مما لا شك فيه أن المنتجات البلاستيكية كانت أحدث ما قدمته الصناعات الحديثة للشعوب، والتي انتشرت بشكل كبير؛ نتيجة لتميزها بسهولة الاستعمال والوزن الخفيف، كالأكياس البلاستيكية أو العبوات التي يتم بواسطتها نقل أو حفظ أو تداول معظم المنتجات الغذائية. باتت ربة المنزل تعتمد على العبوات البلاستيكية بشكل كبير في حفظ المشروبات والأغذية، وكذلك الطفل في المدرسة لا يكاد يستغني عنها، فبواسطة الكيس البلاستيكي يحفظ الساندويتش لحين موعد الاستراحة بين الحصص، كما أنه يستخدم القارورة المصنوعة من البلاستيك لحفظ الماء؛ نظراً لخطورة حمله القارورة الزجاجية، ولعل هذه الاستعمالات باتت تهدد الإنسان بالخطر على صحته؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن المنتجات البلاستيكية من شأنها أن تنشأ أمراضاً مختلفة لدى الإنسان، سواء عبر المواد المستخدمة في تصنيعها والتي تتحلل وتذوب في الأطعمة المحفوظة بداخلها، حيث حذرت إحدى الدراسات من خطر الأدوات البلاستيكية لاحتوائها على مادة "لاكسين". ودراسة أخرى حذرت من خطورة تلك الأدوات إذا ما أعيد استخدامها مؤكدة أن الأدوات البلاستيكية كزجاجات المياه المعدنية صالحة لمرة واحدة من الاستعمال فقط. " لها أون لاين "في سياق التقرير التالي تستعرض بعضاً من الدراسات التي أثبتت خطر البلاستيك على صحة الإنسان، وما توصلت إليه من نتائج مبينة على حقائق علمية وتعرض شكوى المواطنين في صعوبة التخلي عن أدواته التي تدخل في كافة مناحي الحياة اليومية. كثيرة هي الدراسات والأبحاث العلمية التي تناولت خطر البلاستيك على صحة الإنسان، سواء بإصابته بالعديد من الأمراض السرطانية الناتجة عن تحلل المواد المستخدمة في تصنيعه؛ نتيجة الاستعمال المتكرر أو تنظيفه بمواد قلوية، ولعل المواد البلاستيكية المعاد تصنيعها أكثر خطراً على صحة الإنسان من تلك المصنعة للمرة الأولى. فبحسب دراسة نشرتها أكاديمية العلوم الأمريكية فإن خطورة إعادة تدوير البلاستيك تكمن في فرص انتقال مركبات العبوة الأولية –البتروكيماوية- للغذاء المعبأ داخلها، وما ينتج عنها من تراكم مع مرور الوقت يؤدي إلى التسمم أو إتلاف الأعضاء الداخلية للكائن الحي. وتتحدث دراسات قدرت 150 دراسة أجراها مركز كاليفورنيا للأبحاث والدراسات البيئية عن أن العبوات البلاستيكية المعاد تصنيعها والتي اعتاد الإنسان منذ إنتاجها على استعمالها في حياته اليومية بشكل كبير تؤدي إلى الإصابة بالأمراض السرطانية؛ نتيجة احتوائها على العديد من المواد الكيميائية الداخلة بعملية التصنيع، وأشارت الدراسات إلى بعض الأمراض السرطانية التي يصاب بها الإنسان نتيجة استعمال المواد البلاستيكية، منها: سرطان الثدي والرحم، بالإضافة إلى أنها تزيد من فرص الإجهاض، وتعمل على خفض مستويات هرمون تستستيرون في الجسم، كما أنها تحتوي على مادة BPA والتي تعمل على إفساد أنظمة المناعة لدى الأطفال. وذات النتائج أكدت عليها د. سحر العقبى رئيس قسم علوم الأطعمة والأغذية بالمركز القومي للبحث في تصريحات صحفية لها حيث أشارت إلى أن الأكياس البلاستيك والنايلون وعلب البلاستيك والتي تستخدم في حفظ أو نقل المواد الغذائية لها أضرار خطيرة على الصحة، وتزيد فرص الإصابة بالسرطان؛ بسبب وجود مواد كيميائية تدخل في صناعة الأواني البلاستيكية وتتفاعل مع المواد الغذائية المحفوظة أو المنقولة بواسطتها. ولفتت إلى أن أكثر المواد الغذائية تفاعلاً مع المادة الكيميائية في البلاستيك هي المواد الدهنية، حيث يسهل ذوبان المادة البلاستيكية بها، وأوضحت الدراسة أن تسرب المواد البلاستيكية وما بها من مواد كيميائية إلى الغذاء يختلف وفقاً لدرجة الحرارة ومدة التخزين من حيث قصرها أو طولها. يصعب الاستغناء عنه تشير ربات البيوت إلى اعتمادهن على العبوات البلاستيكية في تخزين الكثير من الأطعمة؛ أملاً منهن في الحفاظ عليها لتبقى صالحة للاستخدام لفترة أطول، تؤكد وفاء داود في نهاية الثلاثينيات من عمرها أن استخدامها للمواد البلاستيكية شبه يومي حيث تعمد إلى حفظ الأطعمة بواسطته، فمثلاً حين يتبقى بعضاً من الطعام تعمد إلى نقله في علبة بلاستيكية وتضعها في الثلاجة لاستخدامها في اليوم التالي، كما وتقوم عند شراء الجبن إلى تفريغها من العبوة الكرتون ووضعها في الثلاجة بعلبة من البلاستيك لضمان بقائها صالحة للاستخدام لمدة أطول على حد تعبيرها، وتشير السيدة