اتفق المتدخلون خلال اليوم الأول من الطبعة التاسعة لملتقى "طرق التصوف" بقسنطينة والذي اختار موضوع "الصوفية وفقه التحرر"على الدور الفعال الذي لعبه المتصوفة والزوايا إذ كانت معقل النضال والسعي لتحقيق الحرية التي تعد مطلب الإنسانية عبر مختلف أنحاء المعمورة، كما دعوا إلى ضرورة المحافظة على هذا التيار لما له من أهمية والتركيز على توجيهه حسب ما يقتضيه الوقت الراهن. ركزت المحاضرات التي برمجت في يوم الأول من الملتقى الذي سيستمر إلى غاية 21 من هذا الشهر بمشاركة أزيد من 20 دولة، على أن التيار التصوفي لطالما كان دعما قويا لمختلف الحركات التحررية عبر مختلف أرجاء المعمورة وجب الاهتمام بتجربته الفعالة سيما لما يشهده القرن الواحد و العشرون من نزاعات وصراعات فجرت الكثير من الحروب الدامية في مناطق عديدة عبر العالم، إذ اتفق المتدخلون على أن التصوف وسيلة لتحرير العقول و الأوطان كما أنه يعد مكسبا وإرثا ثقافيا وحضاريا ضاربا بجذوره في أعماق التاريخ، خاصة وأنه لعب دورا بارزا في تحويل مسار العديد من الشعوب التي كانت مقيدة الحرية بفعل الاستعمار الغاشم، مشيرين في ذات السياق إلى دور الزوايا في محاربة الاستعمار و الحفاظ على الهوية الوطنية وعدم اقتصارها على البعد الروحي والإنساني فقط و إنما امتدت إلى تحرير الأرض. وقال الدكتور "عبد المنعم قاسمي الحسني" من جامعة "ورقلة" في محاضرة ألقاها، بأن أول من وضع أسس التصوف في قسنطينة هو الشيخ حسان بن باديس جد العلامة عبد الحميد بن باديس الذي أسس أول مدرسة صوفية بشرق البلاد بعدما كانت حكرا على مناطق الوسط وغرب البلاد بعدما أنشأها في مدينة بجاية سيدي بومدين الغوث، لتمتد بذلك من داخل الوطن إلى خارجه، حيث أجمع المتدخلون على غرار محمد ماجد السيد محمد الحزماوي من جامعة القدس بفلسطين و كذا عبد العزيز المنصوب من جامعة اليمن اللذان أكدا على أن حركات المقاومة الشعبية التي ظهرت خلال القرن ال 19 قد استوحت نفحاتها من بعض الطرق الصوفية التي كان لها باع و صيت آنذاك بالجزائر، على غرار الزاوية الرحمانية التي قادت العديد من الثورات لمجابهة الاستعمار الفرنسي الذي كان يضع لها ألف حساب و التي كانت نبراسا لمقاومة الأمير عبد القادر بغرب البلاد. للتذكير يحط الملتقى رحاله كل سنة في ولاية جزائرية ويختار في كل مرة موضوع، حيث نظم العام الماضي بولاية تلمسان بالتزامن وكونها عاصمة للثقافة الإسلامية، ويشهد في طبعته التاسعة مشاركة أزيد من 70 محاضر من أزيد من 20 دولة من أنحاء المعمورة.