حرصت طاعة لله على مراقبة قلبها وتعهده كما يتعهد الواحد منا زهرة رقيقة يخاف على وريقاتها من السقوط مع هبات الريح... كانت كأي فتاة طبيعية تطرق المشاعر قلبها خاصة أنها كانت مولعة بالأدب والشعر واللغة والجماليات ولكنها ظلت تسيج قلبها لكيلا يدخله إلا من يستحقه فهي ترى قلبها رأس مالها ولم تكن مستعدة لتسلمه لكل من هب ودب كانت محط أنظار الكثيرين فالشباب يطوفون كثيرا ولكنهم عندما يرسون على بر ينتقون على الأغلب ذات الأخلاق التي يحبون أن يتربى أولادهم في كنفها، وقد رفضت الكثيرين وهي تبحث عن المعادلة المثلى في صاحب الدين والخلق إلى أن صادفت شابا يصنف من المتدينين ودخل عليها بكلام الدين والعمل والهم المشترك والمشاريع فتحرك بينهما ما هو أكبر من ذلك من مشاعر بشرية لم تظل حبيسة الصدر طويلا فصارحها بأن يريدها في الحلال للآن لا بأس في القصة الواقعية التي تتكرر في حياتنا كثيرا سوى أن (البطل) لم يكن على قدر كلمته بعد أن أملها ووثقت به وأحبته ونسجت أحلاما بحياة مستقبلية ورأت فيه كل طموحاتها في الرجل! وتم الفراق بجروح أكبر وأوجع في نفس الفتاة وأقل أثرا في نفس الشاب، فالرجل لا يكسره حب امرأة ويسهل عليه أن ينقل فؤاده حيث شاء من الهوى أما المرأة فقلبها ملكية حصرية والكسور فيه تبقى آثارها والجروح تظهر ندوبها حتى لو كانت في صورة ذكرى مؤلمة قد تتجاوزها أو لا تستطيع ذلك! تتكرر هذه السناريوهات العاطفية في مجتمعنا وتكثر قصص الخيبة ولم يعد قصر مدة التعارف ولا طولها يغني عن الصدق شيئا، فبعض الرجال يتسلون بالعواطف والقلوب كما يتسلون بالألعاب على هواتفهم وحواسيبهم ويحبون أن يعيشوا حالة الحب والهيام وأن يكون فارسا في نظر امرأة ويحاولون تسجيل الأهداف وقطع المراحل دون نهاية تتكلل بنصر حاسم وقد يترك اللعبة مللا ويتحول إلى غيرها!!! للاسف أن الأنثى هي الأضعف في معادلة العواطف وبالذات إذا كانت على خلق فتجربتها محصورة ومثالية ومن يدخل عليها بقال الله وقال رسوله وركعتين في المسجد وكلمتين حفظهما من كتاب وشعار يردده قد يأخذ بلبها!! ناهيك أن كلمة الحب لأول مرة في قلب لم يدق سابقا لشخص بعينه يكون لها مفعول السحر! لذا ربما لم يرد لنا الدين أن نتعمق في مشاعرنا حتى نتثبت من أساسيات في الحياة أهم بكثير من دقة قلب ستخف مع السنين وتتخذ أشكالا أخرى أعمق أو أقل! و لكن لا يمكن لنا أيضا مع قلة الأمانة في الرجال وكثرة التزين أن نحرق المراحل ونسارع الى الإتمام فتكون الخسارة أكبر والمصيبة أعظم والكسر مضاعفا! جاء في الحديث الشريف الذي يشجع على النظر إلى المخطوبة (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) وفعل يؤدم بالمضارعة دلالته موحية على أخذ الوقت والتمهل، فهذا الفعل المتعلق بالديمومة وهو الزواج يحتاج إنجازه وثباته إلى وقت وليس صنيع لحظة ولا نظرة عين فقط رأت ما أعجبها من حسن ظاهر فأخذت قرارا مصيريا سينتج عنه إما جنة في الدنيا أو جحيم سيؤذي فردين والداهية إذا شمل أكثر!! مشكلة عندما لا يعود الدين في الرجال يعني الأمانة والثقة للنساء في مستقبلهن الأسري لأنه تدين شكلي لا يجاوز الحلوق!! مشكلة عندما تصبح الأخلاق رداء يلبسه الرجال في الملأ ويخلعونه عند باب البيت!! مشكلة عندما تغيب المرؤءة والرجولة فيبقى أشباه الرجال الذين يسولون لأنفسهم التلاعب بالنساء لأغراضهم الشخصية!! مشكلة أن يصبح الزواج بطيخة مخفية اللب أو ضربة حظ يا تصيب يا تخيب ويكون العهد على كتاب الله وسنة رسوله مجرد كلام لا يعي بعض رجال هذا الزمان أن رجال الزمان المجيد كانوا يضحون بحياتهم لأجل ثوب امرأة وصرخة امرأة، وكم دمعت اليوم عيون وكم كسرت قلوب وكم هضمت حقوق ورجال اليوم يرون الرجولة خشونة صوت وهرمونات ذكورية وقوة جسدية ومباهاة أمام الأقران ولسانا يبعبع دون فعل!! أيها الرجل لا يليق بك أن (تتولدن) وتراهق بمشاعرك كالصبية!! للرجولة ضريبة في النظرة والكلمة والتصرف إذا لم تكن مستعدا لدفعها فصدق أن الرجولة ليست حاصل تحصيل لك لمجرد أنك خلقت ذكرا!! كم من رجال عفوا عن مشاعر فاض بها القلب ونظرات تاقت لها العين وأفعال تحركت نحوها الجوارح مراعاة لله في قلوب الآخرين وقد قيل (إن من أعظم ما يجب أن يتقي الإنسان ربه فيه هو قلوب الآخرين) من هنا يبدأ الإمساك بالمعروف أن تمسك نفسك عما تحب وعمن تحب إذا كنت تعرف أنك لست أهلا لحفظ القلوب وإنفاذ العهود خلاصة الكلام للنساء: لا تسلمي قلبك من أول كلمة وأول نظرة وأول جلسة مشاهدة فإن نخاسي الكلام والنظرات والمشاعر كثر والقلب رأس مال الإنسان ومثل أولئك من قليلي الذمة سيبيعونه برخيص الخذلان، فمن لا يبذل في الحب إلا الكلام لن يقوى على الفعل وكلمته في سوق الرجال لا تساوي فلسا! بعض الخطوات على الطريق: الاستخارة والاستشارة والتؤدة والتريث والدعاء بقرة العين وأن يكون ابتلاء المرء في زوجه ثم أن يكون كل شيء في النور فما يستخفي منه الإنسان في السر ربما ليس نبيلا لأن يتم في العلن، ورجل يحرص على المرأة في السر مع غياب رقباء البشر وحضور الرقيب العليم الخبير سبحانه قمين أن يضعها على رأسه في العلانية ليس هناك شيء اسمه أعظم حب وبعده حطام أو على الدنيا السلام فلو كان ذلك لما وصلت خديجة رضي الله عنها إلى محمد صلى الله عليه وسلم ولا عوض الله أم سلمة برسول الله ولا تنقلت أسماء بنت عميس بين الكرام والأفذاذ جعفر وأبي بكر وعلي كيف نرى المستقبل؟ بعين الأمل في أن الخير باق ولو على قلة وندرة وبعين الرجاء أن تربي الأم أبنها على العفة والأمانة والحياء من الله والإجلال لعهوده حتى نسلم فلذات أكبادنا والمؤنسات الغاليات وقواريرنا دون خوف أن تعود مكسورة في اليوم التالي! الصلاة الصلاة واستوصوا بالنساء خيرا كانت من آخر الوصايا والأمانات التي عهد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمته، الأولى فرض يصلك برب السماء لتحفظ أمانة وحقوق أهل الأرض ولو صحت الأولى لصحت الثانية ومن فرط في الثانية فلن تنفعه الأولى فكم تساوي في سوق الرجولة وكم تساوين في سوق الأنوثة بميزان تقوى الله؟ -بتصرف-