إلى أنها لا تشعر بخطورة ذلك خاصة وأن أي من الأعراض المرضية لم تظهر عليها أو على أحد من أفراد أسرتها، كما أن طعم الجبن لا يتغير ويبقى بذات النكهة والرائحة الطيبة نتيجة حفظه في الثلاجة. وترى نسرين حماد أن البلاستيك بات يدخل في كثير من الاستعمالات اليومية، ومن الصعب الاستغناء عنه. فهي تستخدمه لتغليف الساندويتشات لأطفالها أثناء ذهابهم إلى المدرسة، وكذلك زجاجات المياه التي يصطحبونها إلى المدرسة مصنوعة من البلاستيك وكثير من المواد الغذائية المعلبة إما أغلفتها بلاستيكية أو موضوعة في علب من البلاستيك، وتضيف:"إذا أردنا تجنب استعمال البلاستيك على المصانع أن توجد البديل". أما سماح إسماعيل فتشير أن أخطار البلاستيك التي تحدثت عنها الدراسات العالمية المختلفة أيضاً نالت من الأطفال، فهم منذ الصغر يتعرضون لمخاطره نتيجة استخدامهم للرضاعات المصنوعة من البلاستيك، ولا سيما الألعاب وأهمها العضاضة التي يستخدمها في سنته الأولى؛ لتساعده على بروز الأسنان، وبالتالي تنتقل إليه المواد الكيميائية الداخلة في تركيبها وتحدث له أضرارا مختلفة، مطالبة الجهات الحكومية في الدولة إلى الانتباه لأخطار البلاستيك، خاصة المعاد تدويره وتصنيعه بحيث تعمل على تصنيعه في المواد البعيدة على الاستخدام الآدمي المباشر كالكراسي والطاولات وغيرها من الأدوات الكهربائية. استخدام حذر ولا تختلف عنها السيدة مها أشرف في منتصف الأربعينات من العمر، التي تؤكد أنها على الدوام تستخدم العبوات البلاستيكية بأنواعها المختلفة الشفافة والسميكة ذات الجودة العالية والأقل جودة، لكنها تبتعد عن حفظ الأطعمة بها وهي ساخنة، مشيرة إلى أنها تجعل الأطعمة تبرد، ومن ثمَّ تضعها في العبوات البلاستيكية؛ لضمان عدم تفاعل المادة البلاستيكية مع الأطعمة. ولكن على الرغم من الارتياح التي أبدته السيدة مها كونها تستخدم العبوات البلاستيكية بحذر يجنبها قليلاً من أضرارها، إلا أن استشاري التغذية وأستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة القاهرة د. محمد سعد عبد اللطيف أشار إلى أن تعبئة الأطعمة في العبوات البلاستيكية خطير جداً. وبشيء من التوضيح أشار إلى أن العبوات البلاستيكية تحتوي على مادة البوليمر وهي عند تفاعلها مع الأطعمة المحفوظة فيها تحدث تفاعلات ضارة، وأشار إلى أن الأكياس البلاستيكية أيضاً تشكل خطراً على صحة الإنسان، خاصة إذا ما تم وضع أنواع الطعام فيها ساخنة، وأضاف أن العبوات البلاستيكية التي يتم حفظ الألبان فيها أكثر خطورة على صحة الإنسان، والأسباب أن عملية تعقيم الألبان قبل حفظها في العبوات البلاستيكية تتم بنوع من الأشعة تسمح بالتفاعل مع البلاستيك ومكونات اللبن، داعياً إلى استبدال العبوات البلاستيكية بعبوات من الزجاج أو الستانلس تيل أو الأكروبال والسوليفان بدل من الأكياس البلاستيكية. منتج لاستخدام واحد فقط وعلى الرغم من المخاطر التي تحدثت عنها الدراسات عن أثار استخدام الإنسان للمواد البلاستيكية، خاصة التي تستخدم في حفظ أو نقل الطعام والشراب إلا أن بعض من الخبراء أشار إلى أن عدد من المنتجات البلاستيكية خفيفة الضرر إذا ما تم استعمالها لمرة واحدة فقط كزجاجات المياه المعدنية. يشير مدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة الفلسطينية د. فؤاد الجماصي إلى أن زجاجات المياه المعدنية والأدوات البلاستيكية بشكل عام المخزن بها الطعام التي تستخدم من الإنتاج لأول مرة الضرر فيها قليل؛ لأنها تكون معقمة ويراعى في إنتاجها استخدامها لمرة واحدة فقط، داعياً ربات البيوت إلى عدم تكرار استعمال تلك الزجاجات؛ لأن غسلها بالمواد القلوية يؤدي إلى تفاعل البلاستيك مع أي مادة غذائية يتم تخزينها بها، مما يجعلها على حد تعبيره غير صالحة للاستخدام الآدمي أو أي غرض من الأغراض الأخرى، كما أنها تشكل خطراً على صحة الإنسان، وتصيبه ببعض الأمراض الخطيرة كالأمراض السرطانية. لافتاً إلى أن تأثير الخطورة على صحة الإنسان يتحدد بدرجة الحرارة التي سيوضع بها، وأشار إلى أن الحل الأمثل لإعادة استخدام المواد البلاستيكية التي تكون لصالحة للاستخدام لمرة واحدة، أن يتم تدويرها وإعادة تصنيعها في أدوات أخرى كبعض المستلزمات الكهربائية أو الشماعات الخاصة بالملابس والسلاسل والطاولات والكراسي والبلاستيكية وغيرها من الأدوات التي تبعد عن الاستخدام الآدمي اليومي في الطعام والشراب