نطقت أمس محكمة الجنح بسيدي محمد بالعاصمة بالأحكام في حق سجناء "كاي بي سي"، حيث تم الحكم بستة أشهر سجنا غير نافذ في حق مهدي بن عيسى، ورياض حرتوف، وغرامة ب 50 ألف دينار، فيما تم الحكم بسنة سجنا غير نافد في حق نورية نجاعي، المديرة الفرعية بالنيابة للفنون الحية بوزارة الثقافة، وغرامة مالية قدرها 100 ألف دينار، بتهمة تسليم وثيقة لشخص يعلم أنه لا حق له فيها، وجنحة استغلال الوظيفة، في حين وصلت إلتماسات وكيل الجمهورية لدى نفس المحكمة إلى عامين حبسا غير نافذ . وقدّمت محامية من هيئة الدفاع في بداية الجلسة دفعا شكليا تطالب فيه ببطلان إجراءات المتابعة لعدم اختصاص محكمة سيدي امحمد للفصل في القضية انطلاقا من القانون الذي ينص أن اختصاص الدعوى يكون في محل وقوع الجريمة أو توقيف أحد المتهمين، وهو الدفع الذي ضُم للموضوع. وخلال مثولها للمحاكمة، نفت المتهمة عباسي نورية تورّطها في الجرم المنسوب إليها مؤكدة أنها وقعت في خطأ مهني كونها لم تنتبه أن طلب الترخيص بالتصوير الخارجي الذي قدّمه رياض حرتوف مدير الإنتاج جاء باسم شركة "ناس برود" وليس بسام شركة "أقاليم" المملوكة لمهدي بن عيسى منذ سنة 2011، مشيرة أنها تعاملت مع بن عيسى انطلاقا من أنه شخصية فنية وثقافية معروفة سبق أن حصل على عديد الرخص من وزارة الثقافة، وزارة الدفاع وغيرها من المؤسسات العمومية خاصة وأنه معروف بأعماله الفنية، مضيفة أنها لم تدقق في الملف ولم تقصد الخطأ الذي وقعت فيه لأنها ظنت أن شركة "ناس برود" هي نفسها شركة "اقاليم" المملوكة لنفس الشخص، مؤكدة أنها لم تتذكر اسم الشركة لأنها وقّعت حوالي 1900 ترخيص وفقا لما يقتضيه القانون لمختلف الأفراد والمؤسسات النشطة في مجال الفنون الحيّة، وهو ما تطابق مع شهادة مساعدة المديرة الفرعية خلال سماعها من قبل قاضي التحقيق. المديرة الفرعية: تعاملت مع بن مهدي كشخصية معروفة ولم افرق بين "ناس برود" و"أقاليم" وأنكرت المتهمة حصولها على أي مزية غير مستحقة من قبل المدير العام لشركة "ناس برود" أو مدير الإنتاج أو حتى تعرّضها لضغوط من طرفهما لأجل الحصول على ترخيص، وهو ما أكّده مهدي بن عيسى الذي أوضح ان شركته قدمت ملفا للحصول على سجل تجاري، أما المتهم رياض حرتوف وبصفته مدير انتاج فأكّد أن وقائع القضية انفجرت بعد شهرين فقط من التحاقه بشركة "ناس برود"، وأنه قدم طلب الترخيص باسم الشركة دون أن يعلم بواقعة عدم حيازة سجّل تجاري. وواجه القاضي بن عيسى بعدم امتلاك شركة "ناس برود" لأي ترخيص من وزارة الثقافة أو وزارة الاتصال مستغربا وقوعه في خطأ رغم أنه صاحب خبرة في المجال، مذكرا المتهم أن الترخيص كان من أجل حصة ترفيهية ولكن مضمونها كان خارجا عن ذلك، غير أن بن عيسى أكّد في اجابته للقاضي أن مضمون حصتي "ناس السطح" و"كي حنا كي الناس" لم يخرج عن طابع ترفيهي وثقافي، موضحا أن الشخصيات التي تمت دعوتها للمشاركة في حصة "كي حنا كي الناس" هي شخصيات ثقافية، فنية وسياسية ورياضية معروفة على المستوى الوطني ولا يوجد ما يمنع دعوتهم يقول بن عيسى. "ناس برود" طلبت ترخيصا للتصوير الخارجي ولم تستعمله من جهتها، أوضحت محامية اطار وزارة الثقافة ان طلب ترخيص التصوير الداخلي باسم شركة "ناس برود" كان بتاريخ 5 ماي 2016 وفي ال19 من نفس الشهر تم الامضاء عليه، ما يؤكد حسبها عدم وجود أي محاباة في التعامل مع بن عيسى، وفي ال21 من نفس الشهر تم الغاء الترخيص الذي اكد الدفاع أنه لم يتم استغلاله في عملية تصوير خارجي كون الحصص تم تسجيلها داخل استوديوهات مغلقة. وأكّدت المحامية ما جاء على لسان موكلتها التي قالت أنها تعاملت مع بن عيسى على أساس الثقة كونه عضو في لجنة التقييم المالي للأفلام على مستوى الوزارة وتنفيذا لتعليمات وزارة الثقافة التي طبقت تعليمة عبد المالك سلال الوزير الأول الذي جاء فيها ضرورة تسهيل جميع الإجراءات الإدارية على مستوى كل الوزارات، في إشارة منها أنه ليس كل طلب رخصة يجب أن يكون مرفوقا بملف، فضلا على أن التصوير داخل الأستوديوهات لا يتطلب ترخيصا من الهيئة المذكورة أنفا. وحسب ما جاء في نص الترخيص الذي قدمه مدير الإنتاج والذي قرئ في جلسة علنية فإن الترخيص لم يضم كلمة أن الحصص ذات طابع "ترفيهي وثقافي"، حيث تملك الإدارة سلطة دراسة الطلب وفي حالة أعطت المواقفة على التصوير فان الجهة المنتجة لا تتحمل مسؤولية ذلك، حسب الدفاع، وعادت محامية مهدي بن عيسى الى سلسلة ما سمّته بالمضايقات التي تتعرض لها قناة "كا .بي.سي" ومن ورائها شركة "ناس برود" انطلاقا من تاريخ 26 افريل 2016 عند تسجيل دعوتين أمام محكمة بئر مراد رايس بخصوص الغاء صفقة بيع اسهم "الخبر" لشركة "ناس برود" التي يدرها بن عيسى، وفي 19 جوان تلقى بن عيسى استدعاء من مصالح الدرك الوطني بخصوص قضية كسر اقفال استوديو قناة "الاطلس"، ولكن التحريات خلصت أنه ليس له علاقة بالموضوع، ولكن وفي اليوم الموالي تلقى بن عيسى استدعاء اخر بخصوص قضية التراخيص، ومنها وضع في الحجز تحت النظر لمدة 48 ساعة قبل أن يصدر في حقه امر إيداع رهن الحبس المؤقت، كما صدر أمر يقضي بمنعه من مغادرة التراب الوطني حتى قبل وصول الملف إلى العدالة. وجاءت نتيجة الخبرة العلمية المنجزة من قبل مصالح الضبطية القضائية للدرك الوطني بمعهد علوم الإجرام والأدلة الجنائية ببوشاوي سلبية، حيث لم يتبين وجود اتصالات مسبقة بين المتهمين. وتساءلت هيئة الدفاع حول حقيقة اسناد عملية التحقيق لمصالح الدرك الوطني فضلا على الجهة التي حرّكت القضية، وفي السياق قالت محامية بن عيسى أن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي اتصل بالمديرة الفرعية بالنيابة وسألها عن سبب منح تراخيص لتصوير حصتين تمسّان برموز الدولة. الحد من حالات الحبس المؤقت لم يطبق في قضية تراخيص "ناس برود"
كما تأسفت هيئة الدفاع المتاسسة في القضية على عدم تطبيق التعديلات الأخيرة التي طرأت على قانون الإجراءات الجزائية في شقّه المتعلق بتحديد حالات الحبس المؤقت، وتحدثوا عن وجود انتهاكات للحريات في قضية "كا .بي.سي" من خلال اصدار امر إيداع رهن الحبس المؤقت في حق المتهمين الثلاثة، كما حاولوا اقناع قاضي الحكم أن الوقائع لا تكتسي درجة من الخطورة وان مسالة التراخيص ليس لها أي سند قانوني كون المتابعة جاءت نتيجة الطابع التهكمي الذي طال عديد الشخصيات وهو ما لم يرق للسلطة، يقول أصحاب الجبة السوداء.