اليوم، ضرب القدر موعدا ل12 نائبا وطنيا عن ولاية الجلفة مع حقيقتهم المرة التي لن تخفيها بعد اليوم أقنعة الخطابات المعسولة عندما التقوا تحت قبة المجلس الشعبي الولائي بممثلي ستة نقابات بقطاع التربية لولاية الجلفة. من الوهلة الأولى، اتضح للجميع أن نوابنا الموقرين لن يعلنوها صراحة حربا ضد معالي الوزير الذي أتى المصيبة عند أول تعيين له. نواب وسيناتور الجلفة، بغض النظر عن رأي كل واحد منهم على حدى، اعتبروا أنه من المهم والأهم مناقشة مسألة حضور ممثلي الإعلام لقائهم مع النقابيين إذ ذكر وكرر أحدهم وأكثرهم ارتباطا بالموضوع أن اللقاء كتب له أن يكون "مغلقا" وكأن به سيناقش قضية أمن دولة. عندما يصر أي شخص على منع الصحافة من حضور أي إجتماع فذلك يعني بالضرورة أنه يسعى لحجب ما سيدور بذات اللقاء عن الرأي العام. ما الذي أراد إخفائه هذا النائب ومن ساندوا طرحه "السوفيتي"؟ إن منتخبينا الموقرين يروجون غالبا أن ما يطالهم من انتقاد من الصحافة المحلية هو نتاج "عدم احترافية" هذه الصحافة وطرحها "الشعبوي" لأنهم اكتشفوا، بعد انتخابهم، أن الأمور أكثر تعقيدا مما تبدو عليه. نعم، هي أكثر تعقيدا مما تبدو عليه ولكن العقدة المتعقدة مع كل عهدة برلمانية هي أن نوابنا الموقرين لم يفهموا بعد أن للدولة رب يحميها، أما هم، فهم مكلفون بحماية من انتخبوهم، أي الشعب. كيف يعقل أن يغض الطرف 11 برلمانيا وسيناتورا عن قضية حرمان 400 موظف بقطاع التربية من رواتبهم الهزيلة منذ عدة أشهر ولا يتزعزع فيهم الإحساس بالظلم وبالتقصير وبالمسؤولية؟ كيف يعقل أن يعتكف 11 نائبا وسيناتورا تحت قبة المجلس الشعبي الولائي ليتمخضوا ويتمخضوا ويتناقشوا ويتجادلوا ويتأرسطوا لمدة فاقت الساعتين ليفروا بعدها من الباب الخلفي ويتركوا ممثلي ستة نقابات، بالإضافة إلى رجال الإعلام، في انتظار أن يبين أحدهم وجهه ويعلنها: نعم، وأخيرا اكتشفنا سر الوجود ومعادلة الخلود. ألم يكن واضحا، منذ البداية، أن الكل متفق على أن قطاع التربية بالجلفة يحتاج إلى من يزعزع أركانه و"يطهره" ويتصل بالوزير والرئيس والولي الصالح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم دراسي ينذر بالكارثة؟ ما كان سيكلفكم لو شرفتمونا بابتسامتكم، بعد ساعات من انتظار انتهاء عمليتكم القيصرية، وأعلنتم ما أعلنتموه، بغض النظر عن فحواه والتي كانت بالمناسبة "سياسية" أكثر منها تمثيلية نيابية؟ لن نزيدكم علما إذا ذكرناكم أن النائب البرلماني هو ممثل الشعب. ولن نزيدكم فقها إذا ذكرناكم أن مستقبل الولاية بين أيديكم. لكننا سنوفر عليكم عناء السفر إذا قلنا لكم أن الوزير يعلم سلفا أن المحتجين بالجلفة يطالبون بمدير كفؤ يليق بالجلفة وبأنه على علم بضرورة "تطهير" قطاع التربية بالجلفة. أما ما لم يتأكد منه الوزير بعد هو هل للجلفة من يضحّي بالنفيس والرخيص من الدفاع عنها؟ وتلك هي مهمتكم.