في البلاد من ترقية حرة أو تساهمي ترقوي مدعم تشمل أكثر من 145 ألف سكن. ومنحت وزارة السكن والعمران والمدينة إلى غاية نهاية سنة 2014 أكثر من ستة آلاف اعتماد لمرقين عقاريين عبر التراب الوطني، فيما بلغ عدد المقاولين المسجلين في القائمة السوداء لوزارة السكن والعمران والمدينة 250 على المستوى الوطني، ويتعلق الأمر بمقاولين أخلوا بالتزاماتهم، في حين توجد قائمة أخرى للمرقين العقاريين، وحتى مكاتب الدراسات التي ينتظر أن تتعرض هي الأخرى لعقوبات إدارية تتمثل في سحب الاعتماد وأُخرى قضائية. للإشارة يتم تسجيل حائزي الاعتماد المقيدين قانونا في السجل التجاري في الجدول الوطني للمرقين العقاريين المفتوح لدى الوزير المكلف بالسكن. ويتوّج التسجيل في الجدول الوطني بتسليم المرقي العقاري شهادة تسجيل، الأخيرة تعّد ترخيصا لممارسة المهنة ويترتب عليها بالفعل انتساب المرقي العقاري إلى صندوق الضمان والكفالة المتبادلة للترقية العقارية. وفي السياق، ذكر الأمين العام لوزارة السكن أنه من بين 6514 مرقي معتمد، لم يسجل في الجدول الوطني للمرقين العقاريين سوى 2446 مرقي، ما يمثل حوالي 62 في المائة من المرقين العقاريين المعتمدين، رغم أن شهادة التسجيل تعتبر ضرورية لممارسة النشاط بشكل قانوني منذ سنة 2012 إلا بعض المرقين لا يسجلون ويؤجرون الاعتماد. وتعد عدم حالة التسجيل سبب في سحب الاعتماد، خاصة وأن 27 في المائة من السكنات التي تنجز في إطار الترقيات العقارية يشرف عليها مرقون معتمدون، لكنهم لم يقوموا بالتسجيل في الجدول الوطني، وهو ما يعني أنهم ينشطون بشكل غير شرعي. البيع على التصاميم أكبر منفد للنصب والاحتيال مرّقون في السجون ومواطنون يقطعون الأمل في استرداد أموالهم سجلت مختلف المحاكم على المستوى الوطني عديد القضايا أبطالها مرقين عقاريين تلاعبوا بالمواطنين في مشاريع سكنية لم يتم إطلاقها وأخرى توقفت وفر المقاولون إلى الخارج بعدما جمعوا الملايير. وأخلت وزارة السكن مسؤوليتها من كل هذا، حيث أوضح نصر الدين عازم الأمين العام لوزارة السكن في آخر تصريح له "الوزارة تعلم الولاية، الأخيرة تختار المواقع والمرقين العقاريين الذين يتكفلون بإنجاز المشاريع السكنية لفائدة المواطنين". واعترف الأمين العام لوزارة السكن والعمران والمدينة، بفشل الصيغة السكنية الترقوي المدعم "أل. أس. بي"، على أساس أن انطلاقه جاء دون تأطير قانوني، الأمر الذي أدى إلى تجميد العديد من المشاريع وتملص المرقين العقاريين من مسؤولياتهم، وتحايل البعض منهم على المواطنين، فيما تم تسجيل ما نسبته من المشاريع أطلقها مرقون عقاريون لا يملكون ترخيصا بالنشاط. وسجّلت أغلب عمليات النصب والإحتيال في مشاريع البيع على التصاميم، قبل صدور القانون الخاص بالترقية العقارية الذي منع عمليات بيع السكنات على التصاميم، حيث لا تزال عشرات المشاريع السكنية للمرقين الخواص حبيسة التصاميم النظرية منذ سنوات، بسبب تعقيدات إدارية ومشاكل مادية، ما دفع مئات المواطنين إلى اللجوء إلى القضاء، لاسترداد أموالهم. وفي نفس السياق، انتهت إحدى أكبر الفضائح العقارية بولاية عين تموشنت سنة 2008 بتوقيف المرقي العقاري "ع.ف" المكلف بانجاز 70 سكنا تساهميا بعاصمة الولاية عين تموشنت الذي أحيل على العدالة بتهمة النصب والاحتيال إضرارا بما يفوق 350 مواطنا. وكان المتهم في قضية الحال في حالة فرار بعد صدور أمر بالقبض في حقه ليتم توقيفه من طرف مصالح امن ولاية وهران بإحدى المقاهي سنة 2014 وتم تسليمه إلى مصالح امن عين تموشنت. تعود تفاصيل القضية إلى سنة 2008 أين كلف المرقي العقاري بانجاز 70 وحدة سكنية ذات النمط الترقوي المدعم ليقبض مبالغ مالية كتسديد أولي لما يقارب عن 350 شخصا اكتشفوا انهم لم يكونوا سوى ضحية نصب و احتيال. وعادة ما ينتهي هذا النوع من القضايا بايداع المرقي العقاري رهن الحبس لمدة لا تزيد عن خمس سنوات وفقا لما يقتضيه قانون الإجراءات الجزائية، فيما يعيش المواطن على أمل استرداد أمواله بسبب طول إجراءات الدعوى المدنية. وزارة السكن تنفض يديها مرقون عقاريون" .. لهذه الأسباب فشلت مشاريعنا" يشتكي مرقون عقاريون من عديد المشاكل التي جعلتهم يفشلون في إنجاز مشاريع أطلقوها، منها الإجراءات الإدارية البيروقراطية التي تطال المرقي على مستوى المحافظات العقارية والبنوك التي تطالب المرقي العقاري بضمانات تعجيزية مثل توفر الأراضي وحيازة عقودها الملكية، فضلا عن مشاكل أخرى متعلقة بالنقص الفادح لليد العاملة، والمدة الطويلة لاستخراج رخصة البناء، فضلا على نقص الوعاء العقاري، حيث تجمدت كثير من المشاريع بسبب عدم منح المرقي الوعاء العقاري اللازم لإنجاز المشروع . وعادة ما يجد المرقي العقاري صعوبات كبيرة في الحصول على قطع أرضية تكون الأولوية فيها إلى دواوين الترقية العقارية ووكالة عدل، فضلا على بطء تقديم عقود الملكية من قبل المحافظة العقارية وفي هذه الحالة يوضح الأمين العام لوزارة السكن أن المرقي العقاري غير معني بالإجراءات العقابية الإدارية وحتى القضائية، مفيدا بأن "الوزارة تتكفل بالمشاريع المتوقفة وتسعى إلى طي الملف بشكل نهائي". ويرى أصحاب المهنة أن المرقي العقاري يعمل في درجة كبيرة من الخطورة بسبب المشاكل التي تواجهه، زيادة على التمييز بين المرقين العقاريين في القطاع العام والخاص وعدم استفادة الأخير من أي امتيازات على غرار ما يحصل عادة بالنسبة للشركات الأجنبية النشطة في الجزائر. وبرّر مرّقون عقاريون في عديد المرات بقاء المشاريع السكنية مجرد تصاميم ورقية بكل تلك التعقيدات الإدارية، فيما يجد المواطن البسيط الحل في اللجوء إلى القضاء